محمد كناص-غازي عنتاب
نحو أربعمئة قتيل ومثلهم ويزيد من الجرحى في أحياء المعارضة بحلب شمالي سوريا، وذلك في إثر غارات من الطيران الحربي الروسي والسوري بمختلف الأسلحة لا تزال مستمرة لليوم التاسع على التوالي بعد انتهاء الهدنة التي توصلت إليها واشنطن وموسكو.
ولم تتمخض جلسة مجلس الأمن بشأن سوريا أول أمس الأحد عن شيء إلا رسالة وحيدة أوصلها مندوب النظام السوري بشار الجعفري تقول إن النظام وحليفه الروسي ماضيان في الحل العسكري حتى استعادة السيطرة على كامل حلب، ولم يوفر الطرفان جهدا في التأكيد بأنهم يستهدفون عناصر إرهابية في أحياء حلب المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة.
معركة مرتقبة يقول الناطق باسم جبهة فتح الشام حسام الشافعي عن ردة فعلهم في حال استمر النظام وحليفه الروسي بهذه الهجمة إن القادة العسكريين -خاصة في جبهة فتح الشام- يرتبون صفوفهم ويحشدون المزيد من المقاتلين لأن المرحلة القادمة تحتاج إلى قوات انغماسية واقتحامية كبيرة، والمعركة قريبة جدا.
ويضيف الشافعي أن "الغنائم التي حصل عليها جيش الفتح في كلية المدفعية جنوب حلب تكفيه لخوض عدة معارك كبيرة".
ويقول عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار -وهو ابن مدينة حلب- إن ما يحصل في مدينته يمكن إيقافه عن طريق سحب الذرائع من يد المجتمع الدولي، "فالروس والنظام وحتى المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا لم يوفروا جهدا في مجلس الأمن في تشويه حقيقة الثورة بالقول إن من يقتلون بحلب هم عناصر إرهابية تابعون لجبهة فتح الشام".
البيت الداخلي ويضيف نشار أنه لا بد من ترتيب البيت الداخلي للثورة، وإعادة تقديمها للمجتمع الدولي، وذلك عن طريق اقتراب جبهة فتح الشام أكثر من نظرائها، وإعلانها مشروعا وطنيا خالصا سوريا، وتلاقي مشروعها مع المشروع الوطني الذي توصلت له معظم الفصائل العسكرية والأطياف السياسية المعارضة في المؤتمر الذي عقد بالعاصمة السعودية الرياض العام الماضي.
ويرى المعارض السوري أن هذا الالتقاء بين المشروعين سيحرم المجتمع الدولي المتخاذل، ومن ضمنه الولايات المتحدة والروس والنظام السوري أيضا من العزف على وتر محاربة الإرهاب.
ويوضح نشار أنه عندما يرى المجتمع الدولي أن ما يحصل في سوريا هو ثورة تحمل مشروعا وطنيا واحدا تحميه فصائل عسكرية متحدة ومتوافقة عليه لن يبقى أمامه إلا الاستماع لمطالب السوريين.
ويرى أنه لا يمكن المراهنة على الحس الإنساني للمجتمع الدولي بعد كل المجازر المرتكبة بحق السوريين، ويضيف أن ذلك المجتمع هو مجتمع مصالح وليس مبادئ. ويقول نشار إن حلب يمكن أن تصمد على هذا الحال مدة شهر في أحسن الأحوال لو استمر القصف على الوتيرة نفسها، فأبناؤها يضحون بكل ما لديهم لكن لا تمتلك حلب مقومات مواجهة الحصار طويلا.
صمود محدود ويتوقع المحلل العسكري فايز الأسمر ألا تصمد حلب ستة أشهر، ومدة هذا الصمود مرهونة بما تبقى لدى المقاتلين من ذخيرة، وذلك إذا ما استمر النظام والروس بهذه الحملة العسكرية، وإن لم يكن لدى مقاتلي المعارضة المبادرة لدفع الحصار وفكه من جديد.
ويضيف المحلل العسكري أنه ليس لحلب سلة غذائية مثل الغوطة بريف دمشق حتى تقاوم الحصار طويلا، إنما هي عبارة عن كتلة إسمنتية وهي أحياء فقيرة بالأصل.
ويقول الأسمر إن النظام عمل على استهداف محطات المياه والكهرباء والنقاط والمشافي الطبية، مما خلق عامل ضغط على الأهالي وبالتالي على المعارضة المسلحة، ويشير المتحدث نفسه إلى أن النظام يسعى لخلق ثورة من الداخل على مقاتلي المعارضة بتأليب الأهالي عليهم، ووضعهم تحت ضغوط إنسانية لا تحتمل.
ويخلص الأسمر إلى أن النظام السوري سيعمل على قضم أحياء حلب شيئا فشيئا من الشمال والجنوب حتى يحرم المعارضة أولا من الحزام الآمن، وثانيا يبعدها عن فك الحصار، ثم سيشن عليها هجمات تستنزفها وتستنزف ذخيرتها، ويلي كل ذلك هجوم واحد يحشد له النظام طويلا.
المصدر: الجزيرة نت