أمس أرسلت لي قريبتي الجميلة ميرنا،
منذ ساعات قليلة كانت حية ونابضة بالحياة
تعايدني على عيد ميلادي بكل حب وجمال
منذ قليل قتلت في قذيفة .....
قتلت هكذا في حقد وكراهية وهكذا ....
لم يخترها الموت هكذا ، بل صراع وحوش
في قانون غاب مقيت .....
لم تكن هي فقط من رحلت قسراً بل هناك الكثير الكثير
ومازال هناك كثير قادم
هيا لنكذب في كلمة الشهداء تبريراً لموتهم
لنبجل الألم والظلم بذل
ونكذب ونكذب ونكذب
كم أننا مثيرون للشفقة
لنبرر الصمود بعشق الوطن
والوطن هو أيضاً كذبة
والحقيقة هي الفقر او خوفنا من التغيير
لنبرر الفقر والألم والموت والكراهية
بعدة أسماء وهمية لا تنتهي
لنبرر ونكذب ونكذب ونكذب
كيف أكمل جولتي السورية وعن ماذا أتكلم .....
وأدافع وأحارب ....
كم شعرت بتفاهتي أمام هكذا موت ....
كم كرهت مايسمى وطن وشهداء وسياسة
كم كرهت مايسمى مدينتي وانتمائي وصمود وحرية وغربة
على الأقل أمام هكذا ألم
على الأقل ك عبدة للفوضى ولحياة لا أعلم بها إلا لا أعرف
على الأقل رغم عبوديتي التي لا خيار لي بها لن أبرر للقبح مهما يكن .....
وهذه الحرب لم تكن إلا من فضحت وقتلت كل وهم في هكذا عالم
وانا التي أعلم الاوهام قبل حدوث الحرب ومنذ ولادتي
وقد كنت ابنة فيلسوف متطرف حر وأم تقليدية جميلة الداخل كفطرة.
أنا الأنثى المتمرغة بالتطرف واحترام الموت دوماً لأنه الحقيقة الوحيدة على هذا الكوكب البائس
أنا التي سرقت الكراهية من تحبه
انا الانسانة التي كانت الدماء السرية منتفضة أمام عيونها بوقاحة لتشوه مايسمى براءة بها بأقصى الوحشية
ومع ذلك كله كنت من أشد المدافعين الشرسين عن الاوهام رغم عدم وجودها في روحي
كنت من أشد المدافعين عنها لأنهم وقود لاستطاعتنا الاستمرار في حياة مليئة بالألم.
ليكون التحدي الذي اخترته عن إدراك في نشر الجمال لا بل خلقه من قبح مظلم، تحد شديد الشراسة على نفسي،
تحد قطرة ندى أمام جفاف صحراء رملية حارقة
تحد شمعة تذوب أمام ظلام شره جداً لابتلاعي لعشقه في امتلاك نساء من امثالي .....
تحد من أجل الطفلة بداخلي وكل طفل داخلنا
هؤلاء الأطفال الأيتام الذين يحلمون دوماً بالله المحبة
بذلك الأب الصامت الغائب منذ الخليقة حتى الآن ....
تحد دمرته الحرب بعهر وهي تضحك أمامي بسخرية
تحد جعلني أعود والحزن يقبل عيوني
أذوب في الكواليس التي أعشقها منذ طفولتي
وأمارس انتحارات تخصني كتمرد على الذل أمام هكذا عالم مؤلم
أعود لعشيقي الصمت الذي أنتمي له منذ طفولتي
حيث كنت أسمى الطفلة الغريبة النحيفة الصامتة
وأعود لعالم اللاشيء بدون لغة ولا أفكار ولا انتماءات
نعم أعترف أنني تعبت .....
أعترف بهشاشتي أمام مايحدث
أعترف ببكائي وآثار تشوهات الحرب على جسد روحي
ومابعد الحرب أيضاً
أعترف بكراهيتي لكلمة الأمل التي كنت من أشد مستخدمينها ونشرها كبائعة مخدرات لا أكثر
أعترف بحقدي على مايسمى تفاؤل حيث يصبح إهانة عند كل موت متوحش حدث في بلدي
أعترف بهزيمتي ...... يوماً بعد يوم ويوم ويوم
وأطلب من كل قلبي المليء بالثقوب أنه لا يوجد شيء لدينا في هذا العالم إلا أن نحب بعضنا البعض
وكم كان هائل هكذا طلب وصعب .....
وحتى تعريف الحب مليء بالتملك والنفاق والتدمير
اطلب بسذاجة أن نكون ذلك الله الجميل لبعضنا البعض
كل مايحدث من توحش هو نتيجة للألم
لعدم اعترافنا أننا ضعفاء
لسعينا وراء وهم القوة
هو نتيجة لكل وهم في السيطرة على الطبيعة
هو نتيجة بائسة من ضعفاء أكثر على ضعفاء أقل
أعلن انسحابي من الفيس بوك والانعزال لأجل غير محدد
لأن الكلام أيضاً وهم والتعبير عن الحزن هباء
وكل كلمة نكتبها ليست إلا كذبة حقيرة أمام أنفسنا
لنهرب من الاعتراف بالقبح والحقيقة
من التغيير ومن الرحيل للمنفى عبر الوعي
ولم يكن هناك من صحيح مطلق بقدر الصمت .....
وداعاً ......
↧