ظهرت في الساعات الأخيرة ملامح اصطفاف غربي، أوروبي ــ أميركي، في وجه التفرد الروسي بالملف السوري، والذي نال حقنة دعم من الأمم المتحدة، بعدما نجح المبعوث إلى سورية ستيفان دي ميستورا في الترويج "للحلول" على الطريقة الروسية والسورية الحكومية، القائمة على تهجير سكان حلب الشرقية ليحتلها النظام السوري والمليشيات الأجنبية، بدل أن يكون الحلّ هو وقف المجازر.
.
وقد تُسقط روسيا، اليوم السبت، مجدداً، مشروع قرار، فرنسي الهوية، لوقف إطلاق النار في حلب، وسط دعوة أميركية للتحقيق بجرائم حرب روسية في سورية. وإن أسقط المشروع الفرنسي "الناعم" أصلاً بالفيتو الروسي، يصبح ممكناً أن يخطو الغرب الأوروبي والأميركي خطوة إضافية في الموقف الخجول من مجازر النظام السوري وروسيا.
.
وقبل انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، بدعوة روسيا، والتي ترأس المجلس لشهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرولت، أن "مشروع القرار أمام مجلس الأمن حول سورية يُشكّل لحظة الحقيقة بالنسبة لروسيا، اليوم". وصرح أيرولت في حضور كيري بمقر وزارة الخارجية الأميركية: "غداً (اليوم) سيكون لحظة الحقيقة، لحظة الحقيقة بالنسبة الى جميع أعضاء مجلس الأمن: هل تريدون، نعم أم لا، وقفاً لإطلاق النار في حلب؟ والسؤال يطرح خصوصاً على شركائنا الروس". وأضاف "هذا المشروع الذي نطرحه هو بالتأكيد برسم النقاش لكنه يتضمن نقطتي قوة: الأولى هي وقف إطلاق النار ووقف القصف والتحليق الجوي فوق حلب (...)، الثانية هي إيصال المساعدة الإنسانية. لن نسكت (...) عن تدمير حلب".
.
وكان أيرولت قد بدأ جولة شملت موسكو وواشنطن، لمناقشة قرار يفرض وقف إطلاق النار في حلب ومنع تحليق الطائرات فوقها. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع أيرولت، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أن "الأعمال الروسية في سورية تستدعي تحقيقاً في جرائم حرب"، مضيفاً أن "هناك تساؤلات عن السبب وراء استهداف روسيا والنظام السوري للمستشفيات، ومنها مستشفى في حلب، مساء الخميس، أوقع 20 قتيلاً".
وفي ردّ روسي، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن "مشروع القرار الفرنسي يحوي عدداً من النقاط غير المقبولة، وأنه سيّس قضية المساعدات الإنسانية". مع العلم أنه يمكن لروسيا في حال التصويت على مشروع القرار أن تستخدم حق الاعتراض "الفيتو" بوصفها أحد الأعضاء الدائمين في المجلس وهو ما يعني عدم صدور القرار. وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن "روسيا ستقترح تعديلات خاصة على المقترح وتأمل أن توضع في الاعتبار"، كما أبدى استعداده "لدعم مقترح دي ميستورا" بشأن اصطحاب مسلّحي "جبهة فتح الشام" لخارج مدينة حلب. حتى إنه طلب من مقاتلي المعارضة في حلب "تقديم ضمانات مكتوبة بأنهم انفصلوا عن جماعات إرهابية، وسيمكن عندئذ إلحاقهم بأجهزة مشتركة لفرض القانون والنظام مع السلطات". من جهتها، ظلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مشغولة بمناشداتها الإنسانية لموسكو، فقالت إنه "لا يوجد أساس في القانون الدولي لقصف المستشفيات وأن على موسكو المساعدة في وقف العنف المتصاعد". وأوضحت أنه "يتعيّن إنهاء هذه الجريمة الوحشية بأسرع ما يمكن".
لجهة المعارضة السورية، فقد رأت أن "ما طرحه دي ميستورا ينسجم مع أهداف النظام السوري وروسيا لإفراغ حلب من المقاتلين والسكان، على غرار ما حدث في مناطق أخرى مثل حمص وريف دمشق"، فيما طالبت الحكومة السورية المؤقتة بـ"إقالة دي ميستورا لوقوعه في خطيئة مهنية كبيرة"، معلنةً وقفها الفوري جميع أشكال التواصل معه ومع فريقه.
وذكرت الحكومة أن "دي ميستورا بدلاً من أن يدين العدوان على حلب، والذي تستخدم فيه جميع الأسلحة بما فيها المحرّمة دولياً، انحاز إلى رواية النظام السوري وروسيا، وقدم لهما المبررات للاستمرار في العدوان، مقايضاً تقديم المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى والمرضى بالاستسلام وإفراغ المدينة من أبنائها". وأضافت أن "ذلك يجعل الأمم المتحدة التي يمثلها، شريكاً في المشروع الهادف إلى إحداث تغيير ديمغرافي على أساس طائفي في سورية".
المصدر: العربي الجديد - واشنطن ــ العربي الجديد، عدنان علي
↧