كشف تقرير أعدّه، أخيرا، معهد البحوث والاستطلاعات الأميركي «فيو»، عن حجم تبرعات اليهود في العالم للمؤسسات والجمعيات الإسرائيلية، وقال إنها بلغت 3 مليارات دولار في السنة. إلا أنها شهدت تراجعا في السنوات الأخيرة، عوضه مؤيدو الكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة وغيرها، الذين سارعوا إلى زيادة معدل تبرعاتهم. كما أن أوساطا شعبية في كل من الصين واليابان وسنغافورة وتايوان، انضمت بدورها إلى جمهور المتبرعين لإسرائيل.
وعقبت مصادر إسرائيلية على هذه المعطيات، بالتأكيد على تلقي إسرائيل، ما يعادل 8 مليارات دولار من التبرعات سنويا، بينها 3 مليارات دولار مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، و3 مليارات أخرى من اليهود الأفراد والمؤسسات في الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب، ونحو نصف مليار من المسيحيين الإنجيليين (نصفها من الإنجيليين الأميركيين والبقية من دول أخرى في العالم)، وهي مساعدات متفرقة.
ولفت النظر في تقرير «فيو»، الارتفاع المتواصل في نسبة دعم الإنجيليين لإسرائيل، منظّمات وأفرادًا، خلال السّنوات الأخيرة، حيث تقدمت، على نسبة الدّعم اليهوديّ، فهي تزداد سنة بعد سنة. وقد بدأت في مطلع العقد بقيمة 200 مليون دولار، وبلغت في السنة الأخيرة 280 مليونا. ويثير هذا الدعم، تلبكا في إسرائيل. إذ إن الكنيسة الإنجيلية، التي تعلن أن عدد المنتمين إليها في العالم يبلغ حاليا 285 مليون شخص، أي ما يعادل قرابة 13 في المائة من مجمل المسيحيين، تعتبر كنيسة قوية ذات رسالة قوية معادية لليهودية.
وقد أشارت مصادر دينية مقربة من الحاخامات اليهود، إلى وجود قرابة 12 منظّمة إنجيليّة تنشط في إسرائيل، وتسعى لإقناع اليهود بمعتقداتها، القائلة إن المسيحية هي اليهودية الحقيقية. لذلك تطلق على نفسها اسم «الصّهيونيّة المسيحيّة». وتؤمن بضرورة «دعم عودة الشّعب اليهودي إلى الأرض المقدّسة وتعزيز حكمهم فيها». وأعرب مدير العلاقات العامّة، فيما يسمّى «السّفارة المسيحيّة الدّوليّة في القدس»، ديفيد فيرسونس، لصحيفة «هآرتس»، أمس، عن مدى الدّعم المتزايد من الإنجيليين، قائلا: «دعم إسرائيل بات تيّارًا مركزيًّا في كنيستنا». وهذه السفارة تتخذ من مدينة القدس الشرقية مقرا دوليا لها، منذ عام 1980، وتنظم آلاف رحلات الحجيج المسيحي إلى القدس، كلّ خريف، وهي تموّل في إسرائيل برامج إنسانيّة مختلفة، بالأساس، للمسنّين والمهاجرين. وقالت مصادر إسرائيلية إنه «أينما تعاظمت الحركة البروتستانتية، تتعاظم الرّغبة في مساعدة البلاد المقدّسة، ما يُترجم بدعم في الدّولارات»، وإن «غالبيّة التبرّعات المسيحيّة لإسرائيل يتمّ تلقّيها من منظّمات إنجيليّة».
وفي سياق المقارنة بين نسبة التبرع الإنجيلي مقابل التبرّع اليهودي لإسرائيل، يقول المسؤول السّابق في الوكالة اليهوديّة، د. ميشا غالفرين، إنّه «خلافًا للتبرّع اليهوديّ، التبرّع المسيحي آخذ في الارتفاع، حتّى في الفترات الاقتصاديّة الصّعبة. ناهيك عن وجود عدد أكبر بكثير من المسيحيين في العالم (مقارنة باليهود)».
ويشير فيرسونس إلى «انعتاق قسم كبير من اليهود من الحساسيّة التاريخيّة في تلقّي اليهود أموالاً من المسيحيين، رغم استمرار معارضة المؤسسة الدينية اليهودية الأرثوذكسية لها». وأشارت صحيفة «هآرتس»، إلى أنّه «حينما بدأ الإنجيليّون دعم أهداف إسرائيليّة، قبل 35 عامًا، لم يجر تلقّي الأموال برغبة دائمًا، حيث إن غالبيّة الحريديم (المتديّنين اليهود)، يرفضون تسلم أموال، حتّى اليوم، من المسيحيين، تحسّبًا من كون المنطلق الحقيقي لتبرعّهم، إغراء (اليهود) بترك اليهوديّة».
وصرّحت مديرة المنظّمة الإنجيليّة «مسيحيّون أصدقاء لإسرائيل»، التي تعمل منذ عام 1985 في القدس المحتلّة، شارون ساندرس، بأنّ «المزيد والمزيد من الدّعم يصلنا من أميركا اللاتينيّة، بالأساس من البرازيل، وذلك لتنامي وتعاظم هذا التيّار المسيحي في أميركا اللاتينيّة بشكل كبير. وهناك عالم إضافي فتح أمامنا، في السنوات الأخيرة هو سوق آسيا، وبالأساس، تايوان، الصين، سنغافورة اليابان».
المصدر: الشرق الأوسط
↧