الحمد لله على نعمة العقل ! ..
لا يمر أسبوع دون أن تجد على الفيس بوك مقطعا يظهر طقوسا دينية أو اجتماعية معينة لمجموعة بشرية ما .. ودائما ما يترافق تداول هذا المقطع أو ذاك مع عبارة سخرية أو استهزاء وهي (الحمد لله على نعمة العقل !) في إشارة إلى بعد تلك الطقوس عن العقل ! في مقابل العقلانية المفرطة والصارمة للمستهزئ الساخر ! ...
من الطبيعي أن يتعجب المرء من طقوس الآخر الدينية والاجتماعية .. والسبب بسيط: فهو لم يألف هذه الطقوس ! ولم يعتد على تلك العادات .. ولكن .. أن يتم إقحام العقل في دائرة تقييم هذه الطقوس بحيث يصبح الممارس لها (فاقداً للعقل !!) .. ومن يتجنبها هو (أبو العقل وأمه ! ) .. فهنا أم المصائب !! وأبوها أيضا ! ..
من المفيد تذكير الساخر من طقوس الآخرين وعاداتهم بحقيقة بسيطة جدا وهي أنه هو ذاته يمارس طقوسا وعادات يراها الآخرون غريبة وعجيبة وغير مفهومة ! بل ويعلقون عليها بالقول: (الحمد لله على نعمة العقل !!) .. وقائمة الطقوس والعادات الغريبة عند الشعوب طويلة لا تنتهي: الطواف حول الكعبة .. السعي بين الصفا والمروة .. رمي الجمرات .. حركات وهيئات الصلاة .. المعمودية في الماء .. تناول الخبز والماء الذي يتحول إلى جسد ودم .. التصليب .. الملابس الاستعراضية العجيبة للكهنة والقساوسة .. وقائمة لا تنتهي من طقوس اليهودية والبوذية والهندوسية والزرادشتية .... بل حتى في دائرة الحياة الاجتماعية هناك ركام من العادات والممارسات ذات الطابع الطقسي الغريب (الهالويين – بابا نويل ) .. والسؤال: بأي حق نمنح أنفسنا الحق في السخرية من طقوس الآخرين بعبارة (الحمد لله على نعمة العقل !) ونحن نمارس طقوساً يسخر الآخرون منها بعبارة الحمد لله على نعمة العقل !) ..
حكمة للعقلاء فقط: من كان بيته من زجاج فلا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة ! ..