انحرفت مقابلة رئيس النظام السوري بشار الأسد مع صحيفة " كومسومولسكايا برافدا " الروسية عن مسارها، عندما بدأت الصحافية داريا أسلاموفا فجأة، بإعطائه دروساً "قيمة" حول كيفية إدارة البلاد والإعلام من واقع التجربة الروسية خلال الحرب العالمية الثانية.
.
وبدلاً من أن تتخذ المقابلة شكل السؤال والجواب التقليديين، تحولت أسلاموفا في منتصف الحوار إلى انتقاد مظاهر الحياة الطبيعية في العاصمة دمشق مطالبة بإرسال كافة الشباب إلى جبهات القتال بدل جلوسهم في المقاهي وتدربهم في مراكز اللياقة البدنية: ماذا يفعل هؤلاء هنا؟ أرسلوهم جميعاً إلى الجبهة، أنا لا أفهم لماذا لم تقوموا بتعبئة عامة للجيش كما فعلنا نحن في الحرب الوطنية؟ بشكل عام عندما كان لدينا حرب كبيرة أرسلنا جميع الرجال إلى الجبهة"!
.
وأكملت أسلاموفا انتقاداتها الحادة، وكأنها ولا تحاور "رئيس دولة" ذا قيمة اعتبارية مفترضة، بل تكتب مقالة رأي حول جدوى الإعلام السوري الذي توحي برامجه التلفزيونية بحياة مثالية في البلاد بعكس الحرب الفعلية، مضيفة باستهجان: "أشاهد ذلك وأفكر، يا إلهي أنا في بلد أسمع فيه عن كيفية انفجار الألغام في المدن، وهنا أرى كأن شيئاً لا يحدث، يبدو لي وكأن هذا مبالغ به".
.
ويحاول الإعلام السوري بشكل دائم عكس صورة غير واقعية عن مناطق سيطرة النظام بأنها تعيش حالة من الرفاهية والسعادة المطلقة، مثل الحفلات الصاخبة على الشواطئ أو الملاهي الليلية، وازداد ذلك في الفترة الأخيرة مع كمية المهرجانات السياحية التي يروج لها النظام تحت شعارات "الاستمرار في الحياة" أو "الصمود". في السياق، رأت أسلاموفا بأن هذه الصورة السلمية التي يحاول الإعلام الرسمي فرضها، كاذبة وغير حقيقية وتضر بالروح الوطنية للموالين: "لا تعجبني هذه الصورة للحياة السلمية، هذا غير موجود هنا"، مستشهدة بحالات من روسيا ومن تجارب عائلتها الشخصية حول كيفية إدارة البلاد "أيام الحرب الوطنية العظمى" أي الحرب العالمية الثانية.
.
لا تشكل هذه النصائح سوى حقيقة الوصاية التي تمارسها روسيا على البلاد، ليس على المستوى الرسمي فقط، بل على المستوى الإعلامي والشعبي، منذ إعلان التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب النظام في حربه ضد الشعب السوري، العام 2015، حيث باتت البلاد أقرب لمنطقة روسية جديدة بالنسبة لإعلام الكرملين على ما يبدو، ويظهر الأسد هنا وكأنه موظف حكومي روسي أو رئيس بلدية ريفية صغيرة تحاسبه صحافية من العاصمة بشراسة على أخطائه.
.
وبدأت تلك الوصاية بالتوضح منذ الأيام الأولى للتدخل عندما تحولت برامج التلفزيون الرسمي لعرض الأغاني والمسلسلات الدرامية التلفزيونية، فيما باتت أخبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتصريحاته أكثر أهمية من أخبار الأسد نفسه، كما تحولت الأخبار السورية إلى نوع من أخبار المحليات بالنسبة للإعلام الروسي (سبوتنيك، روسيا اليوم، ..) وتحديداً تلك المتعلقة بقاعدة حميميم والنشاطات الروسية المختلفة في البلاد عسكرياً ومدنياً.
المصدر: المدن - المدن - ميديا
↧