يبدو أن ميزانية النظام تعاني جفافا مالياً، عقب مضي 6 سنين عجاف على الحرب في سوريا، سلة من القرارات الجديدة، تثقل كاهل السوريين داخل البلاد وخارجها، تفرغ مدخراتهم في جعبة حكومة النظام، كان آخرها قرار زيادة رسوم المغادرة من سوريا، عبر ما تبقى له من معابر حدودية.
رفع رسوم المغادرة 4 أضعاف
في عام 2008 أصدرت حكومة النظام قراراً، يقضي برفع رسوم المغادرة من الأراضي السورية، فكان السفر جواً هو الأعلى تكلفة، تراوح رسمه بين 800 ليرة، للمغادرين السوريين وغير السوريين إلى دولٍ عربية، و1500 ليرة للمغادرين جواً إلى دول أجنبية.
ونص القرار أيضاً على فرض رسمٍ، وقدره 2000 ليرة عن كل سيارة سورية خاصة ” إذ عوملت السيارات «غير السورية» في الرسوم كـ«السورية»” وتخفيض كلفة السفر براً من 880 ليرة، ليصل شاطئ 500 ليرة للمغادرين إلى لبنان و الأردن و تركيا، الأمر الذي أثار حفيظة سائقي الشاحنات العابرة لسورية باستمرار.
خلال الحرب، لجأ النظام إلى الأتاوة مجدداً، فطرق باب القانون عام 2013 لتشريع قرار، يقضي برفع ضريبة المغادرة عبر المطار إلى 2000 ليرة، بدلاً من 1500 ليرة، وكذلك رسم مغادرة الأشخاص برسمٍ قدره 1000 ليرة، بدلاً من 500 ليرة.
أما المركبات فكانت حصتها في الرسوم النصيب الأكبر، إذ غادر رسم السيارة عباءة الـ2000 ليرة، لينضوى تحت 4000 آلاف ليرة، الأمر الذي رآه مراقبون أنه “منفذٌ للثراء الوطني، يصل إلى مليار ليرة سورية على أبعد تقدير”.
عادت الرسوم مجدداً تطرق أبواب الزيادة، فأصدر النظام في العام الحالي قراراً، يثمن المغادرة جواً بـ5000 ليرة، و2000 ليرة، على من يغادر عبر المنافذ البرية أو البحرية، و10 آلاف ليرة عن كل سيارة خاصة.
تأتي الزيادة الأخيرة على رسوم المغادرة، عقب ارتفاع وتيرة الهجرة من سوريا، جراء الحرب الدائرة فيها، الأمر الذي استدعى أعباء مالية مضافة، جعل من الجواز السوري خامس أسوأ جواز في العالم، بعد أن كان يحتل المرتبة 12 في الـ2011.
ويعفى من الرسوم الأطفال من هم دون سن العاشرة, والمسافرون العابرون الذين لا يغادرون المنطقة الجمركية, وحاملو جوازات السفر الدبلوماسية السورية, وسائقو السيارات العمومية السورية.
نصف مليار دولار عائدات الهجرة والجوازات
جباية أخرى تقتات على معاناة السوريين، فكانت إدارة الهجرة والجوازات، أعلنت عن لائحة جديدة، تتضمن كلفة الحصول على جواز سفر، أو تجديده، أو إصدار بدل تالف (ضائع)، وذلك عبر موقع وزارة الخارجية على الإنترنت كالآتي:
حيث أصدر النظام في 2013 قراراً، يقضي بتسعير الجواز أو وثيقة السفر بمبلغ 400 دولار، من يطلبه بصفة مستعجلة، و200 دولار وفق نظام الدور، ألحقه قرار آخر يقضي بضرورة الحصول على موافقة أمنية لقاء تجديد الجواز، الأمر الذي منع السوريين من إجراءه.
لكن حكومة النظام استدركت عن تلك الخطوة في نيسان 2015، فأمكن تجديد الجواز دون الموافقة، بتكلفة 400 دولار مع لصاقتين تمديد؛ كلفة كل لصاقة 200 دولار، ليصل كلفة الجواز السوري 800 دولار (440.000 ألف ليرة)، لمدة 6 سنوات.
في وقت سابق، أشارت صحف مقربة من النظام، أن إدارة الهجرة تصدر سنوياً ما يقرب حاجز المليون جواز سفر، في غضون ذلك، بينت إدارة الهجرة والجوازات أن عدد الجوازات الممنوحة والمجددة داخل البلاد، بلغت أكثر من 330 ألف جواز سفر، منها أكثر من 300 ألف جواز منح لأول مرة (بتكلفة 120 مليون دولار= 66 مليار ليرة)، ونحو 30 ألفاً تم تجديده (6 ملايين دولار= 33 مليار ليرة)، وبلغت إيرادات الهجرة في العام الماضي أكثر من 512 مليون دولار.
11 معبراً حدودياً خارج يد النظام
تملك سورية 9 معابر حدودية مع تركية شمالاً وهي: معبر كسب في اللاذقية، معبر باب الهوى في إدلب، معبرا باب السلامة و جرابلس، ومعبر عين العرب في حلب.
شرقاً حيث معبر تل أبيض في الرقة في حين تحظى الحسكة بـ3 معابر هي: معبر رأس العين، ومعبر القامشلي- نصيبين، هو المعبر الوحيد في الحسكة تحت سيطرة النظام، في حين أن معبر عين ديوار انضوى تحت سيطرة الإدارة الذاتية.
إلى الحدود شرقاً، تملك البلاد ثلاث منافذ هي: معبر اليعربية في الحسكة، يسيطر عليه المقاتلون الأكراد، معبر البوكمال في دير الزور، ومعبر التنف جنوب دير الزور، وهو المعبر الوحيد مع العراق الذي بقي تحت سيطرة النظام
في حين كان نصيب سوريا من المعابر الجنوبية خجولاً، يقتصر على اثنين هما: معبر نصيب في درعا، وهو تحت سيطرة النظام، ومعبر الجمرك القديم، لتبقى المعابر على الحدود اللبنانية، وهي: جديدة يابوس، والدبوسية، وجوسية، وتلكلخ، وطرطوس، الواجهة الأخيرة لسد عجز ميزانية النظام، فجميعها تحت سيطرته، يضاف إليه الجزء المتبقي من حدود البلاد، المطلة على البحر المتوسط، وكذلك المرافئ.
في حين أوجد التهريب بين سوريا و لبنان، في العهد القريب، متنفساً تجارياً بعيداً عن أعين القانون عبر طرقٍ جبلية، باتت اليوم سبيلاً لتهريب الأرواح الناجية، من الحرب الدائرة في سورية.
وعليه، يمكن حساب الوارد إلى خزينة النظام بشكل تقريبي، حسب ما نشرته صحف مقربة منها عن الوارد اليومي لأحد المعابر السورية اللبنانية:
يستثى من ذلك حساب الوارد من حمولة الشاحنات، والتي تسعر برسم أعلى مما هو مفروض على الأشخاص والسيارات، كما اقتصر الحساب على 8 معابر فقط، من أصل 19 معبراً، فهي المتبقية بيد الدولة، حيث خسر الأخير قرابة 2 مليار ليرة يومياً من العائدات الخاصة، من رسوم مغادرة الأشخاص والسيارات فقط، عبر 19 معبراً، مكتفياً بـ720 مليون ليرة في اليوم.
لكن مردود الرسوم على خزينة الدولة يبقى خجولاً أمام مصدر “الثراء العاجل”، حيث نشرت صحف مقربة من النظام تقريراً يشي بأن إدارة الهجرة منحت 300 ألف جواز، وجددت 30 ألفاً، ما يعني:
قرارات لسد عجز الميزانية
ويرى خبير في الشأن الاقتصادي فضل عدم ذكره لموقع الحل، أن “إقدام النظام على إصدار قرار ثانٍ، حول رسوم المغادرة وتكلفة الجواز، وعلى فتراتٍ متقاربة، كان آخرها عام 2013، يشي بالضرورة إلى عجزٍ غير خفي على أحد في ميزانية البلاد، خاصة أن قطاعات الإنتاج الرئيسة كالصناعة والتجارة والزراعة، التي خرجت كثير من أراضيها عن احتسابها في الناتج القومي، دخلت مرحلة الموت السريري”. على حد وصفه
وبين الخبير أن النظام يسعى في قراره الخاص برفع رسوم المغادرة، جاء كخطوة لتعويض خساراته من عائدات المعابر الحدودية، بعد خروج 11 معبراً عن قبضتة شمالاً مع تركيا، وشرقاً مع العراق، إذ يسيطر النظام فعلياً على 8 معابر حدودية، من أصل 19 معبراً، أي بيده 5% فقط من عائدات المعابر.
وأوضح الخبير أن “قرار رفع الرسوم «غير مستغرب»، إنما يشي بقرارات لاحقة ومماثلة على فترات متقاربة، فالبلاد تدخل سنتها السادسة والحرب مستمرة، والقطاعات الباقية على قيد الحياة محدودة، أبرزها الاتصالات”.
رانيا عيسى: الحل السوري
↧