تمكن اللاجئون السوريون، أخيراً، من التعبير عن ثقافتهم المحلية، وفنونهم الشعبية في الشوارع الأوروبية، إذ تشكَّلت أولى فرق العراضة الشامية في المهجر، والتي تحمل اسم "فرقة غزلان الشام" التي بدأت بممارسة نشاطها في العواصم والمدن الأوروبيّة.
عادةً، عندما تحتك مجموعات الأفراد المختلفة الثقافة ببعضها البعض وبشكل مباشر، تجري عمليات المثاقفة أو التبادل الثقافي، فتتأثر كل مجموعة بثقافة الأخرى وتؤثّر بها، الأمر الذي توقّع العالم بأسره حدوثه منذ أن هاجر السوريون إلى أوروبا، فتوقَّعوا أن يُحدِث الوافدون السوريون أثراً في الثقافة المحلية. سعت الحكومات الأوروبية ومنظمات المجتمع المدني إلى العمل على مفهوم الاندماج مع المجتمع الجديد، وتعرض هذا المفهوم لنقد كبير، إذ وصفهم البعض بأنّه يطلب من الأفراد المهاجرين قطع الصلة مع الثقافة الأصلية التي تربّوا عليها، وتغيير الكثير من العادات والقيم والتقاليد الثقافية، ليتمكّن اللاجئون من الانصهار في المجتمعات الجديدة.
ولأن الفن هو التجلي الأبرز لثقافة الشعوب، فإن الحكومات والمنظمات المدنية الأوروبيّة، سعت لتكريس العروض والأشكال الفنية السورية التي تتسم بالتبعية للثقافة والحضارة الأوروبية، كالأفلام القصيرة والمسرحيات، فموَّلت مئات المشاريع الفنية للاجئين السوريين، والتي يقدمون فيها غالباً عروضاً تحكي في محتواها حكايات اللاجئين، ولكن بقوالب فنية أوروبية. ولكن توجيه التمويلات نحو المشاريع الفنية والثقافية المتشابهة، لم يمنع بعض السوريين من التغريد خارج السرب، ومن محافظة بعض الشباب الذين كانوا يعملون في مجال الفنون الشعبية في سورية على أصالتهم الفنية، ومنهم فرقة "غزلان الشام" التي بدأت بتقديم استعراضاتها في الشوارع الألمانية بداية الشهر الماضي.
ويدير فرقة "غزلان الشام" شابان دمشقيان بسيطان، يُلقَّبان بأبو العز وأبو الفهد. أطلقا الفرقة، بداية هذا الشهر، على صفحات التواصل الاجتماعي، وعرضا خدماتهما لتقديم العراضة الشامية في ألمانيا وأوروبا. ومنذ ذلك الحين، والفرقة تنشر صوراً وفيديوهات لها، وهي تؤدي عروض العراضة الشامية، ورقصة السيف والترس، ورقصة الميلوية.
وقال أبو العز في حديث خاص مع "العربي الجديد"، عن أسباب إنشاء هذه الفرقة: "رغِبْنا بتقديم العراضة الشامية في أوروبا، ليعرف الأوروبيون أن الشام هي مهد الحضارات، وبأنَّ لدينا الكثير من الأمور الجميلة التي من الممكن أن نقدمها في هذا المكان، ولذلك جمعت أنا وأبو الفهد مجموعة من الشباب الذين كانوا يعملون في فرق مختلفة للعراضة الشامية في سورية، وتدرَّبنا على مجموعة من الأغاني والرقصات المناسبة للأعراس والمناسبات، كافتتاح المحلات مثلاً. وعندما قدمنا عروضنا في ألمانيا، تفاعل معنا الألمان بشكل لطيف، وتصوّر بعضهم معنا، وأحبوا رقصة السيف والترس كثيراً، وشعرنا بالسرور لأننا قدمنا صورة جميلة عن بلدنا المعذب سورية".
وعلى الرغم من أن المشروع في بدايته، ومن الصعب التنبؤ بمستقبله في ظل غياب الرؤى المستقبليّة لأصحاب المشروع، إلا أن نجاح تجارب مماثلة للفنون السورية الشعبية في أوروبا، مثل ظاهرة عمر سليمان، قد يبشر بظواهر فنية شعبية جديدة للاجئين السوريين.
عمر بقبوق: العربي الجديد
↧