عشية الانتخابات الأميركية ترتفع حدّة المخاوف على اقتصاد الولايات المتحدة على المديين القريب والمتوسط. يبدو ذلك جلياً في قراءات وكالات التصنيف وكبرى المؤسسات والمصارف من جهة، وفي حركة الدولار والأسهم الأميركية غير المستقرة من جهة أخرى. وبينما يسعى كل من المرشحَين الأميركيين، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، إلى استمالة الناخبين الأميركيين إلى خططهما الاقتصادية للفوز بالانتخابات الرئاسية، ينكب الاقتصاديون على تحليل وتقدير أثر خطط كل من المرشحين على اقتصاد البلاد راهناً ومستقبلاً. قبل الدخول في التوقعات غير المتفائلة حيال خطة ترامب الاقتصادية، فقد عمّم تقلّص الفارق بين المرشّح الجمهوري ومنافسته كلينتون، شعور القلق في أسواق الأسهم والعملات، وانعكس سلباً على أداء الدولار، لاسيما بعد أن أعلن ترامب بعدم نيّته رفع أسعار الفائدة في حال فاز في الانتخابات الرئاسية. ولأن رفع أسعار الفائدة يرتبط بمدى تعافي الاقتصاد، وهو ما يسعى إلى إقراره المجلس الإحتياطي الاتحادي منذ مدة، فإن المحافظة على أسعار الفائدة المنخفضة (في حال فوز ترامب) ستودي حتماً بمكاسب الدولار. من هنا انعكس قلق الأسواق من فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، على الدولار فسجّل أسوأ أداء أسبوعي له منذ 12 أسبوعاً، وتراجعت العملة الأميركية بنسبة 1.2 في المئة مقابل سلة عملات رئيسية. لا شك أن الخطط الاقتصادية للمرشحَين ستُحدث تغييراً جذرياً في التوقعات لاقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، وفق قراءة مورغان ستانلي إحدى أكبر المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة، إلا أن خطة ترامب ونظرته المستقبلية إلى الاقتصاد الأميركي ستسهم في تعميق الهوة بين النمو والعجز. وبالتالي، الى إضعاف الدولار. ومن المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأميركية، وفق أحدث الدراسات لأوكسفورد إكونومكس للأبحاث، بنسبة 5 في المئة عن التوقعات السابقة للعام 2021، ولاسيما بعد تنفيذ ترامب خطته لجهة الاتفاقات التجارية وخفض الضرائب، أي أن الاقتصاد الأميركي سينكمش بنحو تريليون دولار بعد انتهاء ولاية ترامب في حال فاز في الانتخابات الرئاسية. أما في حال فوز كلينتون وإبقائها على السياسة الحالية للضرائب فمن المتوقع أن يحافظ اقتصاد الولايات المتحدة على معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي والذي يراوح بين 1.5 في المئة و2.3 في المئة. وفي شهادة لجنة الميزانية الاتحادية، فإن خطط المرشحَين ستزيد حجم الدين العام الأميركي، ومن المتوقع أن تضيف خطة ترامب الاقتصادية نحو 5.3 تريليون دولار على الدين العام، فيما ستزيد خطط كلينتون نحو 2 تريليون دولار فقط خلال السنوت العشر المقبلة. تحليلات كثيرة وأرقام متباينة لمستقبل الاقتصاد الأميركي في العهد المقبل، وبرامج اقتصادية تشكل العمود الفقري للحملات الانتخابية للمرشحَين الأميركيَين، ولكن ذلك لا يشيح النظر عن التراجع المستمر في مالية الولايات المتحدة وتراكم دينها العام. فبحسب مكتب الميزانية في الكونغرس تجاوز إجمالي الدين الفيدرالي عتبة 19 تريليون دولار، أي بزيادة بلغت نحو 9 تريليونات دولار خلال فترة حكم الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهي نحو 7 سنوات، ومن المتوقع أن ينمو الدين العام ليصل إلى 22.6 تريليون دولار بحلول عام 2020، وإلى 29.3 تريليون دولار بحلول عام 2026.
المصدر: المدن - عزة الحاج حسن
↧