يُبذَل مسعى أخير في الداخل اللبناني للإعلان عن التشكيلة الحكومية النهائية يوم الاثنين غد، أي قبل يوم واحد من «يوم الاستقلال» المصادف يوم الثلاثاء المقبل، تلبية لرغبتي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف النائب سعد الحريري. وهذا رغم أن المسألة قد تبدو صعبة في ظل تمسك كل فريق بموقفه ومطالبه، وبالتحديد فيما يتعلق بالحقيبة الوزارية التي من المفترض أن يحصل عليها تيار «المردة» الذي يرأسه الوزير السابق النائب سليمان فرنجية.
ويرفض الثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، وحزب القوات اللبنانية الذي يرأسه سمير جعجع حصول فرنجية على حقيبة خدماتية أساسية مثل الصحة أو الطاقة أو الاتصالات، بينما يبدو المرشح الرئاسي السابق (أي فرنجية)، متمسكًا بإحداها بغطاء يؤمنه له الثنائي الشيعي حركة أمل وما يسمى «حزب الله» كما سائر قوى 8 آذار. وفي هذا السياق تقول مصادر في هذه القوى إن الثنائي الشيعي متمسك بفرنجية وبمعادلة أن بنشعي (مقر إقامة فرنجية، بشمال لبنان) ممر إجباري لأي حكومة، تماما كما كانت الرابية (مقر إقامة عون قبل انتخابه) ممرًا إلزاميا لحل أزمة الرئاسة. وتشير المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القوات» تفضل عدم دخول «المردة»، كما حزب الكتائب اللبنانية، في الحكومة الجديدة، ولذلك تدفع لإعطائهما حقائب ثانوية مثل الثقافة والسياحة. ثم تضيف: «لكن ما لا تدركه القوات أنه لن تكون هناك حكومة لا يكون فرنجية فيها راضيا عن حقيبته». من جهته، يؤكد قيادي في تيار «المردة» فضل التكتم على هويته، أن «زمن تقديم التنازلات قد ولّى»، لافتا إلى أن هناك «حقوقا لن نتراجع عنها». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» موضحًا: «المؤسف أن الرئيس عون قد فتح المجال تماما للقوات لوضع فيتوات وأخذ القرارات بعدما أقنعته أنّها صاحبة الفضل بانتخابه، علما بأن القاصي والداني يعي تماما أن جعجع ما كان ليسير بترشيح عون لو لم يرشح الحريري النائب فرنجية، وأن الجنرال ما كان ليُنتخب رئيسا لولا (حزب الله)».
في أي حال، تشير المعطيات الحالية إلى أنّه متى حُلت عقدة «المردة» سيصار إلى الإعلان عن ولادة الحكومة مباشرة، باعتبار أن الحقيبة التي سينالها حزب الكتائب لن تكون خدماتية أساسية، باعتبار أنه لم يشترط أي شيء على الرئيس المكلف، وأبدى مرونة كبيرة في التعاطي مع عملية التشكيل.
ولقد رد عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب وليد خوري، التأخير الحاصل بالولادة الحكومية لـ«رفع بعض الأفرقاء سقف مطالبهم»، معتبرا أن «مشكلة تشكيل الحكومة هي لدى الفريق المسيحي الذي يعتقد أن الفريق الشيعي سيأخذ له حقه». وشدد خوري على أن الأمور لا تزال في إطار التفاوض، لافتا إلى أنه «لا يمكن القول: إن مساعي تشكيل الحكومة فشلت». ثم أضاف خوري: «البعض يطالب بوزارات معينة ويحصل مقايضات، وأنا ما زلت متفائلا ولكن الحكومة لن تشكل قبل عيد الاستقلال»، واستطرد أن «الحكومة تتم عرقلتها من قبل المردة والكتائب»، مذكرا بأنّها ستكون «حكومة انتخابات، ما يعني أن التناتش الحاصل ليس بمكانه».
من جهته، يبدو ما يسمى «حزب الله» متمسكا بوجوب أن تكون الحكومة الجديدة «حكومة وحدة وطنية موسعة»، وهو ما أكده يوم أمس عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، عندما لفت إلى أن الحزب يؤيد «الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية يفترض أن يكون لها قاعدة تمثيل واسعة، وألا تستثني أحدًا من الذين يحق لهم أن يكونوا فيها». وأضاف فضل الله: «لقد دعونا القوى السياسية والكتل الوازنة التي تعمل على تشكيل الحكومة وتساهم بذلك، لإفساح المجال إلى أوسع إمكانية للمشاركة، وألا تكون هناك محاولة لإبعاد أو إقصاء أحد، لأننا نريد لبداية هذا العهد أن تكون قائمة على مشاركة الجميع، وأخذ حقهم في التمثيل داخل الحكومة».
وتحدث فضل الله عن «محاولات من بعض القوى لوضع عراقيل وإقصاء هذا الفريق أو ذاك، وعليه فإن هذه القوى هي التي تتسبب اليوم بتأخير تشكيل الحكومة، في حين أنه يفترض أن يكون الهم والجهد لكل القوى هو الإسراع في التشكيل بمشاركة الآخرين».
المصدر: الشرق الأوسط
↧