ارتفع معدل البطالة في المملكة العربية السعودية إلى مستويات قياسية خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي 2016، مسجلة 12.1%، لتعد الأكبر في البلاد منذ عام 2012.
وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء أن النسبة الأكبر من البطالة بين السعوديين جاءت في الفئة العمرية بين 25 و29 عاماً بواقع 39%، فيما سجل الحاصلون على شهادة جامعية أعلى نسبة بواقع 57.7%.
وجاء الارتفاع في نسبة البطالة رغم إعلان وزارة العمل مؤخراً عن توظيف أكثر من 126 ألف شخص في الأشهر الماضية، الأمر الذي أرجعته وزارة العمل إلى توقف بعض المشاريع وتسريح الكثير من الموظفين.
وشهد الربع الثالث من العام الحالي (من يوليو/تموز إلى نهاية سبتمبر/أيلول) زيادة ملحوظة في أعداد العاطلين عن العمل، مقارنة بالربع الثاني الذي شهد استقراراً في نسبة البطالة مقارنة بالفترات السابقة عند 11.6%.
وأثار ارتفاع نسبة البطالة قلق المسؤولين الحكوميين، ما دعا وزير العمل مفرج الحقباني، إلى التأكيد على ضرورة "التدخل بشكل سريع حتى لا تستفحل المشكلة وتزيد نسب البطالة".
وقال الحقباني في تصريحات إعلامية مؤخراً، إن "الطلب على العمل، مشتق من وجود مشاريع وفرص وظيفية، وإذا لم تكن هناك مشاريع قائمة فلن تكون هناك فرص وظيفية للكثيرين"، مشيراً إلى أن ارتفاع نسبة المتعطلين جاء بسبب توقف بعض المشاريع وتسريح الكثير من الموظفين خلال الفترة الماضية.
وأضاف أن الوزارة ستسعى للتعاون مع العديد من الجهات ذات العلاقة من أجل ألا تتأثر العمالة الوطنية بقلة الإنفاق الحكومي، مشيراً إلى أن الوزارة ستبدأ في توطين الوظائف (تشغيل السعوديين) في قطاعات أخرى في سوق العمل، بعد نجاحها في توطين قطاع الاتصالات.
وأكدت دراسة أعدها مركز أكسفورد للاستشارات الاستراتيجية (أكسفورد) مع شركة أرامكو السعودية، أنه يجب على القطاع الخاص السعودي توظيف 4.1 ملايين مواطن بحلول عام 2030.
وقال عبدالله العمري، خبير الاقتصاد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن وزارة العمل تتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية ارتفاع نسبة البطالة، لأنها ركزت على الوظائف المتدنية، وأهملت الكبيرة منها. وأوضح العمري: "للأسف تم التركيز من خلال برنامج نطاقات (برنامج لتشغيل السعوديين) على الوظائف الصغيرة، فبدأت وزارة العمل بسعْوَدة أسواق الخضار، والآن تلاحق محلات الجوال وتغلقها لو لم يتم توظيف سعودي فيها، والمسؤولون في الوزارة يعرفون أن الرواتب في هذه الوظائف لا تتجاوز 1500 ريال بأي حال من الأحوال".
وأضاف: "إلى الآن لا يوجد استقرار على نسبة البطالة ونوعها، وكل جهة لديها أرقامها وإحصاءاتها وتصنيفاتها، وهي تختلف بشكل كبير عن بعضها وتصل للضعف".
ورغم توطين السعوديين في القطاع الخاص، إلا أن تقارير إحصائية رسيمة، أظهرت أن عدد السعوديين الذين لا يعملون بوظائف دائمة أو مقدمة استمر في الارتفاع في السنوات العشر الماضية، مقابل ارتفاع أكبر في نسب الاستقدام.
وبحسب مصدر حكومي، فإن عدد العاطلين عن العمل عام 2006 بلغ نحو 469 ألف سعودي، فيما يبلغ حالياً أكثر من 693 ألفاً، غير أن بعض التقارير تشير إلى أن عددهم تجاوز بالفعل 1.7 مليون شخص، مستندة في ذلك إلى عدد الحاصلين على إعانة "حافز" للعاطلين عن العمل.
وقدر المصدر نسبة البطالة في السعودية بنحو 36% وليس ما قدرته الهيئة العامة للإحصاء بنسبة 12.1%، مشيرة إلى أن النسبة التي وضعتها الهيئة منخفضة بسبب تعريفها للعاطلين عن العمل.
وتُعرف الهيئة العامة للإحصاء، العاطلين بأنهم الأفراد الذين يبلغون سن 15 عاماً، فأكثر وبحثوا بجدية عن عمل خلال الأسابيع الأربعة السابقة لزيارة الباحث الإحصائي للأسرة. لكن المصدر الحكومي، قال إن هناك عاطلين كثيرين توقفوا عن البحث عن العمل.
وقال عبدالله بن ربيعان، خبير الاقتصاد، إن "الأرقام الرسمية للبطالة قد ترتفع أكثر في الأشهر المقبلة لمستويات قياسية، ومالم تتحرك وزارة العمل والجهات الأخرى، فالنسبة مرشحة للوصول إلى 15% خلال العام المقبل 2017".
وتحاول جهات حكومية عليا المساهمة في حل أزمة البطالة، وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن هناك توجهاً حكومياً باعتماد شروط جديدة في العقود الحكومية تنص على تحديد نسبة التوطين بما يتناسب مع نوعية وقيمة كل عقد، على أن تقوم الأجهزة الرقابية بمتابعة التزام الجهات الحكومية بتضمين هذا البند في عقودها.
كما قال مصدر في مجلس الشورى في تصريح خاص، إن دراسة تجري لإقرار سعودة مهن المبيعات، والتي تشمل كافة العاملين الأجانب فى مهن المبيعات والحسابات مثل المحاسب والمدير المالي والمشرف المالي ومندوب المبيعات ومشرف المبيعات، وهي المهن التي يتركز فيها العدد الأكبر من الوافدين. وتتصدر وظيفة مندوب مبيعات الوظائف التي يشغلها الوافدون في القطاع الخاص من أصل 566 مهنة يعمل فيها الأجانب.
وقال المصدر في مجلس الشورى، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن: "القرار سيصدر مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسيستثنى منه الخبراء الماليون والمحللون الاقتصاديون ذوو الخبرة".
ويقول فهد الجوهر، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد" إن أرقام البطالة التي أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء، مقلقة لحد كبير، إلا أنها غير دقيقة أيضا، فهي لم تحدد نوعية الوظائف التي يعمل فيها السعوديون. وأوضح الجوهر: "الهيئة لم تتحدث عن أن أغلب السعوديين يعملون في وظائف متدنية الرواتب بهدف تحقيق متطلبات برنامج نطاقات، وهم يتوزعون بين رجل أمن خاص، وكاشيرات في المحلات، وبائعات ملابس، فيما تظل الوظائف المهمة وذات الرواتب العالية في يد الوافدين، الذين يرفضون توظيف أي سعودي".
وأضاف: "هناك مئات الآلاف من السعوديين يعملون بشكل غير حقيقي وفقط كسعودة وهمية لتحقيق نسبة السعودة المطلوبة للحصول على تأشيرات للوافدين، نحن أمام خلل كبير لابد من علاجه كي لا يستفحل أكثر، لأن استمرار أرقام البطالة بهذا المعدل المرتفع سيؤدي إلى ارتفاع الجريمة بشكل أكبر".
ويعمل حالياً في القطاع العام نحو 4.2 ملايين عامل، فيما بينت تقارير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، التي صدرت في أغسطس/آب الماضي أن مجموع المشتركين على رأس العمل المشمولين في نظام التأمينات الاجتماعية، الذين يعملون في القطاع الخاص، بلغ 10.2 ملايين مشترك، بنهاية الربع الثاني من 2016، منهم 1.7 مليون سعودي.
المصدر: العربي الجديد - الرياض ــ خالد الشايع
↧