يزداد عدد الأمهات اللواتي يضطررن لبيع أطفالهن في إيران بسبب الفقر واليأس. وبالنظر إلى عدم وجود ثقة لدى السلطات في المنظمات غير الحكومية ومساعداتها، فإن ذلك يؤدي إلى الوقوع في براثن تجار الجنس والمخدرات وعصابات التسول.
في شوارع طهران، عاصمة جمهورية إيران الإسلامية، يمكن شراء العديد من الأشياء: الكحوليات والمخدرات والجنس والكلى السليمة وحتى الأطفال الرُّضَع. "بيع الأطفال الرضع في شوارع طهران ليس بشئ جديد ويزداد كثرة. فالمواطنون اليائسون باتوا يبيعون أعضاء جسدهم، بل وأصبحوا يبيعون أطفالهم أيضاً"، كما تقول الناشطة شيفا أهاري (32 عاما) في حوار مع DW .
تعيش شيفا في طهران، وهي منخرطة منذ عشر سنوات في العمل من أجل تحسين حقوق المرأة وأطفال الشوارع. وقد وجدت أن هذه المسألة تشغل المجتمع الإيراني منذ عدة أشهر: "والجديد هو تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وكتابات المواطنين. فقد أصبح بإمكان أي شخص الآن توثيق بيع الأطفال ونشر ذلك في شبكة الإنترنت".
في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016 أكد حبيب الله مسعودي فريد، نائب رئيس المنظمة الخيرية الحكومية، ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك صحف منذ شهور بوجود آباء وأمهات يتاجرون بأطفالهم. ويضيف فريد: "لقد ازداد هذا في جميع أنحاء البلاد". ويُعزى السبب فيذلك، كما يقول فريد، إلى الزيادة الحاصلة في تعاطي المخدرات في أوساط الأمهات.
سوق الأطفال الرُّضَع بجوار المستشفيات
لقد أصبحت النساء المدمنات على المخدرات اللاتي بلا مأوى أوالعاملات في تجارة الجنس يبعن أطفالهن بعد الولادة بالقرب من المستشفيات، في مركز المدينة وجنوبها، كما قالت في سبتمبر/ أيلول 2016 فاطمة دانيشوار، عضوة مجلس بلدية المدينة. وهي أيضا عن علم بأسعار الأطفال التي تتراوح ما بين 25 و 50 يورو للطفل الواحد. عصابات المتسولين وتجار المخدرات هم الذين يشترون هؤلاء الأطفال.
العديد من هؤلاء الأطفال مصابون بمرض الإيدز ويدمون على المخدرات ولا يعيشون طويلاً. وتطالب السلطات المواطنين بعدم إعطاء نقود للمتسولات اللواتي بحوزتهن أطفال وأن يتصلوا بالسلطات للإبلاغ عنهن. لكن هناك مواطنون يتساءلون: "لماذا يجب علينا الاتصال بالسلطات؟ هل السلطات عمياء ولا تراهم؟ هناك كل يوم الكثير من المتسولات، بالعشرات في الشوارع". فهن انتقلن إلى طهران أملاً في حياة أفضل، وينتقلن عادة إلى العاصمة دون عائلات أو أزواج.
في بعض أجزاء طهران التي يعيش فيها أكثر من 14 مليون نسمة، تبلغ نسبة البطالة في أوساط النساء 70 بالمائة. وعندما يصلن طهران ولا يجدن عملا فقد يضطررن إلى التسول وبيع أجسادهن أو يقعن في براثن تجار المخدرات. ورغم عقوبة الإعدام في حق المتاجرين بالمخدرات في إيران، فإن هذا القطاع في ازدهار مستمر. ويُقدر عدد المدمنين على المخدرات بثلاثة ملايين شخص (9% منهم نساء) من أصل 80 مليوناً نسمة بجمهورية إيران الإسلامية. وقد تضاعفت نسبة النساء المدمنات على المخدرات خلال العشر السنوات الماضية. وأكثر المخدرات رواجاً في إيران هو الأمفيتامين بعد الأفيون.
عدم ثقة السلطات في المنظمات غير الحكومية
"ليست كل أم أو أسرة تبيع أطفال رضع تكون مدمنة على المخدرات"، كما يؤكد لطفي محمود من منظمة "من أجل حقوق الأطفال" غير الحكومية العاملة في طهران، ويضيف: "فالكثير من العائلات تعاني من الفقر المدقع. إن أفراد هذه الأُسر يائسون. فهم يبيعون أطفالهم على أمل أن يكون مستقبلهم أفضل. لكن الأطفال يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان لدى عصابات المتسولين، أو يصبحون أطفال الشوارع في نهاية المطاف".
السلطات ليست قادرة على معالجة هذه المشكلات، كما تقول شيفا أهاري الناشطة في منظمة غير حكومية من أجل حقوق المرأة وأطفال الشوارع في إيران. ثم إن السلطات لا تتسامح مع الناشطين مثلها، فقد اعتُقِلَت شيفا عدة مرات بتهمة "نشر الدعاية ضد النظام"، وقد قضت أغلب شهور عام 2010 في السجن، وتقول: "نحن مضطرون للعمل بكل حذر وتجنب كل ما لا يناسب السلطات. فكل منظمة لا تعمل تحت مظلة الحكومة هي غير مرغوب فيها. لكن على الحكومة أن تثق بنا، لأننا نريد المساعدة فقط".
شابنام فون هاين / علي المخلافي
المصدر: دويتشه فيله
↧