منعت قوات الأمن الجزائرية أمس، مظاهرة كبيرة بالعاصمة سعى تكتل نقابي إلى تنظيمها بالقرب من البرلمان، احتجاجا على تصويت النواب في اليوم نفسه على مشروع الحكومة بتعديل قانون المعاشات الذي يتضمن إلغاء التقاعد المبكر، وبالتالي يحرم فئات واسعة من العمال والموظفين من أصحاب المهن الشاقة.
وأغلق رجال الأمن، منذ الصباح الباكر، مداخل العاصمة من جهتها الشرقية، للحؤول دون دخول مئات العمال وكوادر النقابات القادمين من المجمعات الصناعية الكبيرة، الموجودة بمدينتي الرويبة والرغاية، بالضاحية الشرقية للعاصمة. وتسبب الانتشار المكثف لقوات الأمن، في زحمة مرور كبيرة بالطرقات، خصوصا المؤدية إلى شارع زيغود يوسف، حيث مقر «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى).
ورغم الطوق الأمني المشدد، تمكن عدد كبير من العمال من تنظيم اعتصام رفعوا خلاله شعارات منددة بإلغاء التقاعد المبكر، الذي رفعته الحكومة من 60 سنة إلى 65 سنة، بحجة أن صندوق المعاشات مهدد في توازناته المالية بحكم أن خروج مئات الآلاف قبل سن 65 سنة، حرمه من مساهمات مالية كانوا يدفعونها على سبيل الاشتراك في «الصندوق الوطني للعمال الأجراء»، الذي يعد الممول الرئيسي لصندوق المتقاعدين.
وتفيد إحصاءات الحكومة أن مائتي ألف عامل قدموا طلبا بالخروج إلى التقاعد قبل حلول سنة 2017 التي ستشهد بداية العمل بالتدابير الجديدة. ولم يبلغ أصحاب الطلب سن 65 وهم يحاولون الإفلات من إجراءات القانون الجديدة، قبل دخولها حيز التنفيذ. وقد بدأ العمل بنظام التقاعد المبكر عام 1997، ونجم عنه توقف عشرات الآلاف من الجزائريين عن العمل.
وينتمي أغلبية المحتجين على القانون الجديد، إلى قطاعات التعليم والطاقة والصناعات الثقيلة. ويرى هؤلاء أنهم يزاولون مهنا مرهقة، تتطلب توقفهم عن العمل قبل الـ60 على أقصى تقدير.
ولقي احتجاج النقابيين والعمال تأييدا واسعا من نواب 4 أحزاب إسلامية، زيادة على نواب اليسار (حزب العمال) وعلمانيي «جبهة القوى الاشتراكية». لكن أصوات هؤلاء النواب الذي لا يتعدون الـ70 كانت خافتة أمام الأكثرية البرلمانية التي تتكون من حزبي السلطة الكبيرين: «جبهة التحرير الوطني» وهي حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده وزير الدولة أحمد أويحيى.
وقال وزير العمل محمد الغازي أثناء شرحه القانون الجديد، أمس بالبرلمان، أن أكثر من 900 ألف شخص استفادوا من نظام التقاعد المبكر في الـ19 سنة الماضية، ويمثل هذا العدد حسبة 52 في المائة من مجموع المحالين على المعاش. وقال إن المعاشات تكلف الصندوق الخاص بها نحو 4 ملايين دولار سنويا. مشيرا إلى أن خزينة الدولة تحملت كثيرا عجز صندوق المعاشات، وبأنها لم تعد تتحمله أكثر منذ عام بسبب انخفاض عائدات البلاد من بيع المحروقات، التي تمثل 98 في المائة من الصادرات. وناشد الغازي النقابات «تفهم الأزمة التي يتخبط فيها صندوق المعاشات، الذي هو بحاجة إلى مراجعة توازنه وإلا سيتوقف عن صب مستحقات المتقاعدين في غضون عامين».
واحتجت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في بيان، على تفتيش رجال الأمن حافلات وسيارات عند مداخل العاصمة، واعتقال: «المشتبه» في تنقلهم إلى مكان المظاهرة. وقالت إن 12 نقابة منعت من التعبير عن مطلبها سحب قانون الحكومة، الذي جاء في سياق تدابير كثيرة تماشيا مع الأزمة المالية، تنذر بمستقبل صعب على فئات اجتماعية واسعة. ومن أخطر التدابير تلك التي تضمنها قانون الموازنة 2017 الذي صادق عليه البرلمان الأسبوع الماضي، والذي يفرض رسوما وضرائب جديدة على مختلف السلع والخدمات. ومعروف أن الجزائر تستورد كل حاجياتها من المنتجات الزراعية والمواد المصنعة ونصف المصنعة، وتصل فاتورة الواردات إلى 65 مليار دولار سنويا، فيما انخفضت الصادرات من 67 مليار دولار إلى 30 مليار دولار في ظرف عامين.
المصدر: الشرق الأوسط
↧