حالات تكررت لدرجة بات المرء يشعر بأنها مصطنعة ومقصودة، وأحسن الظن أن تكون روتيناً معقداً يطبق على السوريين المغادرين تركيا إلى أوروبا دون غيرهم من المسافرين، إذ فقد البعض حجزه بسبب تأخره عن موعد الطائرة نتيجة الإجراءات المعقدة، كما أن البعض الآخر كرر الحجز والمحاولة مرات عدة حتى نجح في المغادرة.
قصي حصل على اللجوء في فرنسا عن طريق مكاتب الأمم المتحدة، وتمكن بعد انتظار طويل من استلام تأشيرة الدخول إلى أوروبا، رتب الرجل أموره وحجز بإحدى شركات الطيران وتوجه إلى مطار صبيحة ـ اسطنبول، يشرح قصي لــ «القدس العربي» تفاصيل ما حدث معه في المطار ويقول: «وصلت إلى المطار قبل موعد الطائرة بأكثر من سبع ساعات، ليفاجئني رجال الأمن بعد اطلاعهم على تأشيرتي بقولهم إن الفيزا (التأشيرة) مزورة وليست حقيقية، على الرغم من أنني حصلت عليها بشكل نظامي من القنصلية الفرنسية».
يضيف لـ «القدس العربي»: «أجبتهم أن تأشيرتي نظامية وطلبت منهم الاتصال بالقنصلية الفرنسية للتأكد من ذلك، لكنهم أجابوا أنهم لن يتصلوا بل سيقومون بمراسلة السفارة، ورغم علمهم بأنني قد حجزت لي ولأفراد عائلتي وإن لم أسافر على متن الطائرة سأخسر ثمن التذاكر وهو مبلغ كبير بالنسبة لي، إلا أنهم أصروا على هذه الطريقة وبالفعل خسرت تذاكر السفر ولم أسافر».
يؤكد قصي أنه اضطر للحجز مرة أخرى عن طريق أحد أصدقائه إذ أنه لم يكن يملك ثمن تذاكر جديدة، وسافر في طائرة أخرى في اليوم التالي على الرغم من أن أمتعته وصلت فرنسا قبله على متن الطائرة التي من المفترض أن يسافر فيها.
حالات عديدة عانى فيها السوريون الكثير لدى انطلاقهم في رحلة اللجوء والمغادرة النهائية من تركيا، إذ أن أبو النور صعد إلى الطائرة بتذاكره وتأشيرته النظامية، لكنه وداخل الطائرة فوجئ أن له مقعداً واحدا بينما باقي المقاعد الخاصة بأفراد أسرته كانت محجوزة باسم أناس آخرين. يقول أبو النور لــ «القدس العربي»: «سافرت وحيدا وبقيت عائلتي في المطار ريثما تمكنا من تأمين حجز آخر لهم ليتمكنوا من اللحاق بي بواسطة طائرة أخرى، وقد دفعنا ثمن التذاكر مرتين».
يحكي المواطن السوري أسعد فخري في منشور له على «فيسبوك»، ويقول: «للمرة الثالثة قطعت تكت (تذكرة) طائرة لخمسة أشخاص، أنا وأفراد أسرتي، إلى باريس من مطار اتاتورك وكان السبب بوليس المطار، كل مرة يطلب إجراءات جديدة، للأسف. ثمة أجندة تركية للتعامل مع السوريين الحاصلين على لجوء شرعي من السفارات الأوروبية وخصوصا فرنسا. استغرب من البعض ممن يدافع عن الإجراءات التركية في مطاراتها وقسوة المعاملة من قبل البوليس التركي على أنها موقف سياسي، وهو يدرك في أعماقه أن الكثير من تلك الأمور حصلت مع السوريين فبدل أن يقف مع السوريين يذهـب مباشرة إلى الموقف السياسي من الحكومة التركية وإجـراءات مطاراتـها القاسـية».
يعتقد بعض السوريين أن الإجراءات الصارمة التي تطبق عليهم دون غيرهم من المسافرين تبدو وكانها مقصودة، إذ يحكي عبد الرحمن قصة مختلفة بعض الشيء، حيث أنه خرج من تركيا بطريقة غير شرعية. وبعد حصوله على اللجوء أراد زيارة أسرته في تركيا والتي تأخر لم شملها، ومكث عندهم عشرين يوماً، ولدى وصوله إلى مطار صبيحة ـ اسطنبول عائداً تعرض لعراقيل وعقبات كثيرة.
يقول عبد الرحمن «دخلت تركيا بفيزا من إحدى قنصلياتها في ألمانيا، وكانت مدة الفيزا ثلاثة شهور، رغم أنني طلبت ثلاثة أسابيع فقط والتزمت بأقل من ثلاثة أسابيع، ولدى وصولي المطار أخبرني عناصر بوليس المطار أنني خالفت القوانين ومكثت في تركيا أكثر من المدة المحددة بخمسة أيام ولا يحق لي أن أبقى أكثر من أسبوعين، فسالتهم عن الحل ليخبروني أنني يجب أن أدفع غرامة لبقائي هذه الأيام الخمسة».
يضيف عبد الرحمن «لم أمانع مطلقاً وأخبرتهم أنني مستعد لدفع المبلغ وبالفعل دفعته واحضرت الإيصال إلى قسم بوليس المطار، ولم يتبق لدي من الوقت حينها إلا القليل لإقلاع الطائرة، ورغم أنني رجوتهم عدم تأخيري وسلمتهم المبلغ، إلا أنهم لم يسلموني الجواز إلا في اللحظة التي ستقلع فيها الطائرة. وهذا يعني أن الموعد قد فاتني، لكنني أسرعت إلى البوابة، واستطعت السفر على متن الطائرة، ليس لأنني وصلت في الوقت المناسب، بل لأن الطائرة تأخرت يومها ساعة كاملة عن الإقلاع لأسباب لم أعرفها».
القدس العربي - محمد إقبال بلّو
↧