تحوّل مطار بغداد الدولي إلى منطقة تثير الرعب، عقب سيطرة مليشيات "الحشد الشعبي" على أغلب مفاصله، وبسبب حالات الاختفاء المتكررة لبعض المسافرين فيه، فضلاً عن الرحلات المريبة التي تتم عبره، وترتبط أساساً بالأجندة الإيرانية.
وذكرت مصادر رفيعة المستوى في وزارتي الداخلية والدفاع، أن المليشيات المرتبطة بإيران استطاعت عزل المطار عن العاصمة وتطويقه بشكل مريب، من خلال منع أي جهة أخرى من العمل فيه. وشددت على أن "هذا الأمر أتاح لها فرصة تنفيذ أجنداتها المشبوهة، وتسخير المطار ورحلاته لصالحها، بما في ذلك إرسال مرتزقة من جنسيات عراقية وإيرانية وأفغانية لدعم النظام السوري، واستقبال جثث بعضهم، وتمرير أسلحة ومواد ممنوعة".
وأضافت المصادر ذاتها أن "التحكم المريب للمليشيات بـ مطار العاصمة لم يرق لمسؤولين عراقيين، يؤكدون على أنّ المطار يعتبر واجهة للبلاد، ويجب أن يدار من قبل جهات مسؤولة ومؤهلة دبلوماسيّاً وأمنيّاً للعمل به، ليعكس صورة حضارية عن العراق، لا كما يحصل الآن".
وفي السياق، قال موظف في تشريفات المطار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مطار بغداد صار رهن احتجاز المليشيات"، مبيناً أن "تعاقب قادة المليشيات على تولي وزارة النقل العراقية، مثل سلام المالكي (جيش المهدي) وهادي العامري (مليشيا بدر)، وباقر جبر صولاغ (المجلس الأعلى)، ولمدة تزيد عن 12 عاماً، وتعيينهم أعضاء المليشيات في مناصب مهمة، جعله تحت سيطرتها الكاملة".
وأوضح المتحدث أنّ "العامري وصولاغ استبدلا أغلب الموظفين، خصوصاً في المرافق المهمة والحيوية بالمطار، ليتسنى لهم السيطرة الكاملة عليه"، مبرزاً أنّهم "استبدلا كافة المسؤولين الأمنيين بدون استثناء. كما استبدلوا موظفي الحاسبة الإلكترونية، ووحدة التدقيق الأمني، بحيث صار الداخل للمطار ملزماً باجتياز قائمتين على أجهزة الكومبيوتر في مكتب الأمن، الأولى للمطلوبين لدى الحكومة، والثانية تخص المطلوبين للمليشيات، التي طردت أخيراً سائقي سيارات الأجرة ومنعتهم من العمل في المطار، وتسيير سيارات أجرة تابعة لهم لغرض التربح والتجسس".
وأشار الموظف إلى أنّ "عمل المطار وتسيير الرحلات غامض لدى كافة الجهات، ولا يعلم بتفاصيله إلّا الجهات المسؤولة فيه، وهي أساساً من قادة المليشيات".
من جهته، اعتبر نائب عن "تحالف القوى العراقية" أن ما يجري "عمل مريب للغاية، إذ إن المليشيات تحيط ما يجري داخل المطار بغموض كبير، وتمنع إشراك أي جهات من خارجها، لعدم تسريب خروقات محتملة".
وأوضح النائب، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "سيطرة وزراء يتزعمون مليشيات على مطار بغداد لم تأت مصادفة، إذ إنّ الجهات الخارجية التي لها مصالح بعمل المطارات، وتحديداً إيران، فرضت ذلك على الحكومة العراقية"، مؤكداً أنّ "العراق بات حلقة وصل بين إيران وسورية، وقد استوجب ذلك سيطرة المليشيات الموالية لطهران على المطار".
وأكّد النائب أنّ "المطار يشهد، بشكل مستمر، تسيير رحلات مريبة إلى سورية، ومنها نقل مقاتلين من فصائل المليشيات وإعادتهم، وإعادة جثث القتلى منهم، فضلاً عن غض النظر عن عمليات التفتيش للطائرات الإيرانية التي تنقل السلاح والمقاتلين إلى نظام الأسد"، مبيناً أنّ "كل تلك الأعمال تنفذ بشكل دائم، لكن لا أحد يستطيع توثيقها".
ورجح المتحدث أن أسباب زيارات بعض المسؤولين الأجانب للعراق، التي تتم بشكل مفاجئ، تعود لعلمهم بحال المطار وما آل إليه.
وتحدث ضابط بالشرطة العراقية، لـ"العربي الجديد"، عن وضع المطار قائلاً إن "الأمر ليس بجديد. في السابق كان يسيطر عليه التيار الصدري، أي منذ العام 2004، حين كان سلام المالكي وزيراً للنقل، وقد أزاحت مليشيا المهدي (ذراع التيار المسلحة) الكثير من الكفاءات، واغتالت بعضهم، قبل أن تنتقل الوزارة من شخص إلى آخر، لكن المطار بقي تحت تصرف المليشيات".
وأضاف أن "الكثير من المسافرين يتحدثون عن عمليات سرقة مستمرّة للبضاعة والهدايا التي يأتون بها من الخارج"، مبيناً أنّ "النظام المتبع في المطار يقضي بأن يترك المسافر حقائبه ويمشي لمسافة نحو 100 متر، ليحصل على سيارة أجرة تنقله. وعدد كبير منهم عندما يعود لا يجد حقائبه، وعندما يحاولون الاستعانة بالكاميرات يجيبهم المسؤول عنها بأنها معطّلة، قبل أن يستسلم المسافرون خوفاً على سلامتهم".
المصدر: العربي الجديد - بغداد ــ أكثم سيف الدين
↧