الأخوة الأعداء ! ..
فارس الخوري واحد من أبرز رجال التيار الوطني في سوري، وقد عرُف بمواقفه الوطنية ومعارضته للانتداب الفرنسي، واصطفافه "كمسيحي" مع رجال التيار الوطني في موقف وطني واحد شعاره (فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا !) على حد تعبير فخري البارودي في نشيده القومي الشهير ! ..
تسلم فارس الخوري مناصب سياسية بارزة تدرجت من عضو في البرلمان وانتهاءً برئاسة الحكومة، وغالبا ما يُستخدم اسم فارس الخوري للتدليل على التسامح الديني والنضج الوطني في سورية الذي لم يفرق بين السوريين بناء على الدين أو العرق أو الطائفة ! ..
حسنا .. إلى هنا الكلام جميل جدا ومشرق ومتفائل ويدخلنا في أجواء نشيد سنان (ما أحلى أن نعيش في خير وسلام، ما أحلى أن نكون في حب ووئام) .. ولكن للواقع منطق آخر !! ..
عند تأسيس الكتلة الوطنية (وهي ائتلاف من رجال البرجوازية والاقطاعية السورية) كان الدور المأمول من فارس الخوري وشقيقه فايز الخوري هو كسب تأييد المسيحيين لمشروع الكتلة الوطني في محاربة الفرنسيين، ففي تلك الفترة لم يتخذ غالبية المسيحيين موقفا وديا من التيار الوطني السوري، إذ كانوا يتخوفون من الاضطهاد على يد الأغلبية المسلمة !، وكان الكثير منهم – كما يقول فيليب خوري في كتابه "سورية والانتداب الفرنسي" يعتبرون أن الصراع السياسي في سورية هو صراع بين الهلال والصليب !! أكثر منه صراعاً بين الهيمنة الأوروبية والاستقلال الوطني ! وبالتالي ينظرون إلى فرنسا بوصفها حامية لهم (والكثير منهم كان مازال يحمل ذكرى الأحداث الطائفية الدموية سنة 1860) ..
كان فارس الخوري يومها من النخب المتعلمة والمثقفة .. ولكن فارس الخوري اصطدم بعقبة مسيحية طائفية تحد من قبوله لدى المسيحيين أنفسهم !! فالخوري ينتمي إلى عائلة بروتستانتية، وهي طائفة صغيرة ليس لها ثقل في دمشق معقل فارس الخوري ! وهذا ما دفع شقيقه فايز الخوري إلى تغيير طائفته من البروتستانتية إلى الارثوزكسية لزيادة فرصه الانتخابية والسياسية ! ولهذا السبب تحديدا فضلت الكتلة الوطنية – في تلك المرحلة - دعم فايز الخوري بدلا من شقيقه فارس الخوري في انتخابات الجمعية التأسيسية سنة 1928 (وهناك من يؤكد أن فارس نفسه تحول الى الارثوذكسية فيما بعد لهذا السبب ليزيد من فرصه الانتخابية والسياسية) .. وخلال السنوات التالية ارتقى فارس الخوري في المناصب بشكل متسارع، وكان أحد أهم الأسباب التي دعمت صعود الخوري في الحياة السياسية هي موافقه وتصريحاته الايجابية المتعلقة بالاسلام .. إذ كان يؤكد على الدوام أنه مؤمن بالإسلام وصلاحيته لتنظيم أحوال المجتمع العربي (في الوقت الذي كانت نخب حزب الشعب والكتلة الوطنية تتجنب وبشكل واضح الإشارة إلى الدين في برامجها وخطاباتها السياسية !!) ..
↧