كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أخطاء الثورة عندما دخل الثوار المدن و حرروها، الحديث الذي يلقي باللوم عليهم في عمليات تدمير المدن و قتل و تهجير أهلها.
.
لا يا سادة. ليست الثورة و ليس الثوار من قتل الناس و هجرهم و دمر مدنهم و استباحها.
.
و حتى لا يكون الكلام عاطفيا دعوني أسرد لكم الحقيقة التي يعرفها الجميع. إن الفترة التي سيطر فيها الثوار على شرقي مدينة حلب و أفسحوا فيها المجال للناس بتنظيم أمورهم من خلال المجالس المحلية، كانت فترة ذهبية من عمر الثورة. كنت وقتها في الجزء الغربي من المدينة و كنت أتواصل مع الناس هناك لأطلع على هذه التجربة الجديدة، أقسم أنني سمعت منهم أنهم يعيشون في أعلى مستويات الكرامة الإنسانية وقد حصلوا على حريتهم و انعتقوا من ظلم نظام البعث. فقد ساد الأمن و الاطمئنان و توفرت المواد الغذائية بكل يسر، في الوقت الذي كان يعاني فيه سكان القسم الغربي من حلب من سطوة الأجهزة الأمنية و الفساد و قلة المواد الغذائية و ارتفاع الأسعار.
.
كان بإمكان هذه التجربة الناجحة أن تعمم على جميع المناطق السورية المحررة، وربما حصل ذلك، و كان بإمكان الثوار تطوير أنفسهم و توسيع دائرة سيطرتهم يوما بعد يوم. فعندهم جزء ضخم من مدينة عظيمة تؤمن لهم كل ما يحتاجونه لذلك.
.
لكن الذي حصل بالفعل هو تدخل الإدارة الأمريكية بمنعهم من امتلاك وسائل الدفاع عن أنفسهم ضد طيران الأسد و من بعده الطيران الروسي، و عندما علموا يقينا أن امتلاك وسائل الدفاع هذه لن يكون ممكنا بالمطلق، طالبوا بمنطقة حظر جوي، و لا يخفى على أحد جهود العديد من الدول من أجل الاستجابة لطلبهم هذا. و لا يخفى على أحد موقف الإدارة الأمريكية الرافض رفضا مطلقا.
.
لا تحملوا دماء شهدائنا و عرق ثوارنا ذنبا هو برقبة النظام أولا و الإدارة الأمريكية أولا و ثانيا.
كان عليكم أن تتصورا المشهد لو أن إدارة اوباما أمرت و فرضت على طائرات الأسد عدم التحليق في سماء حلب.
.
كفاكم تفاعلا مع ما تروجه أجهزة الاستخبارات لتلوث أطهر ثورة في التاريخ المعاصر..
الثورة انتصرت، و الله انتصرت، و الأسد سقط و الله سقط، و من يرى غير ذلك فإنه و الله مصاب بعمى البصر و البصيرة.