ترجمة الدكتور محمود الحمزة.
القوات الحكومية مع حلفائها من ايران ولبنان يجهزون على آخر المقاتلين في حلب. بينما تعرضت القوات الروسية في تدمر لخطر حقيقي نتيجة الارتباك وجبن القيادة العليا للجيش السوري حيث أثبتت تدمر مرة أخرى ضرورة الانتقال الى تسوية سياسية في البلاد. وقد أعدت روسيا كل الظروف اللازمة لذلك. أما الغرب فيتحسس من أي إمكانية لاتفاقية سلام مع المعارضة المعتدلة بدون وسطاء.
ويتحدث عن الوضع الناشىء في سوريا المحلل العسكري لصحيفة "غازيتا. رو" ميخائيل خوداريونوك .
.
يقول المحلل الروسي: في البداية جاءت اخبار متقطعة غير مكتلملة عن الوضع في تدمر. أما الان فالصورة اكثر وضوحا. بعض المصادر أفادت بأن إعادة تجمع قوات داعش وتمركزهم للهجوم على تدمر تمت بدون ملاحظة أجهزة الاستخبارات. ولكن ذلك غير صحيح. لقد تأكدنا من أن القيادة السورية وصلها علم بما يجري مسبقا.
.
ولاحقا حدث ما لم يتوقعه أحد. فقد اصبحت قوات الأسد بعد الطلقات الأولى لداعش في حالة ذعر حيث القوا أسلحتهم والآليات العسكرية وهربوا من تدمر. القوات السورية "الباسلة" بالكاد استطاعوا ايقافها غربي تدمر بالقرب من مطار التيفور.
.
في البداية أشاعوا بأنه لم يكن هناك مستشارين عسكريين روس في تدمر. وهذا مغاير للواقع. حيث قام مقاتلو تنظيم الدولة (داعش) بنشر صور في موقعهم عن الأسلحة والمعدات العسكرية التي تركها الروس.
وعدد المجموعة العسكريةالروسية حوالي 200 فرد (مجموعة قيادة) بالإضافة الى 120 من مجموعة الحراسة من القوات الخاصة. هؤلاء بقوا في المدينة ودافعوا عن المدينة بجهود فردية. وبالنتيجة تمت محاصرتهم من قبل مقاتلي داعش. ولكي يتم انقاذهم ونقلهم من هناك تم فتح ممر بالقوة حيث قام الطيران الروسي بتدمير 11 آلية عسكرية للجهاديين. واضطر الروس إلى ترك جزء من تسليحهم ومعداتهم العسكرية.
الذعر والجبن
أول الهاربين المذعورين كان نائب رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السورية (النظامية). و في حالة من الهلع تبعه جاراً وراءه الجنود وصغار الضباط، كل من رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان السورية وقائد قوات الصواريخ والمدفعية للجيش السوري وقائد اركان الفيلق الثالث وقائد الفرقة الـ 18 للدبابات.
وقد عثروا بصعوبة على نائب رئيس أركان جيش بشار الاسد بعد يومين من البحث عنه. ولا يمكن وصف حالة كبار القادة العسكريين السوريين إلا بالجبن والتخاذل والذعر . وتم إيقاف المذعورين والجبناء بصعوبة وارجاعهم الى مواقعهم في 11 ديسمبر وتثبيت الوضع. ولكن السوريين هربوا من جديد.
.
وقد سيطرت في أوساط القوات السورية بالقرب من تدمر حالة من الفوضى العارمة. وحسب مصادر مطلعة وشهود عيان فإن بشار الأسد اعترف للروس بأفعال وسلوك قواته العسكرية. وقد تم عزل نائب رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السورية من منصبه وتسريحه من الجيش.
.
وفي أثناء الهجوم الداعشي كانت السلطات الرسمية في دمشق تتحدث للسوريين عن بطولات الجيش السوري الخارقة في الدفاع عن تدمر مضحين بالغالي والنفيس!
.
الجنود السوريون يخافون خوف الموت من تحركات الجهاديين. ولا توجد ثقة بأنهم سيثبتون ويحافظون على مواقعهم غربي تدمر. أحيانا يقولون ان المقاتلين سيطروا على حقول غاز بالقرب من تدمر ولكن هذه الحقول في الواقع مهجورة ومدمرة.
.
هل هناك مصلحة في استعادة تدمر؟
.
الحفاظ على تدمر في هذه الظروف طبعا أمر غير ممكن. وهل هناك ضرورة لاستعادتها؟ ويبدو انه لا توجد مثل هذه الخطط حالياً. يمكن استعادة تدمر بدعم جوي روسي بدون صعوبة ولكن الحفاظ عليها لاحقا في وضع مهلهل من الجاهزية العسكرية للجيش السوري يعتبر امر غير ممكن.
.
واذا ما تم نقل قوات فعالة من حلب فهناك خطر فقدان حلب. فهناك توجد إمكانية لهزيمة المجموعات المسلحة التي تستعد للانسحاب في حلب. فالفصائل المسلحة القوية للجهاديين تتمركز في شمال غربي حلب في مناطق عندان وحيان وحريتان.
.
ويحارب الى جانب القوات الحكومية ميليشيات. اما من جهة الجيش السوري فتقاتل فقط مجموعتين : قوات العقيد سهيل الحسن الخاصة (قوات النمر) وقوات "صقور الصحراء" تحت قيادة الاخوين محمد وأيمن جابر..
أما بقية التشكيلات العسكرية باعتراف محدثينا المطلعين على سير المعارك فهم يضرون اكثر مما ينفعون لانهم بلا جدوى.
.
أما حزب الله حسب تقديرات الخبراء العسكريين فهم لا يقاتلون ابدا بل يثرثرون. وأما "الفاطميون" المكلفين بالهجوم من جهة الغرب فهم يثيرون الغبار بلا فعل. وتشكيلات الحرس الثوري الإيراني يقفون كالاصنام ولا يتقدمون.
.
يستطيع الجنرال الإيراني ان يؤكد لك خمس مرات في اليوم ويقسم ويتعهد للزملاء الروس ويضرب بيديه على صدره بأن المهمة القتالية ستنفذ بحذافيرها! ولكن بعد ساعة بعد سؤاله: لماذا يقف المقاتلون في أماكنهم ولا يهجمون يجيب الجنرال الإيراني بسؤال ساذج: هل المعركة بدأت حقاً؟
.
واحيانا نضطر للبحث عنه خلال 3 ساعات . ومن جديد يقدم التعهدات والوعود بتنفيذ المهمات القتالية وبعدها نكتشف أن الإيرانيين يطلبون السلاح ويقدمون قائمة من خمس صفحات باحتياجاتهم من الأسلحة. وبعد تلبية طلباتهم فإن السلاح يختفي بسرعة الى جهة غامضة. وعندما نسأل اين اختفت الأسلحة يرودن ببلاهة "إنها الحرب". فقط من الصواريخ المضادة للدبابات قدمنا لهم 1500 قطعة ولم نتمكن من ضبط مصير هذه الصواريخ. فهم اما باعوها أو نقلوها الى جهة مجهولة.
.
المستشارون العسكريون الروس يتحدثون بيأس: كما لا يجوز الثقة بالايرانيين فإنه لا يوجد مخرج من هذا الوضع. ويقولون للايرانيين تبا لكم! المهم ان تثبتوا في اماكنكم ولا داعي لأن تهجموا. وحتى في أماكن محددة لا يستطيعون الثبات. وتبلور لدى العسكريين الروس انطباع عن الإيرانيين بأنهم ثرثارين بكل معنى الكلمة.
.
المحلل العسكري في "غازيتا. رو ـ ميخائيل خودوريونوك، يتحدث بالتفصيل عن معركة تدمر الأخيرة.
العقيد ميخائيل خوداريونوك المحلل العسكري في صحيفة غازيتا.رو الروسية .
↧