شنت تركيا فجر الأربعاء 24 أغسطس/آب 2016، أكبر عملية منذ بدء النزاع في سوريا داخل الأراضي السورية وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إنها تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وكذلك الأكراد.
وتؤكد تركيا أن العملية الجوية والبرية التي أطلقت عليها اسم "درع الفرات" هدفها إخراج الجهاديين من بلدة جرابلس السورية الواقعة تماما قبالة بلدة كركميش التركية.
انطلقت العملية بعد أيام من تليين أنقرة موقفها حيال الرئيسي السوري بشار الأسد الذي تعلن رغبتها الإطاحة به.
لماذا تحركت تركيا الآن؟
نفذت العملية التركية بعد أيام من مقتل 54 شخصاً في تفجير انتحاري في مدينة غازي عنتاب القريبة من الحدود السورية نسب إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وتتعرض المناطق الحدودية التركية منذ فترة للقصف انطلاقاً من البلدات السورية التي يسيطر عليها التنظيم الجهادي.
مديرة مركز دراسات الأمن في جامعة بهجة شهر في إسطنبول غولنور أيبيت قالت إن "داعش يقوم مباشرة باستهداف الأراضي التركية من سوريا ولهذا فإن هذه العملية هي قبل كل شيء رد على ذلك".
وأضافت "كان يمكن أن تتكثف هجمات داعش ولهذا رأت تركيا أن من الضروري اتخاذ هذه الخطوات والتحرك عبر الحدود بإرسال دبابات وجنود".
ووافق المحلل إيمري تونكالب لدى "ستروز فريدبرغ" لاستشارة المخاطر على ذلك مضيفاً أن الوضع الأمني على الحدود شهد تدهوراً و"اعتداء غازي عنتاب والقصف على كركميش أمس كانا بمثابة القشة الأخيرة".
ما الغاية من التدخل؟
لكن إيبيت رأت أن أهداف العملية تنطوي على القضاء على التهديد الجهادي وكذلك منع القوات الكردية السورية من التمركز في المناطق التي يتم تحريرها.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردي امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية وتتفق في تصنيفها هذا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقالت إيبيت "يسيطر أكراد سوريا على قسم كبير من الحدود لكن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على هذا الجزء في الوسط. لذلك فإن ما يقلق تركيا هو هل ستنتقل وحدات حماية الشعب إلى المناطق التي يتم تحريرها من داعش؟ بانتقالها إلى هذه المنطقة فإن (القوات التركية) تمنع كذلك الأكراد السوريين من التموضع فيها".
وقال تونكالب إن تركيا لطالما اعتبرت المنطقة الواقعة إلى الغرب من الفرات خطاً أحمر لا يمكن أن تسمح للأكراد السوريين أن يتمركزوا فيها.
وأضاف أن أنقرة كادت تختنق عندما انتزعت قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري من الجهاديين بلدة منبج الاستراتيجية جنوب جرابلس والواقعة على الضفة الغربية للفرات، "كان الأمر غير مقبول بالنسبة لتركيا وشكل حافزاً إضافياً لدفعها للتدخل بشكل أوسع في سوريا".
ماذا يعنيه هذا بالنسبة لأكراد سوريا؟
قالت إيبيت ان العملية التركية تعني أن تركيا لن تسمح للقوات الكردية السورية بالتموضع على أبوابها والتسبب بتفتيت الدولة السورية. "ما حدث يعيد خلط الأوراق بالنسبة لأكراد سوريا. لقد ظنوا أن الأميركيين سيدعمونهم في السيطرة على الأراضي حتى النهاية ولكن الأميركيين يلعبون لعبة براغماتية ميدانياً".
وقال مسؤولٌ أميركي الأربعاء إن قوات سوريا الديموقراطية توقفت عن التقدم شمالاً باتجاه جرابلس "لذلك أعتقد أننا هدأنا أبرز مصادر قلق لدى تركيا".
هل هناك ليونة تركية حيال الأسد؟
خلال نهاية الأسبوع قال رئيس وزراء تركيا بن علي يلديريم لأول مرة إن الأسد هو أحد الفاعلين في النزاع السوري وأنه قد يتعين اعتباره جزءاً من العملية الانتقالية.
وتنسق تركيا حالياً مع إيران وروسيا حليفتي الأسد. ولم تعترض حتى الآن أي قوة عظمى على العملية التركية التي بدأت قبل ساعات من زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لأنقرة، لا بل أعلنت واشنطن وألمانيا وفرنسا دعمها لها.
وهناك مؤشرات على أن السياسة الخارجية التركية باتت أقل ميلا لخلق حالات نزاع منذ تولي يلديريم رئاسة الحكومة في أيار/مايو.
وقال مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن سونر كاغابتاي إن وقف تقدم الأكراد باتجاه الشمال في سوريا أهم بالنسبة لأنقرة الآن من إزاحة الأسد.
بعد إزاحة أحمد داود أوغلو مهندس السياسة الخارجية التركية خلال العقد الماضي، غيرت تركيا سياستها بشأن سوريا.
وأضاف أن "وقف تقدم القوات الكردية في سوريا الذي كان يعد هدفاً ثانويا لأنقرة في السابق، بات اليوم يتقدم على موقفها السابق بضرورة إسقاط نظام الأسد".
المصدر: هافينغتون بوست عربي - Ghandi Antar
↧