لقد أصبحت مشكلة الإرهاب او التعبير عن مصطلح الإرهاب والاتفاق والانقسام على تعريفه وممارسته وسلوكه اليوم هو مشكلة تواجه العالم في الشرق والغرب، سواء كان هذا في الأوساط الشعبية والانتماءات المختلفة والاحزاب المتعددة التي تشكل المواقف او في الاعلام والمحافل الدولية وعلاقة الدول بين بعضها البعض ضمن مصالحها وعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية التي تصب اتجاه التعاون وتحقيق المصالح المشتركة. وقد ارتبط هذا المصطلح بحركات وجماعات لها ممارسات عنيفة تُرهب المدنيين بوسائها وادواتها دون اخرى، بسبب الانقسام والتفاوت في تعريفه.
بمعظم الاحيان العمليات الإرهابية تأتي كردة فعل عن شيء مسبق حصل وتراكم من طرف أتجاه طرف أخر للانتقام أو توصيل رسالة معينة سياسية ودينية لهذا الطرف أو الدولة المعنية بالأمر
.
ومعظمنا يعرف حوادث كثيرة حصلت كحادثة مترو أنفاق لندن الانتحارية ومجزرة الشاطئ التونسي للسياح البريطانيين وتفجير مجلة شارلي أيبدو وأحداث الحادي عشر من أيلول وبروز الجهاد في العراق امام احتلال الاميركان له.
.
كل هذه العمليات كانت ردة فعل للقاعدة أو جماعات أسلامية متطرفة للرد بهذه الطريقة بعقر دار الطرف الأخر وذللك لأسباب عديدة في السياسة الخارجية أو لأسباب عقائدية تستخدمها هذه الأطراف متلفقة بالأسلام والتعصب العقائدي مصطبغة في السياسية لتحقيق غايتها وأهدافها بقضية تحملها.
.
وايضاً التفجيرات الإرهابية التي شهدتها الدول العربية في الفترة الأخيرة الكويت لبنان سوريا العراق البحرين فرنسا بالطرق المختلفة. وقيام داعش في العراق ودخولهم بمعركة مع الحشد الشعبي وحركات وجماعات أخرى في سورية تصنف على قوائم الإرهاب تشكل كلها تحديات كبيرة في معالجة هذه القضية
وان اميركا هي الدولة التي تملك أكبر نفوذ وتأثير في اقطاب هذا العالم، لها دور كبير في معالجة هذه القضية وتعامل معها كما ايضاً للدول الأخرى وبالأخص في المشرق لها ايضاً دور ضمن وضعها الداخلي وعلاقاتها مع الولايات المتحدة بما يحافظ على المصالح المتبادلة.
وفي مسار تأسيس الأمة الأميركية في كل ولاية للرئيس المنتخب لديه قضايا ومشاريع يعمل عليها ويلجا للتعامل معها بحكم نفوذ وتأثير اميركا على العالم.
وهذا ما جاء على برنامج عمل الرئيس الجمهوري المنتخب ترامب قضية الإرهاب والحد منه في اميركا وخارج اميركا لأن الاميركان يعتبرونه انه يشكل تهديد وخطر لحياتهم وبلادهم ومستقبلهم ومصالحهم قبل بلداننا.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه امام هذه القضية هل هناك اجماع على تعريف الإرهاب من قبلنا وقبل الاميركان والعالم او إيجاد قواسم مشتركة تٌقلص منه وتتفق على تعريفه وتجفف منابعه.
لابد لنا بهذا ان نحدد ونعرف ماهي أسباب الإرهاب ومن اوصلنا به الى هذه الحالة في الشرق والغرب التي لا يمكننا ان نفصل تفاقم ازمة الإرهاب وبروزه بين سياسات الدول الخارجية ووضعنا الداخلي الديني والثقافي والسياسي.
لقد جاء على خطابات ترامب المتعددة ان الإدارة السابقة ل أوباما وكلنتون الداخلية والخارجية انتجت في الوقع أخطاء مختلفة ومنها تدخلها بالعراق من بعد تراكم أخطاء بوش الابن.ودعم جماعات مسلحة كالأكراد والقاعدة وتعاونها مع ولاية الفقيه التي هي مصنع الإرهاب على حد تعبيره وتضم ميليشيات مسلحة كالحشد الشيعي وحزب الله وتدعم هذه نظام الأسد بالاشتراك مع روسيا ونفوذه في سورية الذي ارتكب جرائم حرب ضد المدنيين والثورة السوية بحجج تصب في القضاء على داعش وجماعات جهادية أخرى أطلق عليها ترامب الجهاد السني التي بطبيعة حالها وعملها تواجه التطرف الشيعي الذي تدعمه اميركا وروسيا في المنطقة بدوافع مختلفة.
وهذا أحد الأسباب المهمة التي ساعدت على بروز الفقه الجهادي المبني على الدين المصطبغ بالسياسة كدافع مواجهة التطرف السني بتطرف شيعي وبالعكس.
ومواجهة الظلم الذي لحق بهذه الشعوب من قبل الأنظمة الحاكمة ودعمها وتعزيز قوتها ونفوذها في التعامل معها كأنظمة حكم بوسائلها وادواتها والتهاون معها من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في ممارساتها الخارجة عن الاجماع في ميثاق الأمم المتحدة لحرية وكرامة وحقوق الشعوب بتقرير المصير التي أجمعت عليها هذه الدول في التزامها بميثاقها وسياستها الخارجية بالحد الأدنى اتجاه هذه الأنظمة في التعاون معها والدعم لها مما أدى بهذه الشعوب وبالأخص في سورية والعراق التطرف للدين في مواجهة هذا الواقع الذي هو غير عادل وسليم لتحقيق تغيير به.
وبنفس الوقت كوضع داخلي لنا في سوريا ومنطقتنا الشرقية
فقد تعرضت المنطقة للاستبداد الفكري والديني والأذلال والأحباط عند معظم المكونات من قبل الأنظمة الحاكمة, وتشرذمت بالتدخلات العسكرية والسياسية المختلفة في مختلف شؤونها وأحداثها اليومية وعدم وجود نحب سياسية ودينية تفصل الدين عن السياسة تحمل مسؤولية محقة تحافظ على التوازن بين الداخل والخارج وعدم نضوج هذه المجتمعات باختيار ممثليها جعلها وقود صراع سياسي وطبقي ومذهبي بالطرق المختلفة وتؤيد القاتل والعقيدة التي تحمل القتل سواء كان بحماية المقدسات أو الدفاع عن الأمة ونشر راية الأسلام والجهاد في سبيل الله. وهذا مازال مستمر بعد حدوث الثورات.
مما جعل البيئة خصبة للأرهاب وللأصوات المتعالية بخطاب الحقد والكراهية . لنمو اية
حركة تزرع في هذه المنطقة وتزداد خصوبتها بالتأييد بالمعتقد والمال والسلاح والإمكانيات التي توفر لها بزيادة نفوذها وتوسعها والخطابات الدينية والسياسية المفعمة بلغة الكراهية وعدم التوافق بين المكونات المختلفة بطرق عقلانية ومثالية وإيجابية سواء كان بالتنشئة الدينية و المصالح والتوافق السياسي فيما بينها على ارض وطن يجمعهم.
.
زاد من حدة هذه المكونات وهذه البلدان بالتطرف أتجاه بعضها البعض في المواقف والاصطفافات
فالإرهاب أصبح بشكل فكري وسياسي بخطاب من حديد صلب أتجاه المصالح وتحقيقها والنفوذ والتبعية للدول الخارجية بطريقة بعيدو كل البعد عن ما يناسب هذه المجتمعات من استمرارية في الحياة والعيش والتطور .ليتطور ويرسم هذا الواقع العربي بالتفجيرات وقتل المدنيين الأبرياء في المناطق المختلفة لا يصال رسائل سياسية ودينية بالصراعات والانقسامات واستغلال القوى الخارجية عربية وغير عربية لأطراف مختلفة لتحقيق نفوذها ومصالحها, .
تقابلها ردة فعل بمثيلها بأرهاب أخر فكري وسياسي بالنار والترهيب بين الأطراف المنقسمة والمتصارعة والتي يقودها رجال ومسؤولين ليس لديهم أدنى المسؤولية باحترام التعددية والحقوق والقيادة السليمة
فتنقاد الفئات الشعبية وراء هذه الأحزاب والحركات بالموروث الديني والثقافي والمشاعر والعواطف والتاريخ لتشكل عند معظم مكوناتها محطة شهداء تزفها الى جنتها السماوية ويبقى واقعها رماد وجحيم عند كل عمل ارهابي وفي مسيرة حياتها اليومية المتصارعة والمنقسمة على بعضها البعض.
وهذا الانقسام ما نشاهده في سورية في تأييد حركات جهادية كالنصرة وحزب الله والنظام السوري والروس وغيرها من الدول الداعمة لهذه الحركات الدينية او اليسارية وبروز الاصطفافات والانقسامات حولها سواء من قبل عامة الشعب او المعارضة والموالاة بالجناح السياسي والعسكري والخارج حسب مصالحه.
فلن تستطيع بهذا ولاية ترامب بنفوذ اميركا المؤثر في العالم من تقليص ومحارية الإرهاب مالم يوجد اجماع دولي على الجدية في تعريفه والتعامل معه بالشكل الفعلي والحقيقي بالحد منه في مؤسسات المجتمع الدولي ومحكمة الجناية ومالم تعترف الولايات المتحدة بولايتها السابقة ان سياستها في المنطقة هي أحد الأسباب تشكل الإرهاب والتعامل مع هذه الأسباب بالشكل الحقيقي. والتخلص من نظام في سورية شكل ازمة للسوريين والمنطقة بقتل ما يقارب نصف مليون شخص بدعم من الروس وولاية الفقيه ودعم قيام أنظمة علمانية ديمقراطية.
ومالم يكن لنا دور ايضاً في بروز الوعي الاجتماعي بهويتنا الدينية وبروز رجال دين وسياسيين لهم القدرة على تنمية هذه المجتمعات بالشكل السلمي والفاعل فيما بينها والتأثير على الدول الخارجية سواء في الشرق او الغرب لأجل مصلحة هذه البلدان والشعوب بأخذها الى بر الأمان وتخفيف من كل الأسباب التي تؤدي لانتشار الإرهاب ونموه في مجتمعاتنا بالطرق السلمية.
وهل سيقضون على داعش في نهاية المطاف ويعترفون بالحشد الشعبي المقدس وتقوية نفوذه؟ وهل العالم جاد في محاربة الإرهاب وهل الشعوب العربية ستصحى من غفلتها أمام الذين يقودها دينياً وسياسياً أم سنبقى نسير بسيناريوهات مختلفة تٌعد لنا وينقاد حُكامنا ورؤساء الأحزاب ورائهم ونحن نقتل بعضنا البعض بأكاذيبهم السخيفة وجهلنا بعقولنا وراء عقائدنا وأيديولوجياتنا التي تهتك بنا ولم تعد تنفع سوى بقائنا في حلقة مفرغة تستنزف كل طاقاتنا وتهدر أوطاننا وتبعدنا عن تقرير مصيرنا.
المصدر: سوريتي
↧