تناولت الصحف الألمانية الصادرة اليوم اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، الذي تم بوساطة تركية-روسية وبدأ سريانه الليلة الماضية، ودلالاته وفرصه في النجاح. وقد طغت على هذا التناول نغمة متشككة بإمكانية الوصول لسلام قريب.
علقت صحيفة Die Frankfurter Allgemeine Zeitung "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" اليومية بأن ثمن الاتفاق كان "باهظاً":
"لقد تم تقوية موقف الأسد من جديد (...) وتوجب على فصائل المعارضة المسلحة الاعتراف بهزيمتها. كما تعين على الداعمين الإقليميين للمعارضة، ومنها تركيا، القبول بالتخلي عن هدف إسقاط الأسد. إن المفاوضات على اتفاق وقف إطلاق النار دليل إضافي على عودة روسيا كلاعب مهم إلى الشرق الأوسط، وهذا نصر جيوسياسي لروسيا، وكما أن إيران اليوم في موقع قوي".
وذهبت صحيفة frankfurter rundschau "فرانكفورتر روند شاو" إلى أن:
"هذا هو ديدن الواقعية السياسية، القائم على استخدام القوة لتحقيق الغايات السياسية: بعد تحقيق الحكومة السورية وحلفائها أهدافها بالسيطرة على حلب، يُحتفى بمن شنوا الحرب بالأمس وأججوها على أنهم حمائم سلام اليوم. ولكن من ناحية أخرى، فإن الناس في سوريا غير مبالين بصدق نوايا المتفاوضين، طالما أن لديهم الفرصة الآن لالتقاط أنفاسهم. نأمل أن تصمد الهدنة لفترة أطول".
من جانبها لا تعتقد، rhein pfalz zeitung "راين بفالز"، الصحيفة اليومية الرئيسية في ولاية "راينلاند بفالز" بإمكان تحقيق سلام دائم:
"بدأت الأصوات بالتعالي في ألمانيا بأن سوريا ستكون قريباً 'بلداً آمناً'. مما يعني عودة اللاجئين إلى بلدهم. غير أن هذا الأمر سابق لأوانه. صحيح أن هزيمة المعارضة المسلحة في حلب الشرقية محطة مفصلية في هذه الحرب المستعرة منذ ما يقارب ست سنوات، إلا أنها ليست نقطة النهاية لهذه الحرب. تريد تركيا كسب روسيا على وجه الخصوص كحليف لها ضد الأكراد. هذا يعني أن المزيد من الحرب قد تمت برمجتها في هذا الاتجاه".
وبدورها ألقت يومية süddeutsche zeitung "زود دويتشه تسايتونغ" الضوء على دور كل من روسيا وتركيا وإيران:
"أمام الأطراف الثلاثة، إيران وروسيا وتركيا، الكثير لتربحه أو تخسره. تريد روسيا أن تصبح قوة كبرى تحقق الاستقرار، الذي فشلت في تحقيقه الولايات المتحدة الأمريكية. أما إيران فتريد إبقاء الأسد، المنحدر من الطائفة العلوية، في السلطة، وبذلك توسع دائرة النفوذ الشيعية التي تدور في فلكها. ويتعين على تركيا منع إقامة منطقة كردية في سوريا، وذلك لتجنب انفصال الأكراد الأتراك.
وفقاً للمنطق الجيوسياسي، سيتم تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ. ويمكن للأطراف الثلاثة بلوغ وتحقيق أهدافها دون أن تتفكك سوريا. وسيتعين على الأسد الرحيل بعد فترة معينة. وستتمكن المعارضة من البقاء على قيد الحياة، وعلى أقل تقدير ستحصل على نصر ألا وهو رؤيتها الأسد يتنحى. أما مسألة تطبيق ما يتم التوصل إليه في محادثات السلام المقبلة في الأستانة على أرض الوقع، فلن تكون رهناً بموافقة المجموعات المسلحة المرتبطة بكل طرف فقط، وإنما بمسألة كيفية تحقيق الانتصار على تنظيم "الدولة الإسلامية". ويبقى السبيل إلى تحقيق ذلك هو سر حمائم سلام الأستانة الثلاث: روسيا وتركيا وإيران".
ر.ز/خ.س
المصدر: دويتشه فيله
↧