يتولى البرتغالي أنطونيو غوتيريس في الأول من يناير/كانون الثاني الأمانة العامة للأمم المتحدة في فترة برز فيها عجز المنظمة الدولية حيال الأزمة في سوريا، ساعيا إلى منحها زخما جديدا.
ويخلف غوتيريس (67 عاما) الكوري الجنوبي بان كي مون لولاية من خمس سنوات على رأس الأمم المتحدة، وهو أول رئيس وزراء أسبق يتولى هذا المنصب، وقد أحيا انتخابه بالإجماع آمالا كبرى.
وفي وقت أعرب دبلوماسي غربي عن آسفه لعدم انتخاب امرأة للمرة الأولى، أكد أنه بغض النظر عن ذلك فإن غوتيريس ممتاز لهذا المنصب.
غير أن هامش المناورة الذي يملكه الأمين العام المقبل ضيقٌ بسبب أزمات معقدة على غرار سوريا وجنوب السودان واليمن وبوروندي وكوريا الشمالية.
وقال بان كي مون "أسفي الأكبر مع مغادرة مهامي يتمثل في استمرار الكابوس في سوريا".
لكن بعد بان كي مون الذي افتقر إلى المبادرة والكاريزما، يراهن عدد من الدبلوماسيين على تغيير الأسلوب والشخصية لإعادة تنشيط الأمم المتحدة.
ويقر غوتيريس بأن "الأمين العام ليس سيد العالم"، بل هو مرتبط بحسن نية القوى الكبرى.
الحصار وشهدت الأمم المتحدة -عاجزةً- حصار النظام السوري بدعم من روسيا وإيران لأحياء شرق حلب التي كانت في أيدي الفصائل المعارضة، قبل أن يتمكن عدد من المراقبين من متابعة إجلاء آلاف المدنيين، الأمر الذي اختصره دبلوماسي بالقول إنه "عمل ضئيل ومتأخر".
وعلى مدى نحو ست سنوات من الحرب حمت روسيا حليفتها سوريا من الضغوط الغربية، مستخدمة حقها في النقض ست مرات في مجلس الأمن.
ويرث غوتيريس الملف في مرحلة تقود فيها موسكو اللعبة خصوصا بعد تعزيز النفوذ الروسي نتيجة سيطرة قوات الرئيس بشار الأسد على حلب.
ورغم حاجته إلى طرح أفكاره لحل النزاع سريعا، فإن دبلوماسيا قال إن الأمين العام المقبل لم يكشف أوراقه حتى الساعة.
ومع تأكيد استعداده للتدخل شخصيا، يحافظ غوتيريس على الغموض، وقد سبق أن كرر قوله "يلزمنا مزيد من الوساطة والتحكيم والدبلوماسية الوقائية".
وكان بان كي مون قد استعان بثلاثة وسطاء هم كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي وستيفان دي ميستورا الذي يواصل مهمته.
وأظهرت الأمم المتحدة أيضا عجزا وانقساما إزاء الحرب الأهلية الدائرة في جنوب السودان منذ ثلاث سنوات. وفشلت مبادرة أميركية لفرض حظر أسلحة، حيث لم تنل أكثر من سبعة أصوات مؤيدة بين 15 دولة عضوا في مجلس الأمن.
كما تعرضت قوة الأمم المتحدة التي تصل إلى 13 ألف عنصر في هذا البلد للانتقادات لفشلها في توفير حماية فعالة للمدنيين الذين لجؤوا بأعداد كبرى إلى قواعد الأمم المتحدة.
وفي أفريقيا الوسطى تلطخت سمعة القبعات الزرق باتهامات بالاغتصاب.
مناصب للنساء وإذ أخذ الانتقادات في الاعتبار، فإن غوتيريس فقد أعلن أنه حان وقت التغيير، داعيا إلى منظمة دولية "حثيثة وفعالة ومجدية"، وقال "حان الوقت لتعترف الأمم المتحدة بثغراتها وتصلح نظام عملها".
وبدأ غوتيريس الوفاء بأحد وعود حملته الانتخابية عبر تعيين ثلاث نساء من دول ناشئة في مناصب أساسية، بينهن وزيرة البيئة النيجيرية أمينة محمد في منصب نائبته.
لكن العنصر الأكثر غموضا بالنسبة إلى غوتيريس يكمن في تأثير تولي دونالد ترمب الرئاسة الأميركية.
فقد يؤدي وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض يوم 20 يناير/كانون الثاني إلى تعقيد مهمة غوتيريس.
إذ إن الملياردير الجمهوري أعلن تكرارا حذره وأحيانا ازدراءه بمنظمة الأمم المتحدة، وهدد بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، أحد إنجازات بان كي مون الرئيسية، في وقت تظل الولايات المتحدة المانح الرئيسي للمنظمة حيث تغطي 22% من موازنتها.
كما يطرح سؤال بشأن التأثير المحتمل للتقارب الروسي الأميركي الذي يدعو إليه ترمب.
فبعد تبني مجلس الأمن قرارا يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال ترمب في تغريدة له "في شأن الأمم المتحدة، ستتغير الأمور بعد 20 يناير/كانون الثاني"، يوم دخوله البيت الأبيض.
المصدر: الجزيرة نت