تدور سجالات حالياً حول شروط الفصائل المسلحة المجتمعة في أنقرة للمشاركة في مؤتمر أستانة وعن مدى جدية تلك الفصائل بالتمسك بشروطها، في حين تتعاطى كل من روسيا وتركيا مع موضوع المؤتمر كحدث قائم ومع موضوع مشاركة فصائل المعارضة وكأنه بحكم المحسوم.
تشير كل المعطيات إلى أن الفصائل ستحضر مؤتمر أستانة بغض النظر عن قبول روسيا وتركيا "ضامني اتفاق وقف إطلاق النار" بالشروط التي وضعتها تلك الفصائل للحضور أو عدمه، فحضور فصائل المعارضة المسلحة شبه المؤكد لمؤتمر أستانة ليس بسبب ضغط تركي أو غيره، وليس بسبب رغبة لدى الفصائل باعتمادها كممثلة وحيدة في المفاوضات، واستبعاد الهيئات السياسية، ولا بسبب كونها القوى المؤثرة على الأرض وبالتالي الأقدر على تنفيذ مخرجات أي اتفاق أكثر من غيرها. السبب في ذهاب هذه الفصائل إلى أستانة ببساطة هو عدم وجود خيار آخر ولأن البديل هو اجتياح إيراني ومزيد من التهجير لمناطق سورية جديدة من دون وجود أي قدرة لدى المعارضة على مجابهة هذا البديل.
وبالتالي فالمفاضلة أصبحت لدى المعارضة هي الاختيار بين الطرح الروسي الذي يسعى لحل سياسي على مقاس رؤيته التي تقوم على الحفاظ على مؤسسة عسكرية ولاؤها روسي بكل ما ينتج عن هذا الطرح من سلبيات، وبين الطرح الإيراني الذي لا يجد بديلاً عن الحل العسكري واجتياح المزيد من المناطق مع انتفاء القدرة لدى المعارضة على مجابهة هذا الحل، عدا عن الويلات التي قد يخلّفها على المدنيين في الداخل الذين يشكّلون عامل ضغط إضافياً على المعارضة.
ففصائل المعارضة ستذهب إلى أستانة مرغمة، على الرغم من معرفتها أن روسيا لن تحقق أياً من الشروط التي وضعتها للمشاركة، وعلى الرغم من معرفتها بأن ذهابها منفردة بغياب الهيئة التمثيلية للمعارضة قد يحوّلها إلى محطة عبور إلى المفاوضات السياسية في جنيف بعد إفقادها بعض الثوابت التي حافظت عليها المعارضة السياسية طوال السنوات الخمس الماضية، وأهمها بيان جنيف 1. وستذهب على الرغم من معرفتها بأن تمثيلها في مؤتمر أستانة سيفتح الباب أمام المنصات الأخرى المحسوبة على المعارضة لتطالب بأن تُمثل ضمن مفاوضات جنيف، الأمر الذي من شأنه تشتيت المعارضة بعد أن كان هناك جهة سياسية وحيدة تمثّلها، وتحويلها إلى عدد من المعارضات.
المصدر: العربي الجديد - عبسي سميسم
↧