Quantcast
Channel: souriyati2 –سوريتي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

أسقط أقنعة النخب المزيفة في (عين الشرق).. إبراهيم الجبين: الكتابة الآن لا تليق إلا عن دمشق

$
0
0
souriyati : حنان عقيل- أنا برس ما بين حاضر مأساوي يعيش الكثيرون قيد أغلاله، ومستقبل غامض تشوبه الكثير من المخاوف والتساؤلات. ثمة ماضٍ لا يمكن تجاهله، "فكل حرف أو ضربة سكين وريشة ورجفة وتر حدثت قبل الآن، إنما تشارك في خلق هذه اللحظة التي نحن فيها الآن". في "عين الشرق" يستنطق الروائي والشاعر السوري إبراهيم الجبين التاريخ.. يجعله مرآة عاكسة للواقع الراهن في بلده "دمشق" التي يسير في أزقتها وشوارعها دون أن يتمكن من أن يغادرها على مر السنون سوى بجسده. في روايته الصادرة حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر "عين الشرق. هايبرثيميسيا 21&8243;، يرصد الروائي والشاعر السوري إبراهيم الجبين يومياته في معشوقته دمشق التي استأثرت بروحه منطلقًا من أزمنة غابرة وشخصيات تاريخية تركت بصماتها الجليّة على المدينة. يقول الجبين "من يعيش في دمشق لسنوات طويلة، سيصعب عليه العيش في أماكن أخرى في العالم. وإن انتقل فهو يبقى في دمشق، يشده إليها كل يوم شيء جديد، وكل ما يراه حوله يأخذه من جديد إلى دمشق. عشت في دمشق أكثر من ربع قرن، أي حياتي الناضجة كلها، وفي تلك السنوات كان كل ما أفعله يومياً، هو الاستيقاظ صباحاً واكتشاف دمشق. عرفتها مثلما أعرف كل خلية في جسدي، وتعلّقت بكل ما فيها من تفاصيل. لهذا ما زالت الكتابة عندي لا تليق إلا عن دمشق". اختار الجبين في روايته الثانية "عين الشرق" أن ينبش في التاريخ وفي الأزمنة الغابرة عن ماضٍ عريق وعن خراب راهن أيضًا تسبب فيه تركة طويلة من الفساد. سألناه لماذا جعلت من الراهن المأساوي موضوعًا فرعيًا وليس حدثًا رئيسيًا في الرواية؟ فأجاب "الراهن المأساوي ليس حدثاً تفجّر بين ليلة وضحاها، بل هو حاصل تراكم طويلة ومقدمات، كان لابد من الحديث عنها. غير أن أحداً لا يريد الحديث عن تلك الأمور، لأنها بالفعل تدين الجميع. حين تحالف الفساد مع السياسة والمافيا والأجهزة الأمنية والنخب المزيفة. كي يحكموا سيطرتهم على المجمتع السوري المتعدد المتنوع، ويتقاسموا السلطات فيها كل حسبما يريد". النص المتطور طريقة السرد في "عين الشرق" تعتمد على مقاطع متفرقة يحمل كل مقطع موضوع مختلف عن الآخر.. وهنا يوضح الجبين أن تلك الطريقة في السرد ليست سهلة، فالأسهل هو اعتماد القالب المألوف والنمط التقليدي للكتابة الروائية، لكن هذا ينتج المزيد من الحكواتية في عالمنا العربي، وهذا لا يقنعه. الخيار الآخر هو الخروج المتمرد على النمط، وهو أيضاً لم يعد يملك القدرة على إثارة القارئ، مشيرًا إلى أن السينما هي النص المتطور، وهي كتابة لا تقل عن الكتابة. فلماذا لا تكون تقنيات السينما من تقنيات الرواية بدلاً من تبعية السينما للرواية طوال الوقت؟ ويتابع "هذا ما اتبعته في "يوميات يهودي من دمشق"، قبل عشر سنوات، والآن في "عين الشرق" لافتًا إلى أنه تعمد استعمال تقنيات تبدو بسيطة، كما أن هندسة ما خاصة بالنص، لا تخفى على القارئ الجاد. التاريخ والشخوص كائنات تتحرك على سطح البطل الأساسي للرواية "دمشق". والزمان بلا قيمة فعلية، يمكن الرجوع والتقدم فيه، حسبما تتحول قطع "البازل" على سطح المدينة". بنية النص رصد اليوميات في دمشق هو قاسم مشترك بين "عين الشرق" والرواية الأولى لإبراهيم الجبين "يوميات يهودي في دمشق". وعن سبب اعتماده على التقنية ذاتها في العملين يقول "الانتقال من البسيط والعادي إلى القضايا الكبرى والملفات الساخنة والحرجة في الثقافة العربية والإسلامية، واحتدام علاقتها مع الأعراق والطوائف والعودة من جديد إلى اليومي والمألوف، هي ليست تقنية معقدة، بل ضمن البنية الهندسية للنص، والتي تُشكل قطعاً صغيرة يكمّل بعضها البعض الآخر. هناك شخصيات في الرواية على سبيل المثال، يمكنني أن أسميها شخصيات يومية، أو كومبارس، لكن توظيفها في السياق والمشهد العام والصورة العريضة الواسعة لما ترسمه الرواية في الذهن، يعطيها أهميتها الخاصة. وكذلك الأمر بالنسبة لأحداث صغيرة قد لا يجدها المرء عادة مثيرة، لكنها من يوميات الشخصيات، وهذا يعطيها حرارتها. الأنماط السائدة، بمعظمها، تقدم الشخصيات الروائية وكأنها عبيد عند الكاتب، أو روبوتات، أو مجموعة من ممثلي المسرح تنتظر أوامر المخرج. لكن ما أذهب إليه هو أن تلك الشخصيات حقيقية من لحم ودم، ولها مثلما لنا أسماء وذكريات وأفكار وسخافات وأمور عظيمة وأفراح وآلام، أي أن لها يوميات". الحقيقة والإيهام في "عين الشرق" شخوص حقيقية تعيش بيننا اليوم تربطهم بالراوي علاقات شتى ويظهرون على مسرح الأحداث في الرواية من حين لآخر، وتحولات للرواة داخل الرواية من شخص لآخر. هنا تتعدد الشخصيات والبطلة "دمشق" التي أطلق عليها الرومان اسم "عين الشرق" لا تتبدل.. في هذا الصدد يلفت الجبين إلى أنه في "عين الشرق" لا يوجد راوٍ واحد بل توجد ذوات مختلفة، يروي كل منها بلسان حاله. فالرواية ليست مذكرات ولكن بها شكل من أشكال المزج ما بين المتخيل والمعاش. شكل من شكل التوثيق، ولعبة الحقيقة والإيهام. شخصية مثل شخصية الديكتاتور العجوز الذي يعيش وحده على سريره في غيبوبة، ونسمع ثرثرته طيلة الوقت وحواره مع نفسه دون وجود أي طرف آخر. ولا علاقة لها بهذا الراوي كاتب الرواية. صار العجوز راوياً أيضاً. إخاد اليهودي الجالس طيلة الوقت في القبو، هو راوٍ بشكل آخر. ابن تيمية راوٍ أيضاً، وفي كل حكاية حكاية أخرى لها راوٍ جديد، حتى تصبح الحلقات متكررة بلا نهاية. في "عين الشرق" عدد من الشخصيات الحقيقية مثل ابن تيمية، عبد القادر الجزائري، مظفر النواب وغيرهم بأسماء مستعارة.. يقول الجبين "هذه شخصيات من عالمي، لم أخترها اليوم. ولدى كل منها تأثيره في العالم الخاص بالرواية. وفي الراهن من حولنا. وهذا خيار شخصي، يمثل حرية الكاتب الشخصية في اختيار موضوعاته من موجودات العالم". محاكمات عقلية ثمة أفكار تنضح بها الرواية وتشكل عمودًا أساسيًا تتكيء عليه الرواية في التطور، آراءٌ يعمد الكاتب لإظهارها بوضوح ودون مواربة بشأن شخصيات راهنة أو من التاريخ السوري.. شخصيات ربما تم تجميلها أو تقبيحها في الواقع دون وجه حق .. ها هو ابن تيمية المختطف من قبل الظلاميين والمنبوذ من العلمانيين يعلن عن أفكاره التنويرية التي تم التغطية عليها، النخبة المثقفة وأمراضها وأحداث تاريخية أوصلت إلى خراب راهن حاضرة بقوة في الرواية. يبيّن الجبين أن هذه الأفكار يقوم عليها النص وهي من أعمدة عقائد واتجاهات وميول الشخصيات. الرواية التوثيقية والرواية الريبورتاج وغيرهما من الأنماط والقوالب التي غادرت الهيئة القديمة للرواية تعتمد على خداع القارئ ببناء قصص وشخوص ملفّقة. القارئ اليوم مختلف تماماً عن قارئ أيام زمان. هو شريك في التفكير، وهو شريك في إكمال كتابة النص في بعض أفكاره، وبالتالي فمن الطبيعي أن نحترم تساؤلاته وما يدور في نفسه من محاكمات عقلية للأفكار والوقائع والظواهر. ويحق لهذا القارئ أن يتساءل اليوم لماذا جرى وصفي هكذا على الدوام من قبل من توهمت أنهم نخبة؟ ولنتخيل الحالة؛ ماذا لو قرأنا لكاتب فلسطيني يدعي أنه يدافع عن قضية الشعب الفلسطيني، وهو يتهمه في أعماله الأدبية على الدوام بأنه شعب من الحثالات والرعاع والوحوش الجنسية والبربرية؟ هل كان سيسمى هذا دفاعاً عن قضية الشعب الفلسطيني؟ أم خدمة مباشرة لمن يريد أن يبيد هذا الشعب؟ هذا الإجرام فعلته النخبة (المزيف منها) ويجب أن نسلط عليه ضوءاً ساطعاً حى يدرك الناس لماذا يرانا الغرب على الأقل هكذا؟ ويتابع: بالطبع المجتمع ليس بريئاً، ولكن هذا طبيعي، في كل مكان وزمان على وجه الأرض، كان لابد من مقاومة ظواهر التخلف والجهالة. لكن لم نسمع أن النخبة في أوروبا دعت السلطات إلى إبادة الأوربيين! ولا قالوا عنهم إنهم حشود من الحيوانات. ولا تعالت عليهم ولا حاولت إظهار نفسها ككائنات فضائية هبطت من حضارات في مجرات بعيدة. للأسف هذا "التكفير" مارسته وتمارسه النخبة السورية، بما فيها النخب العلمانية وتلك المتدينة منها، يعني أن التحالف كان ولم يزل ما بين مدّعي العلمانية ومدّعي الإسلامية والسلطات الاستبدادية. والضحية دوما هي الناس والأمكنة وأبعادها المعرفية الضاربة في التاريخ. الرواية كوثيقة وردًا على سؤالنا له "ما الذى سعيت لتحقيقه من خلال رواية "عين الشرق"؟ يجيب الجبين "لعل هذا السؤال من أصعب ما يمكن طرحه من الأسئلة على كاتب، أو فنان. أظن أن هذا ما يجب أن نسأل عنه القارئ الذي أحرص دوماً على احترام عقله. ولا أوجّه له الإهانة بالتفكير بالنيابة عنه. أو بتنقيط الكلمات كي يفهمها أفضل. لكن مسايرة للسؤال.. ما سعيت لتحقيقه أقل من إعادة تركيب الماضي، وتركيز ما حدث سابقاً على أنه نهج دائم، وليس مجرد اتهامات. مدينة مثل دمشق، لا تخص السوريين وحدهم. هي أقدم مدينة عربية تحمل أخلاق المدينة، والتمدّن هو التحدي الإنساني الأكبر اليوم، وأمس وغداً. وحين يتعرض هذا التمدن لغزو دائم من قبل مختلف المذاهب والمشارب، لجرّ المكان إلى الزمان، وإعادته للوراء باستمرار، فهذا يعني أننا لن نتحرك من مكاننا أبداً. حين يتم استهداف "مدينة" دمشق، فهذا يعني استهداف "مدنية" العرب والشعوب التي تعيش معهم على هذه الأرض كلها، في الفضاء من العراق إلى المغرب. بطوائفهم وأعراقهم وثقافاتهم كلها. استهداف اتخذ أشكالاً عديدة، من اليومي البسيط، إلى الفكري الكبير العريض الواسع". ويستطرد "الرواية في النهاية هي وثيقة، لا أكثر، وثيقة صغيرة، لكن بكتابتها نضع علامة فارقة على التاريخ، لن يجري محوها أبداً. لمن يقرأ اليوم ومن سيقرأ غداً. وهذا دور أدبي وجمالي وفني وفكري صغر أو كبر، لا يهم، لكنه دورٌ فعلته كل ورقة كتب في تاريخنا، وكل فكرة وكل عبارة قيلت". الميزان الأخلاقي هناك من ينادون بفصل الإيدولوجيا عن الأدب وهذا لا يعني برأي الجبين التخلي عن الأفكار والقضايا الكبيرة بذريعة فصل الإيديولوجيا عن الأدب. فهذا نوع من الحيل التي يلعب بها المتشاطرون علينا، فالإيديولوجيا التي قصدها من طرحوا هذا الطرح، كانت تعني انتماء الكاتب الحزبي إلى تيار سياسي له عقيدة أي إيديولوجيا، فيقوم بضخ تلك الإيديولوجيا عبر كتابته الأدبية وتحوير الأدب ليلائم عقيدة الكاتب. كما كان يحصل أيام الشيوعية. لكن هذا لا ينطبق الآن على من يكتب عن الحياة كما تحدث. متابعًا "لا أنتمي لأي حزب سياسي، لكني لا أتوقف عن التمسك بالميزان الأخلاقي والإنساني الذي يفصل ما بين الأشياء والمواقف. لا يتطلب الأمر مني أن أكون سياسياً حتى أنتقد نظام بشار الأسد المجرم الذي دمّر بلادي سوريا، أو إيران وروسيا أو الذيول التكفيرية التي تتبع هؤلاء وتتحرك بإذنهم بالريموت كونترول. برأيي هذه هي الثقافة، أن ننظر إلى الإنسانية والمنجز البشري الكبير الذي حققته الإنسانية عبر تاريخها، دون أن نسمح بعودة الإنسان إلى الوراء، إلى البربرية والهمجية". ويضيف: في "عين الشرق" نرى كيف أن الذين تحكموا ببلادنا حكموها بالنار والحديد إنما كانوا طبقة "مثقفة" من الضباط. الثقافة من جديد، تحالف هؤلاء مع مثقفين وقادة أحزاب سياسية لديهم "ثقافة مختلفة"، تسمح لها وأطبق الجميع على الشعب الذي حرم من أي "ثقافة" بتجهيله ومنع التنمية من الوصول إليه وإلى قراه ومدنه. وكان الضحايا "مثقفون" معتقلون، و"مثقفون" قتلى في الشوارع، و"مثقفون" منفيون في أنحاء العالم. مهمة المثقف يرى الجبين أن ما ينقص المشهد السوري هو الدور الثقافي الفعلي. فالمثقف السوري كان مستنكفاً عن القيام بدوره، اكتفى بأن يلوذ بعالمه الخاص، لاعناً المجتمع والسلطة. نادباً حظه من الذين يلاحقونه كي يمنعوه من تقديم بضاعته، أي دوره، ولما حانت الساعة. اكتشف الجميع أن بضاعة المثقف لم تكن "التنوير" بل كان ما يزال يرقص على الحبال. مستمتعاً بدور الضحية ودورها المؤجّل. التنوير ليس مهمة عموم الناس، وليس مهمة السلطات الاستبدادية. التنوير هو مهمة المثقف تحديداً، وهو ليس عملاً استعلائياً يصبغه التكبّر على المجتمع. ويجبرنا الواقع العربي السيء اليوم على السؤال؛ ما الذي حدث حين تخلى المثقف عن دوره التنويري؟ تركت عشرات الملايين من البشر نهباً بين يدي الاستبداد والظلام مقابل المكاسب الرخيصة، والتضحيات الاستعراضية التي تطالب بالمكافآت كل يوم. سرديات الحدث أما عن السرديات الراهنة التي جعلت من الحدث السوري موضوعًا لها يقول الجبين "لطالما كنت أتهيب مساس الكتابة الأدبية أمام الحدث السوري. في السطور الأولى من "عين الشرق" كنت أسأل؛ هل يليق بما يجري أن نكتب عنه بالآليات ذاتها التي كنا نستعملها قبل أن يحدث ما حدث؟ أعتقد أن كثيرين لم يعن لهم هذا الجانب شيئاً، وواصلوا على يقين مما لديهم من استعدادات. حتى بدا الأمر وكأن شيئاً لم يتغير. سوى أن الموضوع صار عن كارثة تقع على كوكب آخر اسمه سوريا. أو كما فعل البعض بضخ التأوهات والندب في متون الأعمال الأدبية، فأصبح الفعل نواحاً بدل أن يكون تأثيراً فكرياً وجمالياً. حتى متى نكتب عن المجازر؟ وما الذي نريد أن نبرهنه بمواصلة الحديث عنها؟  وإن كان هذا هو المعيار، فإن نشرة أخبار في أي محطة تلفزيونية أكثر بلاغة من الأدب السوري الحالي الذي يكرر الحديث عن مأساة الشعب. هناك شيء آخر يجب أن تقوم به الكتابة الأدبية، مختلف وجديد. لغة ترتعش أمام فكرة وجود قارئ جديد، لم يعد يقبل بكل هذا الخداع اللغوي المتذاكي المكشوف.

Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>