أيها السوريون.. “اخلعوا أعضاءكم لتمروا”، لتهربوا من جحيم الموت الأسدي إلى دول أكثر أمنًا وأمانًا، إلى أميركا ربما، أميركا التي تحترف خداع العالم بلصق تهمة الإرهاب بالسوري إعلاميًا، بينما أرقامها الرسمية تقول إن السوري اللاجئ ليس إرهابيًا.
ثمة أرقام صادمة عن اللاجئين السوريين، تمر مرور الكرام أمام أعين العالم، ولكن لابد من بعض التدقيق وإعادة قراءة هذه الأرقام، خصوصًا بعد قرار ترامب الأخير الذي قضى بمنع استقبال لاجئين سوريين؛ “لإبقاء الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين خارج الولايات المتحدة”، وأما الإرهاب فإنه، بحسب البيانات الأميركية، لا يتصل لا من قريب ولا من بعيد باللاجئين السوريين الواصلين إلى أميركا.
استقبلت أميركا -حتى الآن- نحو 12 ألف لاجئ سوري فقط، من أصل 4.7 مليون لاجئ سوري، أي بنسبة 0.2، وبحسب بيتر بيرغن، محلل شؤون الأمن القومي في شبكة CNN، ونائب رئيس مؤسسة “أميركا الجديدة”، وأستاذ ممارس في جامعة أريزونا الأميركية، ومؤلف كتاب “الولايات المتحدة الجهادية: تقرير عن إرهابيي أميركا محليي المنشأ”؛ فإنه لا دليل على وجود إرهابيين من بين اللاجئين السوريين الذين يستقرون في الولايات المتحدة الأميركية.
لن ندخل في أرقام توزع اللاجئين السوريين على دول العالم، ولا نريد أن نثبت أن الدول المجاورة لسورية تتحمل العبء الأكبر من أعداد السوريين، ولا نهدف إلى استجرار التعاطف بالكلام الإعلامي، ولا حتى الأدبي، كل ما سنحاول أن نثبته أن السوريين في أميركا لم يحملوا أي مشروع إرهابي.
بحسب مقال لبيرغن، كل الأعمال الإرهابية “الجهادية” القاتلة التي شهدتها أميركا منذ أحداث 11 سبتمبر عام 2001، نفذها مواطنون أميركيون أو مقيمون في الدولة بصفة قانونية، ولم تُنفذ أي من تلك العمليات على يد لاجئ سوري.
من المعروف أن الدخول إلى الولايات المتحدة بالنسبة إلى اللاجئ السوري أكثر تعقيدًا من أي قضية تشغل العالم، والكلام ليس من تأليفنا، فبحسب شهادة آن ريتشارد، المسؤولة رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، في جلسة استماع للجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015، فإن “أي لاجئ سوري يحاول دخول الولايات المتحدة يجري التدقيق في ملفه من مسؤولين في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ووزارة الأمن الداخلي ،(DHS) ووزارة الخارجية، والبنتاغون، ويجمع المسؤولون -أيضًا- بيانات اللاجئين السوريين البيومترية (بمسح شبكية العين) على سبيل المثال، إضافة إلى تاريخ مفصل عنهم، كما تُجرى معهم مقابلات مطولة، ويُبحث عنهم في قواعد البيانات الحكومية؛ لمعرفة ما إذا كانوا قد يشكلون خطرًا، وتستغرق العملية عامين، وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك”، وبالنتيجة؛ لا يصل أميركا من السوريين طالبي اللجوء إلا “كل طويل عمر بالتعبير السوري”.
هل يعلم الشعب الأميركي أن ثمة 17 جهاز استخبارات في أميركا، وهل يعلم الشعب الأميركي أن الرئيس الجديد الذي انتخبه هو ابن لسيدة هربت من الفقر في جزر هبريدس الخارجية في اسكتلندا إلى نيويورك عام 1929، وهل يعلم الشعب الأميركي أن أوروبا استقبلت أضعاف مضاعفة من السوريين، ومعظمهم من وصلها جاء بطرق غير نظامية، بحرًا أو برًا.
هل فعلا رئيس الولايات المتحدة الأميركية ومستشاروه لا يعرفون هذه التفاصيل والمعلومات؟ من السذاجة تصديق ذلك، إذن؛ ماذا يريد ترامب من قراره هذا؟
الواضح من سيرة الرجل السياسية أن قراره عرض إعلامي صرف، يهدف إلى خداع الشارع الأميركي من خلال التستر على الحقائق، وتوجيه الرأي العام إلى الأكاذيب.
ترامب لا يريد أن يعترف بأن الإرهاب مصدره سياسة أميركية، ومصدره في سورية سياسة صديقه بوتين ورجله بشار الأسد.
يغض الطرف عن وفود الإرهابيين الذين دخلوا إلى سورية تحت أعين استخباراته وحكومات الإقليم، وأن دعمهم جاء من أموال أصدقاء أميركا وترامب.
إنه يريد -ببساطة- أن يقول إن الإرهاب جينات موجودة في السوريين. لكن السؤال الحقيقي: هل فعلًا الولايات المتحدة ملجأ للاجئين السوريين؟
بالنسبة والتناسب؛ فإن هذا القرار لن يؤثر في اللاجئين السوريين، سوى حالات فردية. وليست كارثية، لكن الكارثة أن يتفق سوريون مع قرارات كهذه؛ لأنهم يرون أن جماعات سورية من بلدهم لا تستحق الحياة؛ لأنها من طائفة أو دين أو قومية ما، فهل نلوم ترامب ونقبل الترامبيين السوريين.