تزامناً، مع دعوة وزير خارجية لبنان جبران باسيل، قبل أسبوع تقريباً، إلى طرد اللاجئين السوريين من لبنان وإعادتهم إلى بلدهم سوريا، أمهلت بلدية كفر رمان الواقعة جنوب لبنان، السوريين الذين لا يملكون كفيلاً من القرية 15 يوماً لمغادرتها، إضافة إلى المخالفين لشروط الإقامة، واشترطت البلدية أن يكون الكفيل من القرية نفسها؛ بمعنى أن جميع السوريين المقيمين شرعياً والمكفولين من لبناني ليس من كفر رمان، سيتعرضون إلى الطرد والمغادرة.
ويبدو أن حكومة لبنان تعوّل على طرد العديد من السوريين إلى مصر، ويتضح ذلك من تصريح باسيل الذي قال فيه "إن التوطين أمر مرفوض في الدستور اللبناني والحل في عودتهم الى بلادهم"، وأنه "من باب الحفاظ على أمننا القومي طلبنا مساعدة مصر في التفهم الدولي لما يتحمله لبنان نتيجة أزمة النزوح"، كما أشار إلى أن "أي رهان باستعمال النازحين كورقة سياسية أمر يرفضه لبنان ويقاومه حتى النهاية". ومن العسير التعويل على مصر في هذا الملف، في الوقت الذي تعاني فيه هذه الأخيرة من أزمة داخلية على صعيد الاقتصاد والخدمات، عدى عن التوجه السياسي الذي فرضه قدوم عبد الفتاح السياسي إلى سلطة البلاد، بخصوص اللاجئين السوريين.
هذا ويعاني لبنان من تضخم واضح في أعداد اللاجئين السوريين الذي قارب عددهم أن يصل إلى مليون ونصف، في ظل ظروف إنسانية صعبة، وقلة اليد العاملة، وتسرب الآلاف من الأطفال عن المدارس. وما تزال حكومة لبنان تطالب بشكل مستمر دول أصدقاء سوريا، بتقديم دعم مالي لها للإنفاق على احتياجات اللاجئين المتزايدة، عدى عن مطالبتها الدول العربية، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، بتخصيص صندوق عربي لدعم دول الاستقبال بما فيها لبنان.
وإنها ليست المرة الأولى التي يظهر فيها توجه حكومي لبناني، لطرد لاجئين على أراضيها، حيث عمدت منتصف كانون الثاني/ يناير 2016، إلى إعادة 407 لاجئين سوريين قسراً، ممن تقطعت بهم السبل في مطار بيروت، ما دعا منظمة العفو الدولية حينها، إلى وصف هذا الإجراء بأنه "خرق كبير للالتزامات الدولية اللبنانية"، والذي يستلزم منها عدم إعادة اللاجئين المعرضين للأخطار إلى مناطق الصراع المشتعلة.
والحكومة اللبنانية بموجب إجراءات ولوائح قانونية، وضعتها منذ عام 2015، قامت بطرد العديد من اللاجئين السوريين، هذا عدى عن الترحيل القسري الناتج عن الحملات الأمنية التي يشنها الجيش اللبناني، بشكل شبه يومي، في صفوف اللاجئين بتهم "دخول البلاد بطريقة غير شرعية"، أو بتهم تتعلق بـ "الإرهاب. وقد دفعت هذه الإجراءات العديد من العوائل السورية اللاجئة إلى إرسال الزوج أو الابن إلى تركيا وأروبا.
وتجدر الإشارة، أن لبنان عمد في عام 2015، إلى تغيير سياسة الباب المفتوح طويلة الأجل، والتي سمح بموجبها للاجئين السوريين بالدخول والاستقرار على الأراضي اللبنانية من دون قيود تذكر. حيث بدأ منذ ذلك الوقت بفرض مبلغ 200 دولار على اللاجئين مقابل تصريح الإقامة الذي يمتد بين 6 و12 شهراً، والذي يتم الحصول عليه عبر عملية بيروقراطية طويلة ومرهقة تصاحب كل طلب إقامة مقدم.
كما يشار إلى العديد من حملات التحريض التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان، والتي تتهمهم بأنهم السبب الرئيسي في تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان وأنهم وراء جرائم الإرهاب والقتل في بلادهم. ويأتي ذلك في ظل تأثير لبسط حزب الله على سيادة العديد من المناطق لا سيما الجنوب، بالإضافة إلى تأثيره في العديد من القرارات، وبناءً عليه وجهت تهم كثيرة إلى الحكومة اللبنانية، بأن ما يتعرض له السوريون ناتج عن ضغوطات من حزب الله والنظام السوري.
↧