مبادرة سورية للسلام، أُطلقت من #بيروت في التاسع من هذا الشهر، أثارت علامات استفهام، حول توقيتها ومضمونها، لاسيما وأن أحد بنودها #عودة_اللاجئين الى الداخل السوري قبل أن تضع الحرب أوزارها، وهي الخطوة الأولى في مشوار طويل لطيف من الدبلوماسيين، نواب ووزراء سابقين اضافة الى موالين للنظام وبعض الهيئات الدولية، لتحقيق الهدف الذي من أجله اجتمعوا تحت شعار "وطن موحّد لكل السوريين".
في فندق "ريفييرا" عقد الاجتماع، للتباحث في"المشروع الوطني السلمي لتعزيز فرص السلام وإنهاء الحرب في سوريا بكل الوسائل الممكنة". المبادرة أطلقها النائب السوري السابق الدكتور محمد حبش الذي اعتبر في حديث لـ"النهار" أن" الحالة السورية، لها شقان سياسي وانساني، وهذا الجانب الاخير يزداد وجعاً بشكل يومي، فأحد أهم اسباب استمرار الحرب وتعاظم العناء الانساني يكمن في القطيعة بين المعارضة والنظام، وبين الأخير وجيرانه في تركيا والأردن ولبنان، ومن يدفع الثمن هم اللاجئون والمعتقلون والمختطفون. لذلك رأينا انه من الضروري أن تقوم نخبة من السوريين، أكاديميين وبرلمانيين معارضين وموالين بالتلاقي لتجسير العلاقة بين الداخل والخارج، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها تشكيل اجتماعي يضم الطرفين، لهذا السبب سميناها المبادرة السورية للسلام".
لا ضمانة على الارواح!
الفكرة تتضمن أنشطة، برامج، مؤتمرات وزيارات، فمن حق اللاجئ بحسب حبش "العودة الى بلده، والأسلوب الذي يُمارس في شيطنة الطرف الآخر واتهامه بأنه مجرد سادي وذباح، هو ما يجعل الناس تهرب الى الخيام، لذلك استحصلنا على ضمانات من النظام الذي سيستفيد من عودة اللاجئين، حيث سنقدم قوائم بالعوائل مقابل تقديم النظام بطاقات كف بحث عنهم، عندها يتمكن اللاجئ من العودة الى بلده من دون أن يتعرض له أحد على الحواجز أو فروع المخابرات والشرطة والجيش، وسينتقل إما الى بلدته اذا كانت مؤهلة او الى مراكز ايواء يؤمن فيها الطعام والشراب والطبابة. وقد وضعنا الروس والامم المتحد والألمان في صورة الاتفاق الأولي بيننا وبين الدولة السورية حيث وعد الجميع أن يكون مساعداً ورقيباً حتى ننجح بتأمين عودة كريمة للجميع".
ويرفض حبش مقولة انه "يجب ان يبقى اللاجئون من اجل لهيب الثورة"، فـ"من حق هؤلاء العودة ولو كان انتصار الثورة بعد يوم من الآن وهذا موقف انساني خارج التفاوض". وأضاف: "ليس كل من في الداخل يذبح، هناك مناطق آمنة انتهت فيها الحرب ولم تطلق رصاصة فيها منذ ثلاثة اشهر، فتفريغ البلد من أهله مصلحة لمن". وعما اذا كان يثق بوعود النظام وهل يضمن حياة الناس؟ أجاب: " نحن لا نضمن حياتنا، نفعل كل ما يمكن لحماية الناس لكن لا نضمن الأقدار والمستقبل، وحتى نحقق هذا الأمر لجأنا الى الأصدقاء الروس والأمم المتحدة ونحن مقتنعون ان النظام يهمه ان تنجح هذه المبادرة".
ماذا عن المعتقلين؟
وتمثل عودة ألف أسرة المشروع الاختباري للمبادرة، وفي حال نجحت هذه الخطوة "ستتبعها برامج عدة لصناعة السلام بعيداً عن حمى التفاوض السياسي والصراع العسكري"، ولفت حبش الى ان "الهدف واقعي وهو مصلحة لبنانية لكن للاسف الى الآن لم نر تجاوباً حقيقياً من المسؤولين اللبنانيين عن ملف النازحين ولم نحصل على لقاء مقنع".
"النهار" حاولت التواصل مع وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لاستيضاح رأيه لكنه لم يجب على الاتصال.
لكن لماذا لم تبدأ المبادرة بالمعتقلين وأليسوا أحق الناس بالمبادرات لاطلاق سراحهم لاسيما بعد التقرير الدولي عن" المسلخ البشري" في سجن صيدنايا، عن ذلك أجاب حبش بأن "أول بند في المبادرة هو اطلاق سراحهم والبند الثاني يتناول النازحين، اذ لا يمكن ان يتحقق السلام وفي السجون معتقل او معذب، السجون السورية ملئية بمعتقلي الرأي ومن حقهم الخروج الى الحياة، لكن ليس لدينا آلية للضغط على النظام لاجباره على الافراج عنهم، ونعتقد ان حرصه على نجاح عودة اللاجئين سيدفعه الى بعض الاجراءات فيما يتعلق بالمعتقلين".
وعن موقفه من المناطق الآمنة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رحب حبش بأي تحقيق للأمن في سوريا "لكن ليس المطلوب منا ان نقيّم مشروعاً سياسياً بهذه الخطورة، نرحب بأي منطقة آمنة من دون ان يكون الأمر توقيعاً على مشروع ترامب، نؤيد لكن لسنا فريقاً مفاوضاً ولا نخوّل أنفسنا التحدث باسم الشعب السوري".
الأمم المتحدة... لا تشجع
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان دانا سليمان لـ"النهار" أنه و"بسبب الوضع الأمني والانساني في الداخل السوري لا نشجع او نسهل عملية العودة، كون الحرب قائمة، وخطوط النزاع متحركة، البنى التحتية مهدمة، وخدمات الرعاية الصحية من تعليم ومياه وكهرباء مفقودة ومعدومة في بعض المناطق اضافة الى أن فرص العمل محدودة". وأضافت: "نسهل عودة اللاجئين عندما تكون الأوضاع مناسبة وتتوفر الظروف الملائمة وتكون العودة طوعية حيث يعيش المواطن بكرامة، وقد سهلنا عودة أكثر من 40 مليون لاجئ في نزاعات عدة خلال مسيرتنا".
المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
↧