تعيش الغوطة الشرقية بريف دمشق، على وقع حملة عسكرية عنيفة تحذّر المعارضة من تحولها إلى «حلب ثانية» وإنهاء معقل الفصائل الأخير في محيط العاصمة دمشق. وفيما كان المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا حذر من أن الوضع في الغوطة قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات واتفاق الهدنة، ترى المعارضة، أن روسيا وطهران تحضران لشن هجوم واسع على الغوطة كرد فعل على الفشل المتوقع لـ«آستانة 2»، وفق ما قال المتحدث في الجيش الحر أسامة أبو زيد، لا سيما أن الفصائل الموجودة في الغوطة خاضعة لاتفاق الهدنة في غياب لـ«جبهة فتح الشام» (النصرة) باستثناء حضور محدود لـ«جيش الفسطاط» المحسوب على «الجبهة».
ويوضح عمار حسن، مدير شبكة رصد في ريف دمشق أن «حملة النظام والميليشيات الداعمة له بدأت بهجوم واسع على حزرما وميدعا والنشابية في منطقة المرج ليصل إلى جهة منطقة حوش نصري في محاولات عدة لاقتحام الغوطة من الجهات الشرقية، حيث تمكن من التقدم لكن الفصائل نجحت بعد ذلك في إيقافه». ويرى حسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفصائل قادرة على المواجهة وهي استعدّت لأي تصعيد»، وهو الأمر الذي يؤكد عليه الباحث في الشأن السوري، أحمد أبا زيد، معتبرا أن «المعارضة قادرة على قتال النظام ولا تزال مواقعها لغاية الآن ثابتة وتمتلك القوة العسكرية اللازمة للمواجهة». ولكنه يقول لـ«الشرق الأوسط»: «المعركة الطويلة قد تؤدي إلى استنزافها لا سيما مع تكثيف الحملة الجوية من قبل روسيا»، مضيفا: «يبدو أن هناك تحضيرا لحملة كبيرة على الغوطة وخاصة في دوما التي تعتبر آخر قوة للثورة»، مشيرا إلى أن أبرز الفصائل المقاتلة في الغوطة هي: «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«أحرار الشام»، في حين أن وجود «جيش الفسطاط» المحسوب على «النصرة» محدود بعدما انتهت الخلافات بين «فيلق الرحمن» مع «جيش الإسلام» وتحالفهما معا.
وبعدما كان النظام قد أعلن فتح ما يعرف بـ«معبر مخيم الوافدين» داعيا من يريد من المدنيين مغادرة المنطقة، أكّد حسن، أن هذا المعبر لم يكن مغلقا إنما كان مفتوحا على مناطق النظام وبالتالي، كان ولا يزال، أي شخص يقرر الخروج من الغوطة عبره معرضا للاعتقال أو القتل. ويوضح «إعلان النظام عن فتحه لا يعدو كونه محاولة من قبل روسيا للضغط على المعارضة واتخاذ الأمر ذريعة لقصف الغوطة واقتحامها».
وقد أعلن الأسبوع الماضي، وصول قوات روسية إلى معبر مخيم الوافدين شمال مدينة دوما، وقالت حينها وسائل إعلام تابعة للنظام إن معبر مخيم الوافدين فتح للمدنيين وللراغبين من المعارضة المسلحة في تسليم أنفسهم وتسوية أوضاعهم، مضيفة أنه سيتم افتتاح معابر أخرى للغرض نفسه. ورأى رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الحملة على الغوطة هي ضمن سياسة القضم المستمرة في الغوطة، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «روسيا حاولت تحقيق مصالحات في دوما وعربين وغيرها من البلدات على أن تلتزم موسكو بعدم دخول قوات النظام إليها ونشر حواجز لقواتها، وقد بدأت بفتح المعبر لكن ذلك لم يؤد إلى نتيجة، ولم يسجّل خروج مدنيين».
وفي حين أكّد حسن، أن النظام لم يعرض لغاية الآن بشكل رسمي أو غير رسمي على أبناء الغوطة البحث فيما يعرف بـ«المصالحة» التي سبق أن أدّت إلى تهجير قسري في مناطق عدة بريف دمشق ومدينة حلب، رجّح أبا زيد أن يكون مخطط النظام الوصول إلى السيناريو نفسه في الغوطة التي تشكّل مصدر خطر بالنسبة له في ريف دمشق، وهو الأمر الذي قد يبدأ بتنفيذه في حال فشلت «اجتماعات آستانة 2» المقررة اليوم وغدا.
وحذر الائتلاف الوطني، الأسبوع الماضي، من محاولة تمرير عملية تهجير أخرى بحق المدنيين في الغوطة الشرقية التي يعيش فيها نحو 450 ألف نسمة، وطردهم من بيوتهم وبلداتهم تحت ذرائع واهية، مؤكدًا أن «هذه الأنماط من الجرائم والخروقات والانتهاكات، هي مخططات تقع ضمن سياسة التغيير الديموغرافي الذي ينتهجه نظام بشار، مع كونها جرائم ضد الإنسانية».
ويؤكد حسن على أن «أبناء الغوطة يرزحون تحت وضع إنساني صعب فهي المنطقة المحاصرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، أضيف إليها اليوم أزمة نزوح منطقة المرج الإضافية بعد الحملة التي تعرضت لها وأدت إلى تهجير أبنائها الذي باتوا اليوم يعيشون في خيم وعلى الطرقات».
ويوم أمس، أعلن «جيش الإسلام» أنه قتل 73 عنصرا من قوات النظام، بينهم خمسة ضباط خلال الأسبوع الماضي في الغوطة الشرقية بريف دمشق. وأشار إلى «أن قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها، حاولت 10 مرات اقتحام الغوطة الشرقية، وهي ست محاولات من طرف جبهة حوش نصري، ومحاولتان على جبهة طريق دمشق - حمص، ومحاولة على جبهة حزرما والنشابية، وأخيرة على جبهة البلالية». بالمقابل نفذ «جيش الإسلام» خمس هجمات معاكسة ضد قوات النظام، أربعة منها على جبهة حوش نصري، وواحدة على جبهة حزرما.
المصدر: الشرق الأوسط
↧