أوضح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان جليًا كيف يرى التصويت في الاستفتاء الذي تقرر إجراؤه في 16 أبريل، على تعديل الدستور وإنشاء رئاسة أشد قوة.. فمن سيصوت بـ«لا» متحالف مع داعمي الإرهاب ومحاولة الانقلاب.
وإردوغان هو أكثر الساسة شعبية وإثارة للانقسام في الوقت نفسه في تاريخ تركيا الحديث. وهو يضع نفسه منذ فترة في صورة نصير المواطن العادي الملتزم دينيًا الذي استغلته نخبة علمانية. لكن استطلاعات للرأي، وأشخاصًا قريبين من حزب العدالة والتنمية الحاكم يرون أن خطابه المثير للاستقطاب والانقسام ربما ينفر الناخبين المعتدلين في أبريل.
وقدر مسؤول بحزب العدالة والتنمية نسبة الدعم الحالي للتصويت بـ«نعم» عند 56 في المائة مقابل 52 في المائة للتصويت بـ«لا». وأبلغ مسؤول كبير وكالة «رويترز» للأنباء أن نسبة التصويت بـ«نعم» بلغت في أحد استطلاعين داخل الحزب 55 في المائة مقابل 50 في المائة للتصويت بـ«لا» مما يسلط الضوء على أهمية الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم، والجناح الليبرالي داخل العدالة والتنمية.
ويقول إردوغان وأنصاره إن تركيا بحاجة إلى رئاسة تنفيذية قوية مشابهة لتلك القائمة في الولايات المتحدة أو فرنسا لتجنب الحكومات الائتلافية الهشة التي تشكلت في الماضي وعرقلت التنمية. وصلاحيات الرئيس محدودة في الوقت الحالي.
أما المعارضون، بمن فيهم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة وحزب الشعوب الديمقراطي ذو الأصول الكردية فيرون أن التغيير سيدفع البلاد نحو حكم الرجل الواحد، وقد يقوض الحقوق والحريات الأساسية.
واستغل إردوغان معارضة حزب الشعوب الديمقراطي لدعم حجته من أجل التغيير، فهو يرى الحزب ذراعًا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض صراعًا مسلحًا منذ عقود ضد الدولة التركية في جنوب شرقي البلاد ذي الأغلبية الكردية. وقتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع.
وقال هذا الأسبوع: «هناك من جهة جماعة إرهابية تحاول تقسيم وتفكيك هذا البلد. وهناك من يعملون مع الجماعة الإرهابية الانفصالية»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي على الترتيب.
وأضاف: «والآن، ماذا تقول هذه الجماعة الإرهابية الانفصالية؟ تقول: (لا)».
وقال، مشيرًا إلى الذين دعموا الانقلاب الفاشل الذي ينحي باللائمة فيه على رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن: «موقف الذين يقولون: (لا) منحاز مع 15 يوليو».
وأصبحت تركيا أكثر انقساما منذ الانقلاب مع إلقاء السلطات القبض على عشرات الآلاف ممن تشتبه بتأييدهم لكولن، ومنهم قضاة وصحافيون وجنود، في حملة أثارت قلق حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي وجماعات حقوقية.
في الاستفتاء، لا يمكن لإردوغان أن يضمن تأييد أنصار حزب العدالة الأكثر ميلاً لليبرالية. فهم يمثلون تكتلاً من الناخبين المتأرجحين الذين حرموا الحزب في الانتخابات التي جرت في يونيو (حزيران) 2015 من الأغلبية البرلمانية للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في عام 2002. وفاز الحزب حينها بنسبة 41 في المائة من الأصوات.
لكن مع تدهور الوضع الأمني في جنوب شرقي البلاد، تمكن الحزب من استعادة تأييد كثير منهم مرة أخرى في انتخابات مبكرة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، مسجلاً 49 في المائة من الأصوات ومستعيدًا الأغلبية البرلمانية.
وقال المسؤول الأول في الحزب مقارنًا بين نتائج العمليتين الانتخابيتين في عام 2015: «الاختلاف هو تصويت مؤيدينا الليبراليين. إذا تمكنا من إقناع هذه الشريحة بالتصويت بـ(نعم) في الاستفتاء فلن نواجه مشكلة».
لكن الشريحة الليبرالية قد تنقلب على حديث إردوغان عن الإرهاب، والمقصود منه اكتساب مؤيدين من حزب الحركة القومي اليميني، رابع أكبر حزب بالبرلمان.
وقال فاروق عجار من شركة «آندي - آر» لاستطلاعات الرأي: «اللغة التي تجمع بين معسكر الرافضين للتعديلات والإرهابيين لن يقبلها أحد سوى القوميين».
ويؤيد زعيم حزب الحركة القومية الرئاسة التنفيذية، لكن لم يحسم بعض أعضاء حزبه مواقفهم بعد أو ربما يعارضون الاستفتاء، ومنهم ميرال أكشينير التي خاضت محاولة فاشلة للوصول إلى رئاسة الحزب العام الماضي.
وذكرت صحيفة «جمهوريت» التركية، أنه عندما كانت أكشينير تلقي كلمة في تجمع يوم السبت الماضي بفندق ملاكه من المقربين إلى إردوغان انقطعت الكهرباء في المبنى، مما اضطرها إلى استكمال كلمتها بمكبر صوت.
وقال مصدر مقرب من الحزب: «انقطاع الكهرباء خلال كلمة ميرال أكشينير ووصف الرافضين للاستفتاء بأنهم إرهابيون أمور تثير قلقًا لدى بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية».
المصدر: الشرق الأوسط