لم تتوقف الحاجة أم فراس (65 سنة) عن طرق أبواب مراكز الشرطة ودوائر الدولة، سعيا لمعرفة مصير ابنها الشاب، والذي اعتقل في حاجز أمني قبل نحو عام ونصف العام، مناشدة الجهات المسؤولة أن يرحموا قلب أم هدفها معرفة إن كان ابنها ميتا أم حيا في معتقل سريّ.
لا تملك أم فراس السيطرة على دموع عينيها الغائرتين، وتروي لـ"العربي الجديد" معاناتها ومعاناة مئات الأمهات اللواتي فقدن أبنائهنّ، الذين غيّبوا وانقطعت أخبارهم. تقول "منذ أكثر من عام وأنا وعدد من أمهات المفقودين، الذين اعتقلوا في حاجز الرزازة الأمني، نذهب كل يوم إلى مراكز الشرطة والجهات الحكومية ودوائر الدولة. نلتقي بالمسؤولين المحليين ونطرق الأبواب طالبين الكشف عن مصير أبنائنا المغيبين".
وتضيف: "لا نعلم هل مات أبناؤنا أم ما زالوا على قيد الحياة تحت تعذيب وسياط السجانين. صورتهم لا تفارق خيالنا لحظة، نريد أن نعرف أين هم اليوم؟ وما حالهم؟ لم نحصل على جواب من أي جهة حكومية، كل ما حصلنا عليه وعود من قبل بعض المسؤولين المحليين، والذين يطالبون الحكومة بالكشف عن مصيرهم، لكن من دون جدوى".
وتشير "لا نعرف اليوم أين نذهب ومن نسأل. سئمنا الوقوف على أبواب مراكز الشرطة ومقرّات الحواجز الأمنية، وكأنّنا متسولات ولسنا أمهات غيّب فلذات أكبادهن من قبل أجهزة حكومية".
ولا يقتصر ملف المعتقلين المغيبين، الذين لا يعرف مصيرهم، على محافظة دون أخرى، فهو ملف شائك شمل المحافظات التي حرّرت من سيطرة تنظيم "داعش"، ومنها الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل.
لم تستطع الحاجة، أم خالد، رواية الكثير عن معاناة البحث عن ابنها المفقود منذ عام ونصف العام. قالت لـ"العربي الجديد"، "كانت الحواجز الأمنية تشعرنا الأمان سابقا، واليوم يغيّب أبناؤنا عندما يصلون إليها. من يرحم الأمهات والآباء والزوجات والأطفال؟"، بينما وجهت النائبة عن محافظة صلاح الدين، أشواق الجبوري، تساؤلا للأجهزة الأمنية حول مصير المعتقلين المغيبين من أهالي محافظتها. تقول، في مؤتمر صحافي عقدته في مبنى البرلمان، إنّ "الكثير من أبناء المحافظة تم اعتقالهم في الحواجز الأمنية في بزيبز والرزازة ومناطق أخرى"، مبينة أنّ "مصير هؤلاء المعتقلين مجهول منذ فترة طويلة".
وأضافت: "طالبنا رئيس الحكومة، حيدر العبادي، مرّات عدّة بالكشف عن مصير المعتقلين، وقدّمنا له مذكرات رسمية، لكن دون جدوى. لم نتلق من العبادي أي إجابة بشأن مصير هؤلاء".
وأضافت "لا نعلم ما هي الوسائل التي نستطيع من خلالها إيصال صوت جماهيرنا، وكيف سنواجههم، وما هي الأعذار التي سنقدمها لعوائلهم؟"، مشيرة الى أنّ "الآلاف من الأبرياء يقبعون داخل المعتقلات من دون محاكمة، ولا يعرف مصيرهم أو مكان احتجازهم. لا اختلاف بين من اعتقلتهم الأجهزة الأمنية ومن يختطفهم داعش".
يشار إلى أنّ الحكومة تلتزم الصمت إزاء مئات المعتقلين المغيبين، ومنهم معتقلو حاجز الرزازة الأمني، وحاجز الثرثاء، والذين لا يزال مصيرهم مجهولا، بينما تحمّل منظمات المجتمع المدني الحكومة مسؤولية عدم فتح تحقيقات حول تلك الاعتقالات.
المصدر: العربي الجديد - بغداد ــ أكثم سيف الدين
↧