يبدو أن شهر يوليو/تموز المقبل سيكون شهرا صعباً على الشعوب العربية، ففي هذا الشهر من المقرر أن ترفع العديد من الحكومات أسعار العديد من السلع والخدمات، والحجج كثيرة منها زيادة تكلفة الاستيراد، وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية خاصة المتعلقة بالنفط والطاقة والغذاء كالقمح وغيره، أو بحجة عدم قدرة هذه الحكومات على محاصرة أزمة عجز الموازنات العامة وزيادة الدين المحلي وتراجع إيرادات الدولة، دون اللجوء لزيادة الأسعار وخفض الدعم المقدم للسلع الرئيسية.
السعودية مثلاً تتجه لزيادة أسعار البنزين بنسبة 30% اعتبارا من شهر يوليو المقبل كما تم الإعلان أمس من قبل مصادر بقطاع الطاقة، وهذا القرار يأتي في إطار خطة المملكة رفع أسعار الوقود لتكون قريبة مع المستويات العالمية السائدة، رغم أنه من المعروف للجميع أن السعودية هي أكبر منتج للنفط داخل منظمة أوبك المصدرة للبترول، ولديها شركة أرامكو أكبر شركة نفطية في العالم.
وقد يتبع قرار زيادة أسعار البنزين في السعودية قرارات أخرى منها، زيادة أسعار السولار وغاز المنازل والرسوم، والإسراع في برنامج خصخصة قطاعات حيوية مثل أرامكو والمطاحن والأغذية والإذاعة والتلفزيون والمستشفيات والمياه والكهرباء والمطارات والسكك الحديدية، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، إضافة لتطبيق الضريبة الانتقائية.
وقد تم الإعلان بالفعل اليوم الأربعاء عن بدء تطبيق الحكومة السعودية الضريبة الانتقائية بداية الشهر المقبل، حيث سيتم فرض ضريبة على المشروبات الغازية بنسبة 50% وعلى مشروبات الطاقة والتبغ 100%.
وربما يتطور الأمر داخل السعودية إلى حد فرض رسوم على تحويلات المغتربين للخارج، أو فرض ضرائب على الدخل الشخصي للأفراد.
ومع زيادة أسعار الطاقة المتوقعة في السعودية سترتفع معها أسعار العديد من السلع والخدمات منها النقل والمواصلات والأغذية، حيث إن الوقود يحتل جزءاً مهماً من تكلفة الإنتاج التي يتحملها المواطن والمزارع والمستثمر.
ولم تمر ساعات على إعلان الزيادة المرتقبة في سعر البنزين السعودي إلا وأعلنت وزارة النفط والغاز العُمانية، عن رفع أسعار البنزين الممتاز والديزل بداية من اليوم.
وقد يلحق بالخطوة السعودية والعمانية قرارات مماثلة من بعض بلدان الخليج التي سترفع بعضها الأسعار لمواجهة عجز الموازنة العامة الناجم عن تراجع أسعار النفط وفقدانه نحو 50% من قيمته منذ منتصف عام 2014.
وفي مصر بات المواطن على موعد مع زيادة في أسعار الكهرباء بنسب ملحوظة وذلك خلال شهر يوليو القادم كما أعلن وزير الكهرباء محمد شاكر قبل أيام، وذلك بحجة زيادة أسعار المشتقات البترولية عالميا على خلفية زيادة أسعار النفط مؤخرا إلى 56 دولارا للبرميل، وتفاقم عجز الموازنة العامة والدين العام، وزيادة الإنفاق الحكومي على محطات انتاج الكهرباء الجديدة، وخطة تقليص المديونيات المستحقة على شركات الكهرباء الحكومية.
وحسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية، أيمن حمزة، فإن فاتورة يوليو المقبل ستشهد إضافة زيادة جديدة في أسعار الكهرباء، بعد إعادة هيكلة الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة الوقود.
كما بات المواطن المصري على موعد أيضا مع زيادات جديدة في أسعار الوقود مثل البنزين والسولار وغاز المصانع وأسطوانات البوتاجاز مع إقرار موازنة البلاد الجديدة لعام 2017 -2018 بداية شهر يوليو القادم والتي تصر الحكومة من خلالها على علاج عجز الموازنة العامة على حساب المواطن الفقير، دون البحث عن بدائل أخرى ترفع فيها حصيلة الموارد العامة بعيدا عن جيب المواطن الممول الأول للخزينة العامة من خلال الضرائب.
كما أن التعهدات التي قطعتها مصر على نفسها مع صندوق النقد الدولي تدفع تجاه زيادة أسعار الوقود والسلع في نهاية منتصف العام الجاري للحصول على الشريحة الثانية من قرض بقيمة 1.2 مليار دولار، حيث أن الحكومة تعهدت للصندوق بزيادة الأسعار وخفض الدعم المقدم لسلع رئيسية منها الوقود.
وقد يتكرر سيناريو زيادة الأسعار في يوليو القادم في دول أخرى، منها الجزائر وتونس والأردن والعراق والمغرب والسودان واليمن وليبيا، خاصة مع اتجاه معظم هذه الدول للاقتراض من صندوق النقد الدولي.
فالسودان مثلا أعلنت خفض دعم الوقود والكهرباء مع تراجع الإيرادات العامة، وهو ما انعكس على معدل التضخم الذي زاد إلى 32.86 % في يناير/ كانون الثاني مقابل 30.47 بالمئة في ديسمبر كانون الأول، كما شهدت البلاد خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا في أسعار المواصلات العامة والسلع الاستهلاكية والخدمات بسبب زيادة أسعار الوقود بنحو 30 %.
ومع اتجاه الجزائر نحو الاقتراض من صندوق النقد الدولي لسد عجز الموازنة العامة من المتوقع أن يفرض الصندوق نفس الروشتة التي فرضها على مقترضين سابقين مثل الأردن والعراق ومصر وتونس، علما بأن البلاد تنتظر وصول بعثة من الصندوق في الفترة من 7 إلى 20 مارس /آذار الجاري، وذلك في إطار التقييم الدوري الذي يقوم به الصندوق للمؤشرات الاقتصادية في البلاد.
وفي الكويت تشهد البلاد رفعا لأسعار البنزين، وخطط مستقبلية بفرض الضرائب، وهو ما يرهق ميزانية المواطن والوافد أيضا.
السؤال: هل زادت دخول المواطن العربي حتى يواجه كل الزيادات المتلاحقة في الأسعار، أم أن الحكومات ستترك المواطن نهباً لقفزات الأسعار والتضخم وتآكل مدخراته وعملته المحلية.
المصدر: العربي الجديد - مصطفى عبد السلام
↧