كان قلبه يتحول ويضطرم بخشوع وصمت لافتين .. وقدماه أمام منزله المدمّر تأبيان أن تغادرا المكان وتنغرسا بإحكام داخل البلوك المهدم وتأبيا انفكاكاً من ذكريات باقية
اختلطت صور المكان مع أزمانها في ذهنه وفقد القدرة على تمييز الضحكات والبكاءات في خضم هذه العودة التي تمنى لو لم تكن إلى مكان اندثر ...
مازال لديه بضع صور يحملها في حقيبته .. وخصلة من شعر ابنته التي أنتشلوا جثتها من تحت الأنقاض .. وأوراق امتحان ابنه الذي سبق أخته إلى السماء بأيام قليلة .. وأثير عبقٍ من رائحة زوجته التي كانت أول الراحلين
كان مزروعاً وسط ركامه النفسي وركام بيته ولايدري الناظر إليه هل يعيش هدوء روح سرمدي ؟ أم أسى أكبر من قدرته على تحمل المفاجأة ؟ أفاق من ذهوله دون أن يعثر على جواب واحد لتساؤلاته الكثيرة .. حقيقة واحدة كانت ماثلة أمامه أنه قاب قوسين بين اليأس والموت
جلس على الحطام وسخي في البكاء وغالبته الدموع وتجلى صدى صوت فيروز وسط الحطامين !؟ بيته وروحه وهو ينادي " وينن .. وينن .. وين صواتن وين وجوهن وينن صار في وادي بيني وبينن .............."
↧