يستيقظ فلاديمير بوتين يومياً ويستدعي معاونيه، وقبل ان يبدأ بتناول فطوره يطرح السؤال إياه: ما هي النكتة الأميركية اليوم؟
ليس كثيراً اذا كانت روسيا والإتصال بالسفراء والمسؤولين الروس، قد صارتا عقدة أميركية بإمتياز، وليس كثيراً ان يقلب بوتين يومياً على ظهره من الضحك وهو يستمع الى أخبار تساقط المسؤولين المعينين في الإدارة الأميركية الجديدة، لمجرد ان يكون الواحد منهم التقى روسياً أو شم الهواء الروسي، ولم يعترف بذلك أو أنه نفى ذلك، في محاولة منه لتجاوز "عقدة روسيا" الأميركية التي نشأت في الحملة الإنتخابية الأخيرة.
منذ ركّزت هيلاري كلينتون على علاقات دونالد ترامب مع موسكو، تحوّل هذا الموضوع مواجهة مثيرة في الحملة الإنتخابية، وخصوصاً في ظل تصريحات الديموقراطيين المتكررة بأن الاستخبارات الروسية تدخلت في الإنتخابات لمصلحة ترامب الذي ساهم شخصياً في تأجيج هذه الحملة عليه، عندما راح يمتدح بوتين وقوته في إطار إنتقاده لضعف سلفه باراك أوباما، ولم تتوان كلينتون يوماً في محاولة الإيحاء بأن ترامب هو مرشح بوتين للرئاسة الأميركية.
باتت روسيا عقدة ادارة ترامب، ذلك ان مجرد إلقاء التحية على السفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك مثلاً أو مجرد لقائه في حفلة، وعدم الإعتراف بذلك او نكران ذلك تحت قسم اليمين، يصبح الأمر بمثابة كذب وهو جرم يستحق العقاب. وهكذا يمضى الديموقراطيون في إثارة الغبار الروسي المحيط به، بعدما نفخت ادارة أوباما المنتهية كثيراً في هذا الغبار، الذي شكّل فرصة ذهبية للصحف ووسائل الإعلام التي لم يتورّع ترامب عن مهاجمتها واتهامها بالعمل ضد مصالح الشعب الأميركي.
بدأ ترامب بتشكيل إدارته وإختيار المسؤولين فيها، في حين صار الإتصال بروسيا أو بالروس قد بات لوثة وعيباً، فكيف اذا اقترن بالكذب ونكران الأمر، عند الذين حسبوا مثلاً ان اللقاء العابر والسفير الروسي أو الإجتماع سابقاً امران هامشيان يمكن عدم الإعتراف بهما وتجاوزهما في جلسات التثبيت وقسم اليمين.
لكن أعداء ترامب في السياسة والإستخبارات والإعلام و القضاء وفي الداخل والخارج، إستنبشوا حتى الهواء الذي تنفسه مثلاً مايكل فلين الذي عينه ترامب مستشاراً للأمن القومي، والذي اضطر الى الإستقالة، لأنه أخفى ما دار بينه وبين السفير الروسي كيسلياك عن نائب الرئيس مايك بنس.
المفرقعة الجديدة التي تنفجر في وجه ترامب، ان وزير العدل المعيّن جيف سيشنز الذي يفترض ان يدير التحقيق في الإتصالات مع الروس، وقع فجأة تحت المقصلة الروسية، لأنه كذب تحت القسم ولم يعترف بأنه سبق له ان التقى السفير الروسي مرتين، ولهذا تقوم القيامة عليه لتدفعه الى الإستقالة، وليقلب بوتين على ظهره من الضحك!
↧