Quantcast
Channel: souriyati2 –سوريتي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

فراس الأسد : أوجاع ظهري لانني حملت حقيبتين ثقيلتين مملوئتين بالدولارات لمسافة طويلة لاسلمها لحسان الخير ( شقيق زوجة أبي )

$
0
0
ذكرياتي الأوروبية، الحرب على العراق جزء5 كنت قد لاحظت وجود تلك السيارة قبل فترة من الزمن و لكن وجودها كان طبيعيا حيث أن الكثير من السيارات تسير بسرعات متقاربة على الطرقات السريعة و قد يصدف أن أسير خلف سيارة أخرى لمدة من الزمن ان كنا متجهين إلى نفس المكان، و لكن ما أثار الريبة عندي أنني كنت قد تجاوزت عدة سيارات على الطريق و كانت هذه السيارة تقوم بنفس الشيء تماما و تبقى خلفي على نفس المسافة!!! لم يكن هناك ما أفعله سوى الانتظار، علما بأنني كنت متوترا جدا و بدأت أتخيل كل الاحتمالات الممكنة، و لكن مع ذلك كان هدفي الأساسي هو الوصول إلى جنيف و كنت أسير على الطريق الأسرع إليها. كان الاحتمال الأقرب إلى عقلي وقتها أن السيارة تابعة للأمن الفرنسي، و لكن هذا النوع من المتابعة الصريحة و المكشوفة كان غريبا جدا!! لماذا يتبعونني و يحرصون على أن أراهم.. كان أمرا محيرا فعلا؟!!! و هذه الحيرة جعلتني أضع احتمالا أن يكون صاحب السيارة عربي، أو حتى سوري، و يقيم في جنيف، و يعرف طبعا أن لوحة سيارتي الدبلوماسية تابعة للبعثة السورية في جنيف و يريد أن يبقى ورائي حتى الوصول إلى هناك. و قد فكرت أيضا بأن يكون أحد الأشخاص الذين يعرفونني من جنيف! و لكن كل تلك الاحتمالات كانت تتبخر عندما أغيّر من سرعتي فتغيّر السيارة من سرعتها في كل مرة أقوم بها بذلك!! هذه كانت متابعة صريحة جدا..!!!! و لكن بعد ذلك، و عندما اقتربنا من المفرق الذي يذهب إلى مدينة "ليون" القريبة من جنيف، غيرت هذه السيارة مسارها و اتجهت باتجاه تلك المدينة. و لم يغير ذلك شيئا من حيرتي و لكن لم يكن أمامي بكل الأحوال سوى الاستمرار باتجاه جنيف. كان لسان حالي يقول: "المهم أن أدخل إلى الأراضي السويسرية و أصبح في الأمان هناك".. لدى وصولي إلى الحدود السويسرية شعرت بارتياح كبير، و عبرت تلك الحدود و احساس كبير بالأمان يغمرني... ذهبت مباشرة إلى بيتي، و نزلت إلى غرفتي، و خلدت إلى النوم بسرعة كبيرة. كانت الساعة حينها تقارب الرابعة صباحا.. كنت أغط في نوم عميق عندما بدأ جرس الهاتف يرن بشكل متواصل بالقرب من رأسي، رفعت السماعة و قلت "ألو"، و أنا لم أكن قد أستفقت من نومي بشكل كامل بعد، فسمعت صوتا عاليا يصرخ على الطرف الأخر من الخط. كانت جملة واحدة سريعة و لم أفهمها للوهلة الأولى، و لكن الصوت العالي كان كافيا لأخرج بشكل كامل من النوم العميق الذي كنت أغط فيه. الصوت كان صوت والدي من باريس، فقلت له أنني لم أسمع جملته الأولى بشكل جيد، و كان واضحا على صوتي طبعا حالة النوم التي كنت فيها، فعاد والدي و صرخ من جديد: عم قلك انت شو أخدك على جنيف؟!! كان والدي يعتبر أن كلمة "مرحبا"، عند بداية حديث يريد أن يهاجمك أو ينتقدك فيه، تُذهِب الهيبة و لا تخدم فكرة الرعب الذي يريدك أن تشعر به عند انطلاق الحديث.. المهم أن والدي كان في حالة شديدة من الغضب، و كان يريد أن يعرف سبب رحيلي المفاجئ عن باريس، و كان من المفهوم طبعا أن يصيبه قلق شديد من احتمالات ذهابي إلى العراق. لا أعرف حتى اليوم كيف عرف والدي بأنني قد تركت باريس، و لكن كان للمنزل في لامبال عدة نسخ من المفاتيح و لربما دخل أحدهم إلى هناك عند الصباح الباكر فلم يجد السيارة و لم يجدني، و لربما عرف بطريقة أخرى، لا أدري! قلت لوالدي: "لقد تذكرت أن لدي موعدا ضروريا مع الطبيب هنا في جنيف".. و كانت أوجاع الظهر فعلا قد بدأت معي قبل بضعة سنوات عندما حملت حقيبتان ملابس من القياس الكبير لمسافة مئات الأمتار، و كانت هاتان الحقيبتان ممتلئتان بشكل كامل بالدولارات.. كانت تعليمات والدي تقول بأن أسلم الحقيبتين للسيد حسان الخيّر، و هو خال أخوتي ريبال و رانيا و علي و ناتال و محمد رفعت، و كانت تعليماته في نفس الوقت تقضي بأن لا يعلم حسان أبدا من أي بنك جاءت هذه الأموال. اتفقت أنا و حسان أن ينتظرني على زاوية شارع قريب، و البنك الذي كنت سأسحب الأموال منه كان يقع في شارع الرون، و كان الرجل مستاءا جدا من الأسلوب الصريح في إظهار عدم الثقة به و لكن لم يكن هناك طريقة أخرى للقيام بذلك، فقد كان المطلوب أن أخرج من البنك مباشرة لتسليمه هذه الأموال و من دون أن يعرف من أي بنك خرجت، و لم أفهم أبدا لماذا كانت السرعة مطلوبة إلى هذا الحد يومها!! كان من الممكن أن أسحب المبلغ و أسلمه إياه في بيتي، أو في أي مكان آخر، و لكن على ما يبدو كان على حسان أن يضع المبلغ في بنك آخر مباشرة بعد استلامه مني، و لم يكن مسموح لي طبعا أن أسأل عن وجهة هذه الأموال، و هذا تماما ما قلته لحسان عندما احتج على عدم الثقة به بأنني أنا أيضا لا أستطيع أن أسأله عن طبيعة الموضوع الذي يأخذ كل هذا المال لأجله، و هذا ما جعله يصمت تماما و يتوقف عن التذمر. طبعا كان حسان يعلم أنني في شارع الرون المجاور، و لم يكن هناك مشكلة في ذلك لأن هذا الشارع هو شارع البنوك في المدينة و فيه العشرات من المؤسسات المصرفية الوطنية و الدولية. لم يكن قد سبق لي وقتها أن اضطررت إلى حمل حقائب كبيرة ممتلئة بالعملة الورقية، و لم يكن من المسموح أن يصحبني سائق أو مرافق حتى لا يتعرفوا على هوية البنك. و مع ذلك فأنا لم أكن لأتخيل أبدا حجم الصعوبة في حمل تلك الحقائب، و كنت أتهيب الأمر و لكنني كنت في ريعان الشباب و كنت أعتقد بأنني أستطيع أن أحمل جبالا، أو ربما أنني اعتقدت بأن وزن الحقيبة الممتلئة بالمال سيكون مقاربا لوزنها و هي ممتلئة بالملابس!! استلزم الأمر حينها بعض الوقت حتى نستطيع إقفال الحقيبتين أنا و موظف البنك، و خرجت من المبنى من الجهة الخلفية التي توصل إلى شارع موازي. كان ذلك الشارع أقل ازدحاما، و كان أقرب إلى النقطة التي كان من المفترض أن يكون حسان بانتظاري عندها. بعد أمتار قليلة من خروجي اتضح لي كم هو صعب السير بهاتين الحقيبتين، و كان الناس ينظرون إلي باستغراب شديد و أنا أسير في الشارع بحقيبتي ملابس من القياس الكبير و أنا لا أقوى على حملهما. كنت أتوقف كل بضعة أمتار لأرتاح قليلا، و عندما وصلت إلى الزاوية التي كان من المفترض أن أجد حسان فيها لم أجده هناك. لم يكن أمامي إلا الدخول في الشارع و البحث عنه، و كان الشارع يتجه صعودا، و هو ما جعل المشي بالحقيبتين أصعب بكثير. لمحته يقف تقريبا عند نهاية الشارع، و كان سبب ذلك أنه وضع سيارته في الشارع الموازي و كان يقف في نقطة قريبة جدا منها. مشيت باتجاهه صعودا حتى وصلت إلى مسافة قريبة منه، و عندما رآني جاء ليحمل عني إحدى الحقيبتين. كان الوزن مفاجئا له، و لكنه اختار أن يسحبها وراءه دون أن يرفعها عن الأرض، كان ذلك أسهل بكثير طبعا و لكنه لم يكن سهلا مع حقيبتين، كما أن المسافة إلى السيارة كانت قريبة جدا و لم يكن هناك الكثير من الناس ليستغربوا ذلك المنظر العجيب. بعد أن وضعنا الحقيبتين في سيارته، قال لي حسان ضاحكا: "يا أخي أبوك عجيب و غريب، طيب معقول واحد معه شناتي مليانة مصاري و ما بيقدر يجيب عتّال بعشرين فرنك يشيل معه؟!!".. قالها حسان على سبيل النكتة و ضحك ضحكة طويلة، و لم أكن أنا في حال تسمح لي بالضحك، كان ظهري يؤلمني كثيرا و كنت بأمس الحاجة للوصول إلى سرير أتمدد عليه. كانت تلك هي بداية الحكاية مع أوجاع الظهر التي رافقتني منذ ذلك الوقت و حتى يومنا هذا.. و كنت في كل مرة أشتكي من أوجاع في ظهري يسألني والدي لماذا لا أذهب إلى الطبيب لأتعالج، و كنت في كل مرة أجيبه بأن المعالجة الفيزيائية تحتاج إلى تواجد مستمر في نفس المدينة، و بأن سفري المتواصل و تنقلي الدائم من مدينة إلى أخرى يمنعني من متابعة هكذا علاج. و بالعودة إلى حديث والدي الغاضب على الهاتف.. كان والدي يريد أن يطمئن على أن عودتي إلى جنيف لا علاقة لها بالذهاب إلى العراق، و برغم أنني حاولت أن أطمئنه من هذه الناحية إلا أنه لم يكن مطمئنا تماما. كانت كلماته كلها تشير إلى عدم الاطمئنان، و كنت واثق تماما بأنه يشك في أمري، و لكنه لم يكن يملك إلا أن يصدقني و أنا أؤكد له بأن عودتي كانت بسبب موعد الطبيب و ليس لأي سبب آخر. أقفلت سماعة الهاتف معه و عدت إلى نومي.. كنت أتطلع إلى يوم غد بفارغ الصبر.. استيقظت لاحقا من النوم و خرجت بسيارتي الهوندا الصغيرة بقصد الذهاب إلى مكاتب السفريات في مركز المدينة لأرى كيف و متى يمكنني الصعود على رحلة متجهة إلى عمّان في الأردن. كنت أحب سويسرا كثيرا، و فيها فقط كنت أجد بعض الوقت لنفسي، و كنت أشعر في هذا البلد بالأمان التام، لدرجة أنني و في الكثير من الأحيان لم أكن أقفل سيارتي عندما أركنها في مكان ما. كانت غرفة نومي لها باب زجاجي كبير يطل على حديقة مفتوحة على الخارج بما في ذلك الطريق العام، و كنت في بعض الليالي التي كان فيها الثلج يغطي كل شيء كنت أنام و الباب مفتوح بالكامل بعد أن أتلحف كل ما لدي من الأغطية، و كنت أنام بعمق. كانت جنيف تمثل بالنسبة لي، حتى تلك اللحظة، واحة من الأمان الكامل، و كانت هذه المدينة تسحرني بجمالها و أناقتها و الحضارة التي يلمسها الانسان في كل زاوية منها. لم يكن يخطر ببالي يوما أن أشعر بعدم الأمان في هذا البلد، و كنت أعرف أن سبعة أعوام من الإقامة هنا كانت قد صنعت لي عند من يبحث عنها سمعة ممتازة من حيث السلوك و التصرفات. سبعة أعوام لم تسجل لي مخالفة مرورية واحدة، فقد كنت أعيش الحالة الحضارية التي يعيشها شعب هذه المدينة العريقة، و لم يخطر ببالي يوما إلا أن أكون شريكا لكل من يخاف و يحرص على أمن هذا البلد و على أمن أهله الطيبين. كان سكان جنيف يعرفون أن غالبية سيارات الأمن في ذلك الوقت كانت من نوع فولكسفاغن جيتا، أو على الأقل يمكن القول بأن سيارة الجيتا هذه كانت من السيارات المستعملة بكثرة من قبل الشرطة، بشقيها الرسمي و الخاص، في المدينة. بمعنى أن الكثير من سيارات الشرطة الرسمية و الظاهرة للناس بعلاماتها و إشاراتها كانت من هذا النوع، و أيضا كانت هذه السيارة مستعملة بكثرة من قبل رجال الشرطة باللباس المدني حيث تكون السيارة بشكلها العادي و من دون أية علامات خارجية تشير إلى هويتها. كان الطريق من أمام بيتنا يتجه نزولا باتجاه الطريق العام، و كان فارق مستوى الارتفاع يصل إلى خمسة عشر مترا تقريبا، و كان هناك مخرج وحيد باتجاه الطريق العام حيث نقف هناك على المفرق و ننتظر خلو الطريق من السيارات حتى نستطيع الخروج. هنا تماما، قبل الوصول إلى هذا المفرق ببضعة أمتار، كانت تقف سيارة جيتا خمرية اللون و فيها رجلان اثنان! مررت من أمام السيارة و نظرت إلى من كان بداخلها بنظرات فاحصة، فما كان من الرجلين إلا أن تبادلا معي تلك النظرات بشكل صريح و مباشر!!! كانت السيارة تقف عند المخرج الوحيد للسيارات، و كان مكان وقوفها بارز بشكل كبير و لا يمكن لأية سيارة خارجة من بيتنا ألا تراها. كانت السيارة مركونة بطريقة قد تقصّد أصحابها أن تكون أول ما يظهر في وجهي بعد استكمال النزول إلى المستوى الأدنى من الطريق، و كان من فيها يتقصدون إظهار ملامحهم و لا يتصنعون الحركات و إنما ينظرون إلي بشكل مباشر و كأنهم يريدون أن يقولوا: نحن هنا!! كانت أبعاد هذه المفاجئة و معانيها كبيرة جدا، و لم أكن أريد أن أستسلم مباشرة للقلق أو الهواجس. تجاوزت سيارة الجيتا و وقفت عند المفرق أنتظر خلو الطريق العام من السيارات، و لذهولي الشديد فقد تحركت الجيتا و جاءت لتقف ورائي مباشرة!!! كان مركز المدينة يبعد عن بيتنا حوالي الخمسة عشرة كيلومترا، و ما حدث بيني و بين أصحاب الجيتا خلال تلك المسافة يدخل فعلا في نطاق اللامعقول. كانت الجيتا تلاحقني عن قرب، و لم تكن تسمح لأي سيارة أخرى بالتواجد بيننا، و كان كلما تجاوزت أنا سيارة كانوا يتجاوزونها هم أيضا بسرعة كبيرة ليعودوا إلى موقعهم خلفي مباشرة!! توقفت مرتين إلى جانب الطريق، و في المرتين كانت الجيتا تتوقف ورائي مباشرة. ثم قررت أن أرفع مستوى الإحراج معهم في محاولة لفهم ما يقومون به و ما هو مغزاه الحقيقي، و توقفت لمرة ثالثة، و نزلت من السيارة و نظرت إليهم بشكل مباشر، فما كان منهم إلا أن اقتربوا أكثر من سيارتي حتى كادوا يلتصقون بمؤخرتها، و راحوا ينظرون إلي بشكل مباشر.. ضحكت لهم…. فضحكوا لي!!!!! عدت إلى سيارتي و انطلقت بها مجددا، و عند وصولي إلى مركز المدينة رحت أكثر من الانعطافات، مرة نحو اليمين و أخرى نحو اليسار، و توقفت عدة مرات في أماكن متفرقة… و كانت الجيتا ورائي دائما و لم تتركني لحظة واحدة!! طبعا لم يكن مستغربا بالنسبة لي وقتها أن يكون هاتف المنزل مراقبا، و أن يكونوا قد استمعوا إلى اتصالي مع والدي في المرة الأولى قبل الذهاب إلى باريس، و سويسرا تعتبر من أقوى الدول في العالم على مستوى الأمن الداخلي، و لكن الذي كنت أتعجب منه هو تصرفهم هذا الذي لا يوجد ما يفسره، فذهابي إلى العراق، أو إلى أي مكان آخر في العالم، ليس فيه ما يزعجهم من قريب أو من بعيد!!! كان التفسير الوحيد بالنسبة لي، و هو التفسير الذي لم يقنعني في يوم من الأيام، أن الأمن السويسري تفاجئ بموقفي من الحرب على العراق، و وضعوا لي تقييما سريعا على أنني شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، و تخيلوا أنني قد يخطر ببالي أن أقوم بأي عمل داخل أراضيهم و يكون فيه مساس بأمنهم بشكل أو بآخر، و برغم أن هذا التفسير لا يرضي العقل و المنطق، فأنا كنت أبعد إنسان في العالم عن تشكيل أي خطر على أي مخلوق، فكيف بأهل سويسرا الذين أحببتهم و عشقت بلادهم، و لكنهم مع ذلك قرروا على ما يبدو أن يتخذوا احتياطات كاملة بشأني. تلك السيارة على الطريق الفرنسية إلى جنيف، و الآن هذه المتابعة الوثيقة و هذا التحذير المباشر و الصريح من الأمن السويسري… أصبح الموضوع مخيفا.. لقد أصبحت فجأة محط أنظار أجهزة الأمن في أوروبا..!!!! يبدو أنني قد دخلت إلى دائرة غاية في الخطورة، دخلت إليها و لا أعرف كيف أو لماذا دخلت؟!! هل يستحق موقفي من الحرب على العراق كل هذا؟!! هل ذهابي إلى بغداد، و وقوفي في شوارعها، هاتفا و منددا بالحرب عليها، هل يستحق ذلك كل هذا التخوف و القلق؟!! هل هي جريمة أن أحمل لافتة تندد بتلك الحرب، حتى لو حملتها في قلب بغداد.. هل هذه جريمة؟!! أم أن إسمي و القرابة العائلية، و الضجة التي "يمكن" أن يحدثها ذهابي.. هو سبب هذا القلق؟!! أم ربما يتوقعون أن من يترك حياة الرخاء، و يرمي وراء ظهره بالملايين، يمكنه أن يفعل كل شيء؟!! لم تكن متابعتهم لي بهذه الطريقة تشكل خطرا علي في حد ذاتها، كانت مزعجة بالطبع و لكنها لا تشكل خطرا.. و لكن المصيبة كانت أنني لم أكن أعلم بنواياهم بالضبط، فحكايتي كلها بدأت منذ أقل من يومين، و لا بد أن قراراتهم بشأني ما تزال في قيد التطوير. ما كنت أراه وقتها من ملاحقة و متابعة كان القرار الأولي لهم، و لكن ذلك لم يكن يعني بالضرورة أن القرارات قد توقفت عند هذا الحد!! أردت أن أعطي لنفسي وقتا كافيا للتفكير، و لم أكن في وارد التحول من إنسان مسالم و محب للحياة و الحرية، إلى شخص يخاف الناس منه على أمنهم. قررت يومها عدم الذهاب إلى مكاتب السفريات، و قلت لنفسي أن ذلك قد يخدمني باعطائي المزيد من الوقت للتفكير بالأمر. ان كان كل ذلك يحدث بسبب تلك السفرة فلا بأس من التأجيل قليلا حتى أرى إلى أي حد يمكن أن تصل الأمور، و حتى أرى أيضا ان كان بالامكان التواصل مع المسؤولين لتوضيح الصورة و شرح الموقف بشكل يزيل كل المخاوف و الهواجس لديهم. و على طريق العودة إلى المنزل كانت الجيتا، و كانت المتابعة اللصيقة، و كنت أفكر في كل الاحتمالات التي يمكن أن تحدث خلال الساعات القليلة القادمة.. هل هناك أشياء أخرى يمكن أن يقدموا عليها..؟ هل هناك ما يمكن استغلاله ضدي في الساعات أو الأيام القادمة؟ ما هي نواياهم بالضبط..؟ أسئلة كثيرة كنت أطرحها على نفسي و أنا على الطريق إلى بيتي، و كانت عيوني لا تفارق المرآة التي كانت تعكس لي صورة الجيتا التي تسير خلفي.. صورة الحياة الأخرى التي يمكن أن يعيشها الإنسان لمجرد أنه أراد أن يعيش قناعاته!! و أنا في تلك الحال ما بين الأفكار و الهواجس.. تذكرت حقيبة السلاح..!!! في أحد بيوتنا في جنيف توجد حقيبة كبيرة ممتلئة بالسلاح غير المرخص!!! كنت على وشك الوصول إلى مفرق المنزل.. و بدأت الدنيا تدور.. و بدأ رأسي يدور.. و كل شيء في تلك اللحظة كان يدور.. و حتى الجبال التي كنت أراها في الأفق.. كانت هي أيضاً.. تدور و تدور و تدور!! يتبع..

Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>