Quantcast
Channel: souriyati2 –سوريتي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

عندما كنتُ بائع دخان!!

$
0
0
خلال عملي كبائع دخان، عرفت الوجه الآخر من وطني الجميل، عرفتُ حجم الفساد المخيف، حجم التسلط على رقاب البسطاء. 116 دورية من المكافحة والأفرع والمراكز الأمنية وحفظ النظام والبلدية، كانوا يتقاضون رواتبهم الإضافية منا – رغماً عنا – كنا نعمل أول 15 يوم من الشهر لهم والنصف الآخر لنا ولرواتبنا. التصادم الأول كان مع عنصر من الأمن المدني، حيث الدهشة وعدم تصديقي لما رأيت وسمعت، كنتُ أقف تحت جسر الفحامة الموازي للشارع المؤدي إلى باب سريجة وشارع خالد بن الوليد، والقريب من البرامكة وسط المدينة بجانب نفق الحجاز. كانت الشمس قاسية، وإذ بسيارة حكومية تقف على بعد مترين مني، نبّهني بزمور سيارته لأذهب إليه… كنت خائفاً لما سمعت عنهم من قصص وحكايات. فتح النافذة وإذ بهواءٍ منعش كأني في ثلاجة، كانت لحظات منعشة حقاً فزت بها، كان دوامي لا يقل عن 12 ساعة يومياً أقضيها واقفاً على قدماي. كان مشغولاً بمكالمة هاتفية، فأشار إليّ بالانتظار، فتسمّرت مكاني، بقي نصف جسدي داخل السيارة والنصف الآخر خارجها.. سمعته يصرخ، وعرفت من سياق الحديث أن يكلّم فتاة، ويهددها إذا امتنعت عن قضاء ليلة معه سيذهب إلى حارتها ويفضحها، مهدداً إياها بسحبها من شعرها أمام أهلها إلى سريره…. كلماته نابية لا يمكن أن ألوث مدونتي بذكرها.. أزاح الهاتف عن أذنه وطلب علبة دخان ” كينت” النوع الغالي، أعطيته وبقيت واقفاً بانتظار أن يدفع لي، نظر لي وقال : ليش واقف ولك !.. طلبت منه المال، فقال : ما بتعرف أني شرطة يا حيوان؟!.. وتركني ومضى في طريقه.. هذا الموقف هو البداية  مع كافة المراكز الأمنية والعناصر الذين إذا لم يدفعوا ثمن ما يأخذون كانوا يدفعون نصف الثمن، هذه هي النفوس الدنيئة. وفي إحدى المرات قامت دورية تابعة للمكافحة فرع شاغور باقتيادي إلى الفرع واتصلوا بربّ العمل لابتزازه كي يأتي إلى الفرع حتى يدفع مبلغ لهم، كان الأمر أشبه بعملية خطف، وحصل ما يريدون، أتذكر يومها أنهم أخذوا أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية، وعندما خرجت لامني رب العمل ووبخني، وكأني من عرض نفسه لهذا الابتزاز!! حصلت مواقف لو كتبت مجلدات لن أكتفي.. كانت تجربة ذات فضل كبير علي، صحيح أني كنتُ محطم نفسياً لأني لم أكن أصدق تلك الحياة، كيف لهذا التحول أن يحدث، من حالمٍ بالسلك الدبلوماسي إلى بائع دخان، ويتعرض لإهانة من عناصر منبوذة، فضلاً عن نظرة المجتمع القاسية لي… وبعد 11 شهراً عدت إلى الأردن. نعم تحول ذاك الأسبوع إلى ما يقارب عام، يوم 25\8\2008، دخلت الأردن .. بدأت بالبحث عن بقايا أحلامي التي تناثرت كما تتناثر الشظايا في أجساد المؤمنين الأبرياء، كانت رحلة متعبة كلفتني سنوات من عمري حتى عدتُ إلى نفسي مجدداً، ولكني والله ما تخليتُ يوماً عن أحلامي، فأنا حالمٌ متمرد. [هـذي البـلاد شـقـةٌ مفـروشـةٌ ، يملكها شخصٌ يسمى عنتره يسـكر طوال الليل عنـد بابهـا ، و يجمع الإيجـار من سكـانهـا ] نزار قباني.   محمد عبد الستار إبراهيم – مدونات أمية

Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

Trending Articles