لا تسيطر فصائل المعارضة سوى على جزء بسيط من حي التضامن جنوبي العاصمة دمشق، فيما يقع نصف الحي تقريباً في قبضة النظام، والباقي يسيطر عليه تنظيم "داعش" الممتد من الحجر الأسود والعسالي ومخيم اليرموك إلى حي التضامن.
ويعتبر الحي، بحسب الناشط الصحفي "حذيفة الدمشقي" المقيم هناك، بوابة العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية، ورغم الحصار المطبق وعشرات المحاولات لاقتحامه بقي صامداً إلى اليوم خارجاً عن دائرة الهدن والمصالحات، فمبادرات النظام للهدنة مع الثوار قوبلت بالرفض القاطع من ثوار الحي.
ويقع حي التضامن في الجهة الجنوبية لدمشق مجاوراً لمخيم اليرموك من الغرب، وبلدة ببيلا ويلدا من الشرق والجنوب، ويحده من الشمال حي الزاهرة ودف الشوك. وبقي من أهالي الحي قرابة 10 آلاف نسمة توزعوا في كامل جنوب دمشق.
وقال "أبو عمر"، وهو ناشط من بيت سحم، لـ (كلنا شركاء) إن معظم المنطقة المحررة من حي التضامن تقع تحت سيطرة تنظيم "داعش"، مضيفا بأن "نسبة قليلة جداً من أهالي التضامن يعيشون اليوم داخل الحي، أما أغلب العائلات فقد نزحت إلى بلدات ببيلا وبيت سحم ويلدا بعد اجتياح تنظيم داعش لحي التضامن ومخيم اليرموك في نيسان من عام 2015".
ومن جهته، قال الناشط "عمر القصير"، وهو مقيم في أحياء دمشق الجنوبية، لـ (كلنا شركاء): "من اللحظة التي بايع فيها لواء العز التابع للجيش الحر تنظيم داعش تهاوت فصائل الجيش الحر، ولم تتمكن من الوقوف في وجه التنظيم الذي اجتاح الحي وسيطر عليه"، وأكد أنه "لا يوجد مدنيون داخل التضامن منذ دخول التنظيم".
منطقة (سليخة)
وتعتبر منطقة (سليخة) في حيّ التضامن إحدى أشهر المناطق في أحياء دمشق الجنوبية، بسبب تعرضها لدمار هائل في ظل الحرب الدائرة على مشارف العاصمة.
وقال "حذيفة الدمشقي" إن "سليخة" هي المنطقة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة من حي التضامن. وأضاف: "تم توثيق ما يقارب ألفي منزل نسفت بالكامل بعد انسحاب الجيش الحر من التضامن في 2012 من منطقة سليخة فقط".
ويقع في المنطقة شارع دعبول، وهو الخط الفاصل بين المناطق المحررة من الحي والمناطق المحتلة من قبل النظام، وهو مدمر بالكامل.
شارع نسرين
على النقيض تمامًا، يروي "حذيفة" قصة شارع نسرين الذي يعتبر منذ بداية الثورة مركز التشبيح في المنطقة، حيث قال إن "أغلب سكان الشارع من العلويين سكنوا فيه قبل الثورة، ومع انطلاقة الأحداث تحول إلى مركز لتعذيب الثوار وقتلهم".
وتابع "تمكنا من توثيق أكثر من 250 شهيداً أعدمتهم ميليشيا شارع نسرين بعد تعذيبهم في منطقة سليخة وأبنية دعبول، ووجدت جثث الشهداء عند تحرير أبنية دعبول".
دمار في كل مكان
عدا شارع دعبول المسوى بالأرض، طال الدمار معظم المنطقة المحررة من حي التضامن، ليتجاوز الدمار نسبة 70 في المئة وفقاً لـ "حذيفة" الذي التقط صوراً توضح دماراً كبيراً، اطلعت عليها (كلنا شركاء).
ولفت "حذيفة" إلى أن البنية التحتية في الحي مدمرة بالكامل، حيث لا تجد اليوم أي نقطة طبية أو مستشفى ميداني في الحي، إضافة إلى أن الكهرباء والمياه مقطوعة عن الحي منذ عدة سنوات، ويعتمد حي التضامن على مياه الآبار بشكل كبير أو على شراء مياه الشرب من المناطق الخاضعة للهدنة مثل بيت سحم ويلدا وببيلا.
ومنذ تحرير الحي في 2012 لم تدخل أي منظمة إنسانية أو إغاثية إلى الحي، "رغم أن الحصار قطف أرواح أكثر من 30 شخصاً نتيجة الجوع، معظمهم من الأطفال"، على حد تعبير "حذيفة".
ويعاني حي التضامن من التهميش الإعلامي. ويقول نشطاء إن أهمية الحي كبوابة لدمشق يجب أن تكون سبباً لزيادة تسليط الضوء عليه، لا سيما وأن التضامن لم يسجل أي مهادنة أو حتى دخول في مفاوضات مع النظام على الرغم من الحصار الطويل الذي لم ينته بعد.
محمد كساح: كلنا شركاء
↧