المرأة في ظل النزاعات المسلحة والحروب
فواد الكنجي
حينما نتحدث بالمجرد عن واقع نضال المرأة في ظل ذكرى يومها العالمي في الثامن من آذار، إنما نتحدث عن نضال من أجل قضية النساء بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو الدين أو القومية. حيث يفرض الواقع حتمية خوض نضالا ضد كل أشكال القمع والتميز لا تتوقف بحدود المعمل أو المصنع أو المكتب بل تتعدى ضرورته إلى المنزل والمجتمع من اجل القضاء والحد من التشريعات العنصرية والتميزية ضدها ومن أجل المساواة والحقوق القانونية بينها وبين الرجل ليس أمام القانون فحسب بل وعلى جميع أصعدة الحياة، من حيث الحق كامل في الطلاق والإجهاض وفي أماكن العمل و المنزل والتعليم والسكن والمواصلات والاستفادة من الخدمات المجانية بما يتعلق بشؤون الحمل والمراقبة الصحية ودور الحضانة والمعاشات ... الخ .
فمسيرة العمل المرأة ونضالها من اجل تحقيق هذه المطالب و من اجل تحسين وضعها الاجتماعي، ليس هدفا في حد ذاته، بقدر ما يكون وسيلة لوعي النساء أهمية النضال من اجل القضاء على تبعية الاستغلال الطبقي بما يضمن كامل حقوقهن كانسان ليس إلا .
ومن هذه الحقيقة المتعلقة تحديدا بـ(وضع المرأة) يُقيم النظام السياسي والاجتماعي لأي دولة من دول العالم، ومن هنا تأتي كل المؤشرات عن الدول الأكثر تقدما بكونها هي تلك الدول التي باشرت في تحرير المرأة وسن تشريعات لصالح حقوقها ومساواتها في بنية وهيكلية المجتمع والدولة وقوانينها، رغم يقيننا بان هذا الهدف لا يتم بين ليلة وضحاها مهما سعت الدول من مساعي جادة لترسيخ هذه القيم في المجتمع ما لم يتم تحقيق إصلاح للمنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وارتفاع مستوى اقتصاد الدولة بشكل عام ونشر الثقافة التربوية وإعلامية عالي المستوى وبمنتهى المسؤولية .
ومن هنا فان النضال من اجل حقوق المرأة مرتبط بهذا الشكل وذاك بالنضال الثوري، وهذا النضال لا يكمن ولا تكتمل صورته مهما كان نوعه في ظل الأنظمة الرأسمالية، لان طبيعتها هي نظم هيمنه تضع الأولوية إلى العوائد المالية والإرباح والمردود الإنتاجي دون أية اعتبار للقيم الإنسانية الأخرى، على عكس النظم الاشتراكية التي تحرص من أجل التغيير الاشتراكي للمجتمع وعلى كل المستويات وفي إن واحد الإنتاجية والاجتماعية والمعاشية والتحررية حيث تضع أولوياتها إلى رفع مستوى تأهيل المرأة وزجها في ساحة العمل والإنتاج وبقية الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية والإعلامية في المجتمع بكون يقينها بان المرأة تشكل احتياطيا هائلا على كل المستويات الثورية والتحررية والنضالية .
في هذا السرد العالم لواقع المرأة بصورة عامه وفي ظل التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي يشهدها العالم وتحديدا عالمنا العربي، فان المرأة العربية تواجه تحديات خطيرة وخطيرة جدا بعد إن ضعفت الأنظمة الاشتراكية العربية وأحزابها وتنظيماتها بفعل تنامي الحركات الإسلامية المتطرفة، لتشهد المنطقة العربية تحولات اجتماعية وسياسية وثقافية خطيرة جدا بحجم تراجع القوى الاشتراكية والليبرالية والعلمانية، بعد إن شكلت الجهات الإسلامية وميليشياتها تحديا كبرا وقفوا بالضد عن إي تطور في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية للمجتمعات العربية - الإسلامية، حيث يقفوا بالضد من الحريات وبالذات بالضد من حرية المرأة والأحزاب التقدمية والتحررية والاشتراكية والليبرالية والعلمانية، لتعيش المرأة العربية اليوم بتأثير الاحتلال ودخول المستعمر الأمريكي إلى المنطقة وتعاونه مع القوى الإسلامية المتطرفة وبتنسيق معهم لتأمر على خلق فوضى خلاقه في المنطقة بدؤوها بإسقاط الأنظمة العربية التي كانت تتبنى الفكر الاشتراكية بهذه درجة وتلك والفكر العلماني وتعطي للمرأة حريتها، ولكن بفعل نمو الحركات الإسلامية التكفيرية المتشددة و المتطرفة وإشاعة الفوضى و حالة من عدم الاستقرار في عموم منطقتنا العربية، لتتحول حياة مجتمعاتنا العربية بأسرها إلى جحيم لا يطاق....! فكيف الحال بالنسبة إلى حالة المرأة التي أصبحت هدف لهؤلاء الإرهابيين مما ادخلوا الرعب على حياتها كونها أصبحت جارية وعبده لهؤلاء الإرهابيين، بل وان حياتها أصبحت مهددة دائما نتيجة ازدياد حوادث القتل والاختطاف والاغتصاب التي تتعرض لها النساء ليس فحسب في العراق وسوريا بل في عموم المنطقة، ولم تعد المرأة تؤمن على نفسها دون إن تكون معرضة لشتى الأخطار، لذلك تقوقعت على نفسها بعد إن منعت الخروج من المنزل دون محرم، والكثير منهن منعوا من حقهن في الذهاب إلى المدرسة أو العمل، بعد إن منعت في كل المناطق التي يسيطر عليها الحركات الإسلامية التكفيرية، ومما زاد طين بله هو تصاعد النبرة الطائفية والعرقية في اغلب المجتمعات العربية بعد تصاعد موجة الحكم القائم على مبدأ الطائفية والمذهبية والعرقية في تقسيم المجتمع وتفكيكه، لا وبل بعد أن اخذوا هؤلاء الطائفيين والمذهبيين ممن أمكنه السيطرة على قيادة السلطة في بعض الدول العربية إلى سن وتطبيق قانون ألأحوال الشخصية يعتمد على المذاهب الدينية كأساس للحكم وتشريع القوانين، بعد إن تم إلغاء القوانين المدنية والعلمانية من دساتير دولهم واستبدلوها بتشريعات وقوانين تقوم وفق تفسير فقهي متعلق بمذاهبهم الدينية واختيار وتأويل نصوص القرآنية بما يتلاءم مع رغبات الحكام وأصحاب القرار، ومنح الفقهاء لأنفسهم مكانة فوق مكانة القانون الدولي، بل فوق مكانة البشر، عندما حاولوا تفسير النص الديني حسب أمزجتهم وتأويلاتهم، وفي وقت الذي منعوا غيرهم من الاعتراض وان كانوا على الصواب لان جوهر السلام الحقيقي والوسطي يدعو إلى العدالة والمحبة بين البشر، ومما يلاحظ بان جل تشريعات التي شرعت جاءت تحديدا ضد المرأة وحريتها وحقوقها، لتنحدر المرأة العربية نتيجة هذه التشريعات الفقهية إلى أسفل السلم الاجتماعي نتيجة هذه التفسيرات والتشريعات التي طغت عليها العقلية الذكوريه المتسلطة والمهيمنة، ليظهروا بجلاء للعالم بان الدين الإسلامي تحول إلى دين معاد للمرأة وحقوقها، بعد أن كان خير نصير لها في مطلع نشر الدعوة الإسلامية كونه احدث ثورة اجتماعية نوعية في حياة المجتمع آنذاك، نقل واقع المرأة نقلة حضارية واجتماعية مرموقة يليق بمكانتها كانسان، من حيث الحقوق والواجبات والمساواة ومشاركتها مع الرجل في الثواب والعقاب والتكليف، فالإسلام منحها حقوقا كاملة وأوكل إليها كما أوكل إلى الرجل مسألة الولاية المتبادلة (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أَولياء بعض )) و(( وأَمرهم شورى بينهم ))، وهو الأمر الذي جعلهن ينصرون الدعوة الإسلامية كون الإسلام ناصر حقوقهن في مطلعه أو في تلك المرحلة التاريخية.
لنجد ما آلت اله صورة الإسلام اليوم على يد الحركات الإسلام السياسي التكفيري المتطرف والمتزمت، حيث حولوا صورته ليس فحسب إلى عدو للمرأة، بل عدو للإنسانية بشكل عام، وقد ساهمت الأوضاع السياسية المنفلتة وضعف السلطات الدول العربي بعد وقوعها تحت الهيمنة الخارجية واملاءات الغرب المستعمر، وفشل المشروع القومي والوحدوي، والهيمنة الأمريكية على قرارات الأمم المتحدة بعد زوال القطب المعارض لها بغياب النظام الشيوعي الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي واستنزاف الحل العرب للمعضلة الفلسطينية، مما مهد الغرب إلى صناعة الحركات الدينية المتطرفة تمويلا ودعما وإسنادا لظهورها في المنطقة بغية تقسيم وتجزئة ورسم خارطة جديدة للشرق الأوسط تكون لصالح بقاء الكيان الصهيوني الإسرائيلي في المنطقة ليس إلا، مما سببت هذه الأوضاع الخطيرة إلى الانكفاء الحركات التحرر النسائية في عموم منطقتنا العربية، بعد إن كانت المرأة العربية قد وصلت مكانة مشرقة ومشرفة بفضل جهودها وكفاحها وطموحها لتتقلد ارفع المناصب والمواقع الريادية وعلى كل المستويات و قد حققت تقدم وإنجازات مهما في كل المجتمعات العربية وفرضت حضورها في المجتمع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتربويا وثقافيا وعلميا، على الرغم من التحديات الكبرى التي واجهتها وتواجهها في خضم واقع مجتمعاتنا الشرقية المتحفظة والملتزمة بالتقاليد والعادات الباليه التي تعيق مسيرتها.
وعلى الرغم من كل هذه المعوقات برزت المرأة الشرقية وتقدم حضورها ليس فحسب على الساحة العربية بل وحتى على الساحة العالمية، فلقد برز حضورها في الحراك السياسي والاجتماعي الذي عاشته وتعيشه منطقتنا العربية وفي العديد من المحطات السياسية ليس فحسب دفاعا عن حقوقها وإنما برز حضورها في الدفاع عن القضية العربية المركزية فلسطين وعن الهوية العربية ومناهضة المحتل الأمريكي ووجوده الغير المشرف في عموم المنطقة بل شاركت مع الرجل في تظاهرات دفاعا عن علمانية الدولة وضد التشريعات الإسلامية التي تقوض حريتها وكرامتها في قانون الأحوال الشخصية حيث تعالت الدعوات من أجل المطالبة بتطبيق النظام المدني في مسائل الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والميراث، أي نبذ أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بهذه المسائل والاعتماد على القوانين المدنية، فكان لها دور في الحراك السياسي وفي الإصلاح وقيادة الشارع في التظاهرات المطالبة بالإصلاح والقضاء على الإرهاب، كون ليس هناك من حل لقطع دابر هذه الفكر واختراق هذه الثقافة الظلامية التي جاء بها الإسلام السياسي التكفيري والذي جاء بالتعصب والكراهية وبأفعال الإرهاب، فتقويض هذا الفكر وهذه المنظمات المتطرفة لا يمكن ان يتم إلا على ارض مرجعيتها الدينية والعقل الذي يحركها. وهذا لا يتم إلا بمواصلة العمل الجاد على جبهة الإصلاح الديني والتنوير الثقافي والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فالحركات الإسلام السياسي المتطرفة وخطابها الإرهابي هو في الواقع إنتاج الجمود الفكري والعقائدي الذي كرسته المدارس والمنظومات التربوية والمؤسسات الدينية الإسلامية على مدى عقود بعد أن حولوا الموروث الديني إلى سلطة دينية تواجه الفكر المتنور . ومن هنا تأتي أهمية تحرير الفكر الديني المتشدد الذي يجنح إليه التنظيمات للإسلام السياسي المتطرف عبر نشر ثقافة التنوير التي تقوم على العقل، وتؤمن بالتقدم والتطور والازدهار الثقافي والعلمي والانفتاح على الأخر والتعويل على قدرات الإنسان، وتحديث المفاهيم والقيم التي تمثل إنجازا الفكر الإنساني الذي لا يهمش دور أي كائن مهما كان نوعه وجنسه ولونه بقدر ما يعتمد على تشجيع ودعم كل من يمنح الرقي وتطور المجتمعات من علم ومعرفه ولازدهار الحياة وتقدمها .
ومن هنا فان المرأة سعت بكل ما أتى لها من فعل وفعالية وقوة وحماس للاندفاع قدما إلى جانب الرجل لتؤدي دورها ولتحافظ على مكانتها المؤثرة في التغيرات الثورية في المجتمعات الشرقية الذي لا بد إن تحصل في المنطقة لكي تبقى المرأة في الخطوط الأمامية للمواجهة وتواجه بوعيها وعلمها وثقافتها كل من يريد لها إن تبقى في الصفوف الخلفية وخلف (البرقع) و (الحجاب) لتكون أداة للمتعة الرجل ممن أطلق عليهم مجاهدين في صفوف الحركات السياسية للإسلام السياسي الداعشي وأذيالهم فحسب، وقد ضربن النساء الشرق مثلا رائعا في المقاومة والنضال، حيث انظموا إلى صفوف الرجال في الحرب ضد زمر الإرهابيين الدواعش، وقد قدموا صورة مشرفة للمرأة الشرقية المناضلة المقاومة كما لتمسنا وجودها في صفوف المقاومة الفلسطينية وفي لبنان وسوريا والعراق ومصر ويمن و تونس وفي التظاهرات التي اجتاحت الشوارع العربية مطالبة بالحرية والاستقلال والتمسنا نضالها وهي ترفع السلاح وتحارب دفاعا عن أرضها وعرضها ضد الإرهابيين في التنظيمات الإسلام السياسي المتطرف في منطقة (عين العرب - كوباني) و (حوض نهر خابور) وفي كثير من مناطق العراق في الرمادي وتكريت وديالى وموصل حيث رفعن النساء الفلاحات الأسلحة والرشاشات بوجه لإرهابيين الدواعش ودحرتهم، وهناك من النساء قاومن و استبسلن في حماية مدنهم قبل ان يفقدن حياتها.
فان انخراط المرأة في صفوف المقاومة وحمل السلاح جاء لمقتضيات المرحلة وان غيرتها على امن الأمة واستقلال الوطن هو ما احفزهن لسير بهذا الاتجاه وهو دليل لكون المرأة الشرقية مناضله، بالرغم من كافة أنواع القمع التي حاولت ان تحجمها وتهمشها وبالرغم مما عانته المرأة الشرقية من قمع طائفي ومذهبي وديني وقومي، إلا إن استعدادهن القيادي للدفاع عن مجتمعاتهن وأوطانهم استمر متواصلا ومتأصلا في عمق ذاتها وعلى كل الجبهات وفي كل مناطق الشرق العربي، حيث شكلن فصائل نسائية وذهبن لتحرير مناطقهم بكل شجاعة وبسالة من أيدي زمر ما يسمى بـ(الدولة الإسلامية الداعشية) وقد حققوا انتصارات مذهلة وضربن مثلا رائعا في الإقدام والشجاعة والتضحية وبما يليق بمكانتها كامرأة مناضلة على أكثر من جبهة قتالية ومكان .
ولهذا فان اغلب الحركات النسوة وفي عموم شرقنا العربي- الإسلامي يركزن ويرفعن شعارات أليبرالية والعلمانية و على حريتهن التي لا تخضع إلا على ضوابط القانون الوضعي، رافضة أية وصايا من سلطة الدينية أو حكوماتها الطائفية والمذهبية، ولهذا شجعت الحركات النسوية ومنظماتها على عدم التزام المرأة بـ(الحجاب)، مبررة ذلك بأن العفة والأخلاق سلوكيات لا علاقة لها بتغطية المرأة لشعرها أو وجهها بقطعة قماش، فوضع قطعة قماش على الرأس لن يكون مقياس لعفة المرأة، ليس هذا فحسب بل شجعن النسوة للاختلاط بين الرجال باعتباره ضرورة مجتمعية في العمل والمدرسة .
وهكذا قاومت المرأة الشرقية قوى البغي والظلام والمتمثلة اليوم في عالمنا العربي الحركات للإسلام السياسي المتشددة والمنظمات التكفيرية الإرهابية الداعشية وأذيالها التي تحاول قمع إرادة المرأة وأهانتها وانحطاط من إنسانيتها كإنسانه وجعلها أداة وسلعة لمتعة الرجل المنظم في صفوف هؤلاء المجرمين ليس إلا، فتعرضن الكثير من النسوة بما تجاوز ألاف المؤلفة للقتل والاغتصاب والخطف والتعذيب، وصل الأمر بهؤلاء الإرهابيين الإسلاميين المتشبثين بالفكر الإسلام السياسي ألظلامي ببقر بطونهن وهن حوامل وقمن بتعذيب المرأة وتعريضها للاغتصاب الجماعي كما حدث في مدينة سنجار وموصل العراقية وفي ادلب ورقه وفي مدن سوريا عديدة، فالتعذيب الذي لاقته المرأة لم يطل جسدها فحسب بل طال عمق روحها، عندما قاموا هؤلاء المجرمين من فصائل الإسلام السياسي لزمر الدواعش وأذيالهم إلى تعذيب أبنائهن وأزواجهن ومن ثم تم قتل وتنكيل وقطع رؤوس ونهش أكبادهم إمام أعينهن، بل ومضى إجرام هؤلاء الأوغاد الدواعش وأذيالهم إلى اخذ النساء لاستعمالهن كدروع بشرية هنا وهناك .
فالحرب التي فرضت على منطقتنا الشرقية في أكثر من مدينة عربية والي يشنها زمر الإرهاب للإسلام السياسي التكفيري بحجة تأسيس وإقامة بما يسمى بـ(دولة ألخلافه) قائمه على التخلف والجهل والتميز والطائفية والمذهبية والعنصرية وتهميش حرية المواطنين، فان تحت نير هذه الفتنة التي أرادوها هؤلاء الإرهابيين الإسلاميين لمنطقتنا، ادخلوا كل المجتمعات العربية – الإسلامية المشرقية في دوامة لا يحسد عليها فكيف الحال بالنسبة إلى المرأة الشرقية ..........!
فالمرأة إمام هذه الوقائع التي تعصف بلدن العربية تجد نفسها إمام تحديات غير مسبوقة، إذ إن إطراف إسلامية متطرفة وميلشياتهم التكفيرية تتسابق في ممارسات همجية لإهانة المرأة وتحقيرها وبشكل سافر، إذ تتعامل تنظيمات الإسلامية التكفيرية مع نساء المدن العربية المحتلة كـ(سبايا) تباع وتشترى بشكل علني في أوساطها، ملغية بذلك صفة الإنسانية عن المرأة، بينما نرى بعض الأحزاب للإسلام السياسي المتطرفة، المشارك في الحكم والسلطة، بان أعلى انجازها هو في صياغة قانون أحوال الشخصية كما هو الحال في (العراق) على سبيل المثال وليس الحصر، حيث شرع قانون مهين للمرأة في بما سمي بقانون الأحوال الشخصية إلا وهو (القانون الجعفري) الذي يشرع على اغتصاب الطفلة في عمر سبع سنوات فحسب ، وتزويجها وهي قاصر، وان يمسكوا بوزارة العدل ليشرعوا ويطبقوا قوانين في المجتمع يجعلوا من المرأة أسيرة المنزل وجارية وخادمه وعبده مفروض عليها (البرقع) و(الحجاب)، الزى الذي غاب مشهده من عموم بلدان المشرق العربي منذ زمن بعيد، وبفرض هذا الزى عليها أرادوا أن يعيدوا المرأة إلى زمن تجارة الرقيق والسبي، لدرجة التي لا يسمح لها إن تتقدم إثناء السير إمام الرجل لتقاد إلى خلفهم وهي مغطاة بالبرقع والحجاب الأسود وكأنها دمية من خيال المآتة وعبده وجاريه مسيرة خلف الرجال ليمنع عليها العمل والاختلاط مع الرجل ولا يسمح لها الخروج إلا برفقة محرم، وهذه السلوكيات ما سادة في المجتمعات الشرقية إلا في عصور الوسطى و الظلام، ولا نقول في عصر بداية الرسالة الإسلام لان المرأة أيام الرسول الإسلام كان تختلط مع الرجال وكانت تستشار في كثير من القضايا وكانت تعمل بالتجارة وتسافر في قوافل وكانت ترتدي الحلي والمجوهرات ولم يضرب بينها وبين الرجل الحجاب او يغطى وجهها بالبرقع والحجاب، ولكن اليوم بفعل سياسات المحتل الأمريكي الذي جاء عبر البحار واحتل العراق وحوط المنطقة الشرقية بأساطيله الحربية ليجعلها ثكنه عسكرية له ولعملائه من الحركات الإسلام السياسي المتطرف و المتمثل بالقاعدة والداعش وأذيالهم هم المسؤولين لما ألت إليه منطقتنا من التخلف والتراجع بسبب سياسات المحتل الأمريكي الذين أمكنوا الجماعات الإسلامية المتطرفة واستقطبوهم إلى منطقتنا الشرقية ليحولوها إلى بؤر لتجمعاتهم و من اشد دول العالم إرهابا و تخلفا بسبب التزام هذه الحركات بالفكر التكفيري المتشدد والمتقوقع بظلاميته وتكفيره بالفكر المتنور العلماني والليبرالي والاشتراكي والتقدمي، كون جل أفكارهم تحتفي بالموت أكثر من احتفائها بالحياة وبهذه الثقافة لم تفرز في المجتمع سوى التعصب والكراهية والإرهاب، فكيف الحال بالنسبة إلى المرأة .......!
نعم إن امرأة تعرضت لضغوط بفعل الممارسات القمعية التي لاقتها من الإرهابيين لقوى للإسلام السياسي التكفيري ألظلامي المتشدد، إلى هزة نفسية حادة وقوية نتيجة ما تعرضن إلى العنف والاغتصاب والأسر في أكثر من مدينة عربية التي احتلت من قبل التنظيمات الإسلامية التكفيرية، فكانت المرأة الشرقية خير شاهدة على الجرائم التي ارتكبتها هذه التنظيمات التكفيرية، حيث تعرضن على الاهانة والاحتقار والازدراء وبما ألت إليه حياتها العائلية من اعتداء وقتل إفراد أسرتها، فمنهن من قتلوا ومنهن من اغتصبوا ومنهن من اخذوا سبايا ليبيعوا في سوق النخاسة ومنهن من فروا تاركين خلفهم كل شيء وهاجروا، وهو الأمر الذي ترك لهن أزمة نفسية ليبقوا يعانون من تبعاتها بما تعرضن عليه من هزات عنيفة، فالكثير منهن يذكرن مشاهد من استشهد من زميلاتهن وهن يواجهن الإرهاب مضحيات بحياتهن و بكل شيء في سبيل الحفاظ على كرامتها ، والكرامة في كثير من الأحيان ليس بالضرورة أن تكون معلقة بالجسد، إنما هي إيمان المرء بالأفكار التي يؤمن بها فيناضل من اجلها .
فانطلقت المرأة في تحمل مسؤولياتها التاريخية وأخذت أنشطتها وفعالياتها في المقاومة انفرادا وجماعة لتساهم في محاربة ومواجهة هؤلاء الإرهابيين من زمر الفصائل الإسلام السياسي التكفيري في القرى والبلدات التي دخلوها، وشكلت في كثير من مواقع خط الدفاع الأول لحماية أرضها وعرضها، وشكلن متراسا حامي ودرعا واقي في مواجهة قوى البغي والعدوان الذي مارسوه هؤلاء الإرهابيين الدواعش وأذيالهم الذين حاولوا اقتحام قراهم للتنكيل بأهلها وذويها، فزرعت في النفوس زميلاتها وأخواتها وأقربائها العنفوان والإرادة وعدم الرضوخ لإرادة هؤلاء الإرهابيين كونها أدركت المرأة عظمة دورها ومسؤوليتها من خلال ألآثاره ورفع ألهمهم والحماس والتضحية والاندفاع في المقاومة ومقارعة ظلم هؤلاء التكفيريين من الإسلام السياسي التكفيري المتمثل بالدواعش والقاعدة وأذيالهم، فانخرطن بفاعلية أكبر في إطار منظم في المواجهة والمقاومة، وساهمن بشكل اكبر وفعال في الصمود والثبات والتشبث بالأرض، لتقدم أروع ما يمكن إن تقدمه المرأة الشرقية في أيطار نضالها من اجل الحرية والمساواة وحق الحياة .
المصدر: فواد الكنجي
↧