بينما يتوجه الهولنديون للتصويت في انتخابات تشريعية، تسود أوروبا المخاوف من تقدم الشعبويين اليمينيين، كما تنذر استطلاعات الرأي، ما يشكل اختباراً حاسماً في عمليات اقتراع مماثلة في أوروبا خلال الأشهر القادمة.
توجه الهولنديون الذين ما زال كثيرون منهم مترددين بعد حملة طرحت فيها قضايا مرتبطة بالهوية وتخللتها أزمة دبلوماسية مع تركيا، إلى مراكز الاقتراع اليوم الأربعاء (15 مارس/ آذار 2017) في انتخابات تشريعية ستشكل اختباراً للتيار الشعبوي قبل عمليات اقتراع مماثلة في أوروبا.
فبعد تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، تتوجه الأنظار إلى حزب النائب اليميني المتطرف المعادي للإسلام خيرت فيلدرز الذي تراجع في استطلاعات الرأي الأخيرة بعد تقدم استمر أشهراً.
وأدلى فيلدرز بصوته في مدرسة في إحدى ضواحي لاهاي أمام عدد كبير من الصحافيين. وقال "أياً كانت نتيجة انتخابات اليوم، الأمور لن تبق على حالها وهذه الثورة الوطنية موجودة لتبقى". وفي صف الانتظار في المركز نفسه، قالت ايستر وانت (52 عاماً) إن فيلدرز "رجل مزعج"، مضيفة: "لا أريد أن أعيش في عالم يهيمن عليه اليمين الشعبوي لذلك قمت بالتصويت ضده". وتعد النتيجة التي سيحققها الحزب الشعبوي اختباراً قبل انتخابات الأشهر المقبلة في فرنسا ثم في ألمانيا. وقالت المرشحة اليمينية المتطرفة للرئاسة الفرنسية مارين لوبن إن فيلدرز "وطني"، كما قالت لمحطتي فرنسا الدولية و"فرانس 24".
وحاول رئيس الوزراء مارك روت، مرشح الإبقاء على الوضع القائم، تحويل الاقتراع إلى معركة مع فيلدرز، قائلاً إن أمام الهولنديين أحد خيارين: إما الفوضى أو الاستقرار.
وبدأ الناخبون البالغ عددهم 12,9 مليوناً التوجه إلى مراكز التصويت اعتبارا من الساعة 07,30 صباحاً بالتوقيت المحلي (السادس والنصف بتوقيت غرينتش) وهم في طريقهم إلى العمل أو المدرسة، إذ أن هذه المراكز أُقيمت في محطات القطارات والمحلات التجارية وحتى في منازل خاصة.
وستغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة التاسعة (الثامنة مساء بتوقيت غرينتش) وينتظر صدور التقديرات الأولية للنتائج بعيد ذلك بينما ما زال عدد قياسي من الناخبين لا يعرفون أي مرشح سيختارون عند التصويت. وقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية السابقة 74 بالمئة.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرت نتائجها أمس الثلاثاء إلى أن الحزب الشعبي الليبرالي والديمقراطي الذي يقوده روت يتقدم بفارق كبير على حزب فيلدرز، حزب الحرية. ومن المتوقع أن يحصل حزب رئيس الوزراء على ما بين 24 و28 مقعداً من أصل 150 في مجلس النواب في البرلمان الهولندي، لكنه بعيد جداً عن الأربعين مقعداً التي يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته، حسب الاستطلاعات الأخيرة.
برنامج مقتضب ومثير للجدل
أما حزب الحرية اليميني (حزب فيلدرز) الذي تصدر اللائحة لأشهر، فلن يحصل على أكثر من 19 إلى 22 مقعداً، تليه الأحزاب التقليدية مثل حزب النداء المسيحي الديمقراطي والتقدميين في حزب الديمقراطيين-66. ويمكن لحزب النداء المسيحي الديمقراطي الذي هيمن لفترة طويلة على الحياة السياسية في هولندا، أن يصبح أيضاً أكبر حزب في البلاد ومن شبه المؤكد أن يشارك في الحكومة. وخلال الحملة اقترح هذا الحزب إلزام التلاميذ بترديد النشيد الوطني وأعاد الجدل حول مسألة ازدواج الجنسية. يذكر أن جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات أكدت رفضها الدخول في أي تحالفات مع حزب اليمين الشعبوي، ما سيضع فيلدرز في حال فوز حزبه أمام تحديات كبرى لتشكيل ائتلاف حكومي.
ويتلخص برنامجه الذي يقع في صفحة واحدة بإغلاق الحدود أمام المهاجرين ومنع بيع القرآن وإغلاق المساجد في بلد يشكل المسلمون خمسة بالمئة من سكانه. وحظيت أفكار فيلدرز بدعم كبير خلال أزمة اللاجئين، لكن عدداً كبيراً من الهولنديين يرون أنه متطرف في مواقفه. وقال نيلز الذي تابع مناظرة تلفزيونية جمعت بين روت وفيلدرز في حانة في لاهاي "من حقه إعطاء رأيه لكنه لا يقترح أي حل ولا يقوم سوى ببث الخوف".
مشهد سياسي معقد وأزمة مع أنقرة
وما زاد من تعقيدات المشهد السياسي، اندلاع أزمة سياسية نهاية الأسبوع الماضي بين لاهاي وأنقرة بعد منع السلطات الهولندية وزيرين تركيين من المشاركة في تجمعات مؤيدة للرئيس رجب طيب أردوغان. يضاف إلى ذلك تقديم نحو 28 حزباً لوائح انتخابية، في عدد قياسي لم يسجل في العقود الماضية.
وفي ظل هذه المعطيات، من المنتظر أن يستغرق تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد أشهراً - الفترة القياسية حتى الآن بلغت 208 أيام-، وسينبثق نتيجة اتفاق بين أربعة أو خمسة أحزاب. وخوفاً من الهجمات الالكترونية، سيتم احتساب الأصوات بالكامل يدوياً هذه المرة وستعلن النتائج الرسمية الأسبوع المقبل.
ع.غ/ و.ب (DW)
المصدر: دويتشه فيله
↧