يومياً، ومنذ نحو شهر، يسلم فلسطينيون من مخيم عين الحلوة أنفسهم إلى السلطات اللبنانية، في ما أعتُبر مدخل لتسوية أوضاع العديد من سكان المخيم غير المتورطين في أعمال عنف، خصوصاً أن عدداً منهم كان يفرج عنه بعد أيام. لكن المخيم، الذي تعيش فيه أكبر كتلة فلسطينية في لبنان، لا يبدو أنه خرج من الرؤية الأمنية اللبنانية لمآسيه. فوفق معلومات حصلت عليها "المدن" من مصدر أمني، فإن السلطات اللبنانية قررت بناء جدار بإرتفاع 4 إلى 5 أمتار، على كامل حدود المخيم، في إجراء لا يمكن تشبيهه بغير جدار الفصل العنصري. وإذا كان مصير الجدار غير واضح بعد، أي هل ستمضي به السلطات أم تتراجع عنه، فإن المؤكد وفق مصادر أمنية، أن المشروع لزم إلى شركة مقاولات معروفة في بيروت وتحمل اسم عائلة لبنانية، في حين يفترض البدء بتنفيذه خلال الأسابيع المقبلة، إلا إذا تراجع المعنيون عن قرارهم. وهذا ما يبدو غير محسوم رغم إيجابية التعاون الأمني اللبناني الفلسطيني داخل المخيم في ملف المطلوبين الفلسطينيين، إذ لا تجزم المصادر الأمنية باحتمال التراجع عنه. وتراهن السلطات الأمنية اللبنانية، في منظورها الأحادي إلى أزمة المخيم، على أن إجراءات أمنية إضافية قد تشكل صمام أمان لغد مجهول تريده قوى إقليمية ودولية للمخيم، خصوصاً لجهة ضبط حركة الدخول والخروج من المخيم وإليه وسد ثغرات، عبر بناء الجدار، يتسلل منها المطلوبون أو الراغبون بتنفيذ أعمال إرهابية. وفي حين يبدو الهم المعيشي للفلسطينيين متجَاهلاً، فإن خيار السلطات اللبنانية لا يستمد "شرعيته" من المدخل الأمني فحسب، بل هو مرتبط بملفات ومشاريع إقتصادية ومالية مستقبلية بحاجة إلى تعزيز الاجراءات الأمنية لضمان نجاحها، كاستخراج النفط وحماية الشركات الأجنبية، التي تسعى للحصول على استثمارات التنقيب، خصوصاً أن المنطقة الصيداوية المحيطة بالمخيم قد تحظى بدور إقتصادي وسياحي وتجاري في تلك المرحلة، مثل منطقة الحسبة وبركة غزالة وصولاً إلى مكان وجود مكب النفايات سابقاً. ولا يمكن تجاهل سعي قوى سياسية نافذة تملك عقارات وأراض، في تلك المنطقة، إلى تطويرها وتحويلها إلى منطقة مشاريع استثمارية. وفي كل الأحوال، تبقى الفكرة التي طُرحت منذ أكثر من شهر، في حال نفذت أم لم تنفذ، مشكلة في تدليلها إلى قصور التعامل الأمني اللبناني مع المسألة الفلسطينية، في لجوئه إلى الإجراءات التعسفية وجدار عار.
المصدر: المدن - خالد الغربي
↧