سنتحدث في متن هذا المقال عن أوجه الشبه بين أردوغان والوحش، وبين الغزال والقرد، فهما من فصيلة واحدة هي فصيلة القطط، كما ستقول البراهين العلمية، والعلوم النظرية، فانتظرونا: عائدون. وعائدون كلمة رفعها رفعت الوحش ذات مرة شعارا لفضائيته، وبشرى لطائفته، هل أحلف لكم أنّ الغزال والقط من فصيلة الزواحف: ارجعوا إلى رحالكم في وثائق اليوتيوب، أَما إِنَّهُ لَيْسَ بِشَرِّكُمْ مَكَاناً. فضحاياه بالمئات وليس بمئات الألوف مثل ضحايا ابن أخيه الطبيب. سأل نهاد قلعي، في إحدى تمثيلياته الضاحكة، الحسناء صباح جزائري، سؤالاً سهلاً، عن حيوان أليف، يعيش في البيوت، وله وبر ناعم، وإذا دعس ذيله ماءَ متألماً: مياو، ففكرت ثم قالت بعد أمّة: النمر، فصاح قلعي من الوجد فرحاً بالجواب الصحيح: صح فهما من نفس الفصيلة! كتب أحد صحافيي القيافة من نسّابة هذه الأيام، مقالاً في علم الجينات النكاحية والصبغيات السياسية، ووجد أوجها للشبه بين أردوغان والوحش، وزعم أنهما توأمان ومن بيضة واحدة! و”التوأمان” اسم أشهر فيلم هندي، عرض في حلب ستة أشهر متواصلة، وشاهده صديق كردي مثلي، يحبُّ الأفلام الهندية، كما أحبَ بعير المنخَّل اليشكري ناقة المتجردة زوجة الملك النعمان، في قوله: “أحبها وتحبني ويحبُّ ناقتها بعيري”. شاهد الصديق الفيلم بعدد أيام العرض، أي حوالي 150 مرة حتى يتأكد من التوأمة ويفحص علاماتها، فالسلطان ميراث ملكي، وأرض كردستان تمتدُّ من المحيط إلى الخليج، ومن الضروري أن تعود لأهلها. أظنُّ وبعض الظنِّ من حسن الفطن، أن الكردي الكانتوني المعاصر مصاب بمرض “جنون التشابه البقري”: إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا، فيحسب الشحم فيمن شحمه ورم. ويخال أنّ سوريا الأسد، وروسيا بوتين، وأميركا رامبو، من فصيلة واحدة هي الحمام الزاجل، وأن الجيران عرباً وتركاً والأشقاء الكرد المختلفين سياسياً: أعداء. وأنه يمكن حرق المراحل: المراحل لا تُحرق وإنما تَحرُق. وجد العالم الجينالوجي، النسابة، أنّ الفيل والنملة من فصيلة واحدة! بدليل -من عندي -أنّ الوحش فاز بنسبة ديموقراطية مثل نسبة أردوغان في انتخابات لم يشتكِ منها حتى صلاح الدين ديمرطاش ما طاش، وببرهان أنّ أردوغان هو وارث السلطنة من عثمان ارطغرل، كما ورث الوحش الإبن من الوحش الأب. وأنّ أردوغان تخلص من جميع رفاق الكفاح والباطنية، كما فعل الوحش الأب وتخلص من اللجنة العسكرية! وأن أردوغان غدر بعبدالله غول وأطاح به، ودكَّه في السجن ثلاثين سنة ثم جلس محله، وغدر بأحمد داود أوغلو، وأكل صلاحيات منصبه، ونكّل بجماعة شيخه الملياردير الصوفي، الزاهد، فتح الله غولن قدَّس الله حسابه البنكي، بينما في الحقيقة لا نعرف أين قبر شبلي العيسمي، ولا قبر ميشل عفلق المؤسس الذي مات مسكيناً. يقول سامي الجندي في مذكراته إن صلاح جديد اليساري كان طائفياً حتى العظم، فلعل جزاء صلاح جديد الذي مات في السجن، هو من جنس العمل… والطائفة. أضيف إلى مقال الصديق النسّابة بعض أوجه الشبه التي وجدتُها بين الفيل والنملة: أحدها أن الوحش عانى من قسوة نقد الصحافة المعارضة، التي شتمت أردوغان شتائم طالت أهله وأسرته مثله مثل الوحش المسكين الذي لم يكن يقول سوى “مياو” لمعارضيه، مواء بالسارين والكلور والبراميل. نزيد صاحبنا الجينالوجي شقة من شقق الشعر الحديث، فنضيف أوجها أخرى للشبه والمطابقة: ومن أوجه التشابه بين الرئيس القادم من قرية القرداحة والسلطان القادم من حي قاسم باشا، حسب ما ظهر من المقال الذي نحن بصدد الردِّ عليه، أنّ مظاهرة تضامنت مع الكاتبة الروائية المعارضة المعتقلة “أصلي أردوغان” حمتها الشرطة كما يحدث في سوريا تماماً، حذو النعل بالنعل، والجزمة بالجزمة، علماً أنّ تركيا في حالة طوارئ منذ شهر، وليس منذ نصف قرن، وفيها انقلاب حقيقي وليس انقلاباً أبيض كما في الحركة التصحيحية. ومن أوجه الشبه بين المذكورين أنّ أردوغان سيورِّث السلطنة إلى ابنه بلال، وأن شقيق أردوغان سرق البنك المركزي، ولا يزال يحمل صفة نائب الرئيس، وأنّ حزب “الشعب الجمهوري” وحزب “الحركة القومية” مثل “الجبهة الوطنية التقدمية” وأن كليهما جعل من بلده حكاية يمشي بها الركبان، فأحدهما جعل دولته في الترتيب السابع عشر بين الدول، والثاني جعل بلده مثل روما نيرون ومثل طورا بورا: وسلم لي على جوزك يا إسماعيل بيه. أرسلت رابط مقال صاحبنا النسابة إسماعيل بيه إلى صديقي “أبي الخير”، الذي يكتب في الشأن التركي، فضحك أبو الخير حتى فحص الأرض برجليه. وعاتبت أبا الخير على مقال كتب فيه أنَّ شأن السعودية في تعاملها مع تركيا هو حال عربة يجرها حصانان، واحد يحابي تركيا والثاني يحاربها، واتهمتُهُ بأنه مصاب بأمراض النسابة المعاصرين المصابين بمرض جنون التشابه البقري، وبينت له أنهما ليسا حصانين، وإنما حمار علماني وبغل محافظ. وخشيت أن أسمّي الحيوانين تسميةً صحيحةً، حتى لا أخسر الركن الخامس من الإسلام: الحج…كل شيء إلا الدين. وفي التشابه وعلم الهبل المقارن والقيافة، يعمل هؤلاء الكتاب والمذيعون أسوة بخالتي “عبطة”، وكنت زرتها لأول مرة صبياً، فدلتني عصبة الأولاد إلى بيتها في القرية، فدخلنا البيت الذي لم يكن له باب، وبادرها الولد الأول مبشِّرا بزيارة ابن أختها، فانهمكت في تقبيله وعناقه وهي تبكي وتترحم على أختها التوأم، ثم قال لها الولد الدليل: لستُ ابن أختك وإنما هذا، وأشار إليَّ في الجمع، فقبلتْ الثاني، والولد الدليل يصحح لها، ثم الثالث، والدليل يصحح لها، والرابع، إلى أن وصلتْ إلى ابن أختها، فالحب أعمى، وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلةٌ، وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا. وأمس أبصرت محللاً سياسياً، كان ضيفاً دائماً في “الجزيرة”، رأى أن يتحول إلى مذيع في فضائية “سكاي نيوز”، فالرز فيها تلال متلتلة، فعمل عملية جراحية في العقل والعقيدة عملاً بشعار صحيفة عربية مصابة بمرض جنون البقر: إنَّ الحياة عقيدةٌ ونكاح. اسم العملية في الطب “تحويل جنس”، فتحول من محلل مقاوم إلى محلل ممانع. وهو يستضيف في برنامجه ضيوفاً ثلاثة، وهو رابعهم، فيرجمون بالغيب. بكى المذيع المتحول فكرياً، في الحلقة، على احتلال أردوغان جرابلس، وكأنَّ أردوغان هو أول من يدخل سوريا المقاومة؟ وهي كما لا يخفى على أحد: مقاومة وممانعة لا تردُّ يد لامس هذه الأيام. واستشهد بمقال في “النيويورك تايمز”، شكى فيها بعض أفراد الجيش الحر للصحيفة الأميركية قائلين: أن أردوغان خدعهم، فهم جاؤوا لقتال “داعش”، لكنهم وجدوا أنفسهم يقاتلون “قوات سوريا الديموقراطية” البطلة التي تَحملُ الكَل، وتُكسِبُ المعدوم، وتُقري الضيفَ، وتعين على نوائب الحق، وتسمح للمواطنين العرب بالتدخين، وتسمّي المدن العربية السورية بأسماء كردية، زي الهوا يا حبيبي. أسماء كردية خلعها عليها الله منذ الأزل الأول وآدم منجدل بين الماء والطين، فبكيت حتى صارت دموعي أنهاراً على حال المحلل المستعار، ولم أعد أعرف هل بقي اسمه فوزي بعد عملية التحول، أم صار اسمه رزي؟ إنّ أوجه الشبه بين النجمين دارا مندرا وجيتندار، في فيلم “التوأمان”، هي نفسها بين الفيل والنملة، وهي نفسها بين أردوغان والوحش الأب. وكان الفيل يمشي مع النملة في نزهة ودّية، ذات مرة، فوق الجسر متشابكين بالأذرع، فقالت النملة لتوأمها الفيل والصيف يحتضر: الجسر يهتزُّ تحت أقدامنا! فَتَبَسَّم الفيل ضَاحِكاً، وهما كما قال نهاد قلعي، وسوريا تحتضر: من نفس الفصيلة، فصيلة وحيدات الخلية.
المصدر: المدن – أحمد عمر