قالت صحيفة "التايمز" البريطانية, إن استراتيجية النظام السوري بالقصف والحصار والتجويع, بلغت أقصى قسوتها، بهدف إجبار المدنيين على مغادرة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 3 سبتمبر, أن المعارضة السورية حذرت من أن هناك خطة خبيثة أعدتها روسيا وإيران ونظام بشار الأسد, لتنفيذ تغييرات ديموغرافية واسعة في أنحاء سوريا على أساس طائفي.
وتابعت "يبدو أن ما حدث في داريا بريف دمشق هو البداية على طريق تنفيذ هذه الخطة, حيث أنه بعد أربع سنوات من الحصار والتجويع, اضطرت المعارضة السورية المسلحة إلى توقيع اتفاق مع نظام الأسد يقضي بخروج المدنيين والمسلحين من هذه المدينة".
واستطردت " المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا أعرب عن قلقه من أن تكون هذه الاتفاقات على جلاء السكان من مناطقهم جزءا من استراتيجية أوسع لنظام الأسد، بينما قال رئيس الوفد المفاوض بجنيف عن المعارضة السورية المسلحة رياض حجاب إن الأمم المتحدة سهلت دون أن تتعمد عملية جلاء المدنيين عن مناطقهم".
وحذرت "التايمز" من أن نظام الأسد يستغل هدنات الأمم المتحدة، لكسب الوقت ومواصلة استراتيجيته في الحصار والتجويع, وبالتالي إطالة مدة معاناة المدنيين المحاصرين, وإجبارهم في النهاية على إخلاء مناطقهم.
وكانت المعارضة المسلحة في مدينة داريا بريف دمشق توصلت قبل أيام إلى اتفاق مع نظام الأسد يقضي بتسليم المدينة, مقابل إجلاء المدنيين إلى مناطق في محيط دمشق يسيطر عليها النظام , وإبعاد مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم إلى إدلب.
وحسب "الجزيرة", فإن اتفاق إجلاء المدنيين والمقاتلين من داريا يقضي بخروج سبعمائة مقاتل إلى إدلب ونحو أربعة آلاف من الرجال والنساء مع عائلاتهم، فضلا عن تسليم المقاتلين سلاحهم المتوسط والثقيل.
وانتقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الاتفاق، وقال إن نظام الأسد يسير وفق خطة ممنهجة لتهجير السكان حول دمشق بهدف التغيير الديموغرافي وصولا إلى التقسيم على أساس طائفي.
وأدان عضو الائتلاف خطيب بدلة إجبار سكان داريا على الهجرة من أرضهم تحت التهديد بالإبادة، بعدما كثف النظام قصفه بالبراميل المتفجرة والحارقة على المدينة في الأشهر الماضية، وأحرق الأراضي الزراعية ومنع وصول القوافل الإغاثية للمدنيين.
وفي سياق متصل, تحفظت الجامعة العربية على الاتفاق بين النظام السوري والمعارضة بداريا، واعتبر الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في بيان له أن الاتفاق "يمثل تطورا مثيرا للقلق رغم إنهائه معاناة المدنيين الأبرياء، خاصة أنه لم يتم تحت رعاية الأمم المتحدة".
وأكد البيان أن "تفريغ المدن من سكانها الأصليين وإجبارهم على مغادرتها تحت التهديد تعد مخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني كما قد يمهد لتسويات مشابهة تنطوي على تغيير ديموغرافي لأوضاع المدن السورية, الأمر الذي سيرتب آثارا سيصعب محوها على مستقبل سوريا وشعبها كبلد موحد".
كما أعلن ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة أن الاتفاق الذي تم بموجبه إجلاء السكان عن مدينة داريا المحاصرة قبل أيام لا يتوافق مع قانون حقوق الإنسان الدولي.
وأكد أوبراين في بيان له أن "الاتفاقيات التي ينجم عنها إجلاء جماعي للمدنيين بعد فترة طويلة من الحصار لا تتوافق مع قانون حقوق الإنسان الدولي، وأنه كان ينبغي رفع الحصار، ولا ينبغي أن يكون هناك أي اتفاق يؤدي إلى التهجير القسري للسكان المدنيين".
وشدد المنسق الأممي على أن ما حدث في داريا ينبغي ألا يكون سابقة للمناطق الأخرى المحاصرة في سوريا، وأنه من الضروري أن يسمح لجميع النازحين بالعودة الطوعي في أمن وكرامة إلى ديارهم في أقرب وقت تسمح فيه الأوضاع بذلك.
وفي المقابل, قال وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر للتليفزيون السوري الحكومي إن داريا عبارة عن بداية "الدومينو" بعدها ستسقط أخريات، كما أعربت موسكو عن أملها بتطبيق تجربة داريا في إجلاء السكان مستقبلا في مناطق أخرى.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في 31 أغسطس إن تنفيذ اتفاق الحل في داريا أدى إلى إنهاء وجود المقاتلين فيها والذين سيطروا على البلدة منذ عام 2012، حسب تعبيرها.
وتابعت " المهمة الرئيسة في الوقت الحاضر هي محاربة الإرهاب بجبهة موحدة تضم كل الأطراف المعنية".
يذكر أنه بعد أيام من تهجير أهالي داريا في ريف دمشق، حاول نظام الأسد تطبيق ذلك أيضا في معضمية الشام المجاورة.
وخير نظام الأسد المدنيين في معضمية الشام بين تسليم مدينتهم وإخراج كل المسلحين إلى إدلب أو موتهم حصارا وجوعا وقصفا.
جهان مصطفى: المصريون
↧