Quantcast
Channel: souriyati2 –سوريتي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

«التوحد ,التمحور حول الذات» .. مرض العصر لدى الأطفال / الغموض يكتنف معظم جوانبه رغم مرور 50 عاما على تشخيصه

$
0
0
- عدم التجاوب العاطفي مع الابتسام أو محاولة العناق أو المداعبة.يبدو أن ما يطلق عليها اصطلاحا لقب «أمراض العصر الحديث»، كالاكتئاب والتوتر العصبي وغيرها، أبت أن تستثني فئة اجتماعية أو عمرية دون أن تصيبها بنصيب من تركتها الثقيلة. ولم يفلت الرجال والنساء، أو الشباب والشيوخ من براثن تلك الأمراض، التي ما لبثت أن طالت الأطفال أيضا. في الآونة الأخيرة، بدا للجميع أن مرض التوحد في الأطفال «Autism» يلاقي اهتماما متزايدا من معظم الأشخاص.. وخاصة الآباء الذين شغلت أذهانهم بمعرفة المزيد عن هذا المرض، وأسبابه وطرق الوقاية منه أو علاجه وطريقة التعرف عليه من خلال الانتباه لأعراضه المختلفة. وعلى الرغم من حداثة لفظ التوحد، فإن بداية معرفة المرض كانت في الأربعينات من القرن الماضي، وتحديدا في عام 1943، على يد طبيب نفسي نمساوي هو الطبيب ليوكانر Leo Kanner، الذي استخدم لفظ التوحد بمعناه الحالي.. وهو كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني «autos» أو ذاتي، وتعني التمحور حول الذات. * أسباب مجهولة * وفى واقع الأمر يعتبر التوحد أكبر من مجرد حالة من الانطوائية أو الانعزالية، فهو خلل في التطور العصبي للجهاز العصبي المركزي يتميز بفشل في التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين، مع سلوك نمطي متكرر وثابت وصعوبة بالغة في ممارسة النشاطات اللغوية والحسية. وتبدأ المشكلة في الظهور مع الطفل في مراحل مبكرة من حياته، من بداية السنة الأولى وقبل أن يكمل عامه الثالث. والأسباب المؤكدة لمرض التوحد غير معروفة تماما حتى الآن، وإن كانت هناك الكثير من النظريات العلمية التي تحاول تفسير المرض، خاصة بعد أن تزايدت نسبة الإصابة به بشكل كبير. حيث يصاب به طفل من بين كل 175 في سن الدارسة بالولايات المتحدة الأميركية، وتبلغ نسبة الإصابة في الذكور نحو 4 أضعاف الإصابة في الإناث. وهو مرض غير محدد بعرق معين أو حالة اجتماعية معينة. ويشير البعض إلى أن النسب المتزايدة للمرض في الفترة الأخيرة قد تعود لزيادة التشخيص والوعي بمثل هذه الحالات. * نظريات حول التوحد * أهم النظريات التي تفسر مرض التوحد هي نظرية الخلل في عدد من الجينات، الذي ينتج عنه خلل بوظيفة الموصلات الكيميائية في الجهاز العصبي المركزي، مما يتسبب في تكون غير طبيعي للدماغ والأعصاب. وهذه النظرية هي الأكثر رواجا وقبولا، خاصة أن احتمالية الإصابة بالتوحد تكون أكبر في الأسرة التي يوجد بها طفل آخر مصاب بالمرض. وهذه النظرية تقضي تماما على نظرية سوء معاملة الوالدين للطفل أو الفتور في التعامل معه، حيث تسبب هذا الاعتقاد الخاطئ سابقا في إصابة الآباء بالشعور بالذنب تجاه الابن المتوحد. ومن النظريات التي لاقت قبولا في بداية الأمر ثم ما لبث أن ظهر عدم دقتها، نظرية تلازم المرض مع إعطاء بعض اللقاحات الضرورية للأطفال، مثل اللقاح المجمع ضد الحصبة والحصبة الألمانية والغدة النكفية «MMR». وربما يكون سبب هذا الربط غير السليم هو توقيت تلقي اللقاح، حيث يتم إعطاء اللقاح في نهاية العام الأول من حياة الطفل، وهو ذات الوقت الذي يبدأ فيه تقدم القدرات اللغوية للطفل. وعلى الرغم من تعدد الدراسات حول موضوع اللقاح، فإن نسبة الإصابة بالمرض لم تختلف في الأطفال الذين تم تطعيمهم أو الذين لم يتم تطعيمهم، مما يعني براءة اللقاح من التسبب في المرض. والنظرية الأخرى التي لاقت قبولا علميا هي نظرية التعرض للسموم بالمعادن الثقيلة، مثل الرصاص أو الزئبق. حيث إنه من الثابت علميا أثر هذه السموم على الدماغ، وخاصة في مراحل النمو.. غير أنه لم يتم التأكد من نتائج الأبحاث الخاصة بهذا الشأن، حيث لا توجد دراسة مسحية كافية تؤكد أو تنفي تعرض هؤلاء الأطفال إلى التسمم. بل إن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى عدم وجود اختلافات في نسب وجود المعادن الثقيلة بالدم بين الأطفال الطبيعيين والمتوحدين. وهناك نظريات أقل شيوعا لأسباب التوحد، مثل ارتباطه بأنواع معينة من الغذاء، وخاصة المشتقة من اللبن أو القمح، والغنية بمادة الغلوتين Gluten البروتينية. وكذلك تعرض الأم لعوامل ضارة (مثل الإشعاع) في بداية شهور الحمل الأولى، أو الإصابة ببعض الأمراض المعدية التي تسبب تشوها خلقيا للجنين. * علامات التوحد * وللتعرف على طفل التوحد، توجد العديد من الأعراض والسلوكيات المميزة للطفل المتوحد، ومنها: - خلل في التواصل الاجتماعي مع من حوله. - عدم التجاوب العاطفي مع الابتسام أو محاولة العناق أو المداعبة. - تأخر تطور الكلام وعدم النطق بالشكل السليم وصعوبة في التعبير عن النفس. - التصرفات النمطية المكررة، كهز الرأس أو اليدين باستمرار. - عدم الرغبة في التغيير، كأن يلعب الطفل بلعبة واحدة دون غيرها وبنفس الطريقة والنمطية. مع إبدائه لمقاومة عند محاولة تغييرها، مما يجعله عدوانيا ضد محاولة تغيير أي شيء اعتاده مهما كان بسيطا، مثل تغيير طبق الأكل. وتختلف الأعراض من طفل لآخر، ولكن الثابت عند معظم الحالات هو الفشل في التواصل والتفاعل مع الآخرين. فالطفل التوحدي نادرا ما يلعب مع آخرين، ويميل إلى العزلة، ولا يسعى إلى تجربة الألعاب التي تثير الخيال. وكذلك لا يبدو عليه التأثر العاطفي سواء بالفرح أو الحزن، فقد يضحك أو يبكي دون سبب. ولا يظهر الاهتمام بشخص بحد ذاته، أو يلبي النداء الصوتي عليه، كما أنه لا يخاف من المخاطر. وليس تشخيص حالة التوحد سهلا بالمرة، فكل ما سبق مجرد مؤشرات يجب أن يلفت نظر الآباء، خاصة في المراحل الأولى من عمر الطفل، لأن مجرد وجود عرض واحد من هذه الأعراض قد لا يعني بالضرورة أن الطفل متوحد. فقد يحدث تأخر الكلام في طفل طبيعي تماما. وفي بعض أطياف مرض التوحد، قد يملك الطفل قدرة لغوية غير معتادة، مثل الأطفال الذين تم تشخيصهم بمتلازمة أسبرجر «Asperger Syndrome»، نسبة للطبيب النمساوي هانز أسبرجر، والذي يتمتع الأطفال المصابون به بقدرات عقلية تقارب تلك الطبيعية. * علاج طفل التوحد * يحتاج علاج الطفل المتوحد إلى فريق عمل طبي، ما بين طبيب أطفال متخصص في النمو وطبيب نفسي وطبيب تخاطب واختصاصي اجتماعي. ويرتكز العلاج بالأساس على اتباع تدريبات خاصة وبرنامج عمل دقيق، نشجع من خلاله الطفل على التواصل مع الآخرين عن طريق تحسين اللغة أو الإشارة ومحاولة تغيير السلوك، إلى جانب كسر النمطية والتكرار تدريجيا ووفق قواعد معينة، فالتغيير المفاجئ يصيب أطفال التوحد بالارتباك. ويفضل أن يتم كل ذلك من خلال تعاون بين الفريق الطبي والأسرة والمدرسة. أما العلاج الدوائي فيهدف بالأساس لتخفيف حدة الأعراض، ويعتقد أن تناول فيتامين بي 6 B6، الذي يساعد على تكوين الموصلات العصبية، قد يفيد أطفال التوحد. كما يشمل العلاج أيضا العقاقير المثبطة لإعادة السيروتونين في الدم «Serotonin Re - uptake Inhibitor»، حيث وجد أن نسبة السيروتونين تكون مرتفعة في الدم لدى بعض أطفال التوحد، وإن كانت نتائج هذه العقاقير غير مؤكدة. وهناك العلاج بالعقاقير المهدئة والمضادة للتشنجات «Anti - Convulsants»، والتي يعيبها كثرة آثارها الجانبية على الجهاز العصبي عند استخدامها على المدى الطويل، ولم يثبت فاعليتها. ويبقى في النهاية العلاج الأهم لطفل التوحد، وهو التفهم لطبيعة اختلافه عن الآخرين، مع محاولة دمجه في المجتمع وعدم عزله عن الأطفال الطبيعيين، وذلك لضرورة وجوده في وسط طبيعي يكون له بمثابة النموذج الذي يحتذي به في مجالات كاللغة والسلوك الاجتماعي. * اختصاصي طب الأطفال. القاهرة: د. هاني رمزي عوض*

Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

Trending Articles