نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لكل من إيما بيلز ونك هوبكينز، أكدا فيه أن مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية تفشل دائما في الوصول إلى الأغلبية العظمى من السوريين المحاصرين، الذين يصل عددهم إلى 590200 سوري يعيشون في المناطق المحاصرة، بالإضافة إلى أنه تمت مصادرة 50 طنا من المساعدات من الأدوية والأجهزة الطبية في الأشهر الثمانية الماضية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21&8243;، إلى أنه في بعض الأشهر هذا العام وصلت الشحنات إلى حوالي 204 آلاف شخص في البلدات والمناطق الأكثر تضررا، مستدركا بأنه في المناطق الأخرى لم يزد هذا الرقم على 20 ألفا، بحسب ما كشفته صحيفة "الغارديان".
ويقول الكاتبان إن "نقص المساعدات الإنسانية في المناطق المحاصرة كان عاملا مهما في إخلاء ثاني ضاحية من ضواحي دمشق، وهو ما يثير السؤال عما إذا كانت الأمم المتحدة قادرة على توفير المساعدات لمدينة حلب خلال وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية روسية، والذي بدأ مساء الاثنين، وكان من المزمع أن تبدأ عملية إيصال شحنات المساعدات إلى المناطق المحاصرة، التي يصعب الوصول إليها، خاصة المناطق التي يسيطر عليها الثوار شرق حلب، عندما يبدأ وقف إطلاق النار، لكن وكالات الأمم المتحدة أكدت أن قوات الحكومة السورية قامت بمصادرة الإمدادات الطبية من تلك القوافل، التي سمح لها بالمرور في الأشهر الأخيرة".
وتورد الصحيفة نقلا عن منظمة الصحة العالمية، قولها إن "الحكومة السورية رفضت تماما إدخال 49.5 طنا من الإمدادات الطبية"، وتضمنت قائمة الأدوية التي منع دخولها:
• المضادات الحيوية ومضادات البكتيريا.
• لوازم للقابلات ولوازم لعلاج الحروق.
• فيتامينات وأدوية مضادة للحساسية ومضادة للصرع ومسكنات.
• أدوية للأمراض النفسية.
كما قام النظام السوري بمصادرة لوازم علاج الحروق من 18 قافلة مساعدة.
وعلمت "الغارديان" أن قوات النظام قامت خلال عملية نقل شحنة لضاحية الوعر في مدينة حمص بمصادرة 5.3 طن من المساعدات الطبية، وسمحت فقط لـ 440 كغم بالدخول، حيث تقول الأمم المتحدة إن نظام بشار الأسد يوافق على 60% من طلباتها لإدخالها إلى المناطق المحاصرة والمناطق صعبة الوصول.
ويستدرك التقرير بأن "الموافقة لا تعني ضمانا للسماح بإدخال الشحنات: فعلى الأمم المتحدة أن تتجاوز مصاعب إضافية، وقد أكدت أن قوافل المساعدة تصل (بمعدل 33% من الناس الذين طلب الوصول إليهم)، ما أدى إلى اتهام الحكومة السورية باستخدام التجويع والحرمان من المستلزمات الطبية تكتيكا حربيا".
ويلفت الكاتبان إلى أن نقص المستلزمات الطبية كان أحد أهم العوامل في صفقة إخلاء ضاحية داريا في آب/ أغسطس، التي كانت محاصرة منذ عام 2012، مشيرين إلى أن الحكومة السورية قامت بتوجيه رسالة قوية اللهجة لمنسق المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة؛ بسبب انتقاد المنظمة لعملية إخلاء داريا، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السورية "سانا".
وتذكر الصحيفة أن "شحنة مساعدات وصلت داريا على جزأين خلال السنوات الأربع الماضية، وكان استهداف آخر عيادة بغارة جوية قبيل التوصل إلى صفقة هي القشة التي قصمت ظهر الجمل، بالإضافة إلى أن ضاحية المعضمية المجاورة، التي بدأ إخلاؤها يوم الاثنين، بحسب التقارير، كانت محرومة بشكل مستمر من إدخال المساعدات".
وينقل التقرير عن أحد سكان تلك الضاحية، قوله إن مسؤولا من الأمم المتحدة أوضح لهم بأن على المجتمع المحلي "إصلاح علاقتهم مع الحكومة" قبل أن يتم إرسال قافلة مساعدات لهم، مشيرا إلى أن صعوبة إيصال المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق المحاصرة تشتد في حلب، حيث تحضر وكالات الأمم المتحدة لاستغلال وقف إطلاق النار للقيام بذلك.
ويبين الكاتبان أن الاتفاقية شملت خططا مؤقتة للتخفيف من الضغط على المدينة، التي تم شن الغارات ضدها خلال عطلة نهاية الأسبوع، لافتين إلى أن تفاصيل الخطة المقترحة لعملية إغاثة حلب، التي تم تسريبها لـ"الغارديان"، بينت مدى الصعوبات التي تواجه وكالاتها، بالإضافة إلى مخاوف الذين يعتقدون بأن الأمم المتحدة بحاجة لأن تفرض المزيد من الضغوط على الأسد.
وبحسب الصحيفة، فإن "الخطط التي تعود إلى شهر آب/ أغسطس، تظهر أن ما تفضله الحكومة السورية هو نقل الحالات التي تحتاج إلى العلاج من مناطق حلب الشرقية، التي يسيطر عليها الثوار، إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة غرب المدينة، بدلا من إرسالها إلى منطقة محايدة، ما أثار حفيظة الأطباء في مناطق الثوار، بالإضافة إلى أن الوثيقة تصنف سكان مناطق حلب الشرقية إلى ثلاث مجموعات: لا علاقة لهم بالمجموعات المسلحة المعارضة، (وهم من تخلي المخابرات السورية ساحتهم)، وهؤلاء ليست لديهم مشكلة مع حكومة النظام السوري، والمجموعة الثانية هم ذوو علاقة بالمجموعات المسلحة المعارضة (مثل انتماء عضو من العائلة مثلا)، وأعضاء في المجموعات المسلحة المعارضة".
وينوه التقرير إلى أن هذه التصنيفات أقلقت البعض في المجتمع الإغاثي، الذين يقولون إنها تتعارض مع المعايير الإنسانية، خاصة أن هذا التقسيم سيعد السكان، وبينهم النساء والأطفال، مرتبطين بالمجموعات المسلحة المعارضة، ما لم تخل المخابرات السورية ساحتهم.
ويورد الكاتبان نقلا عن منتقدي الخطة، قولهم إنها لا توفر أيا من الضمانات المعتادة للمدنيين، وعاملي الإغاثة، والأطباء الذين يعملون في النصف المحاصر من المدينة، مستدركين بأنه مع أنه تمت إزالة هذا النص في نسخ لاحقة من الخطة، إلا أن النص غذى فقدان الثقة في الأمم المتحدة وما توليه من الاحترام لرأي الحكومة السورية في المواطنين، الذين يعيشون في مناطق خارجة عن سيطرة النظام.
ويقول أحد العاملين الطبيين: "لن يقبل إخلاء حالات إلى غرب حلب، فإن كان هناك عبور للحدود فلماذا ليس لتركيا؟ لماذا لا نستطيع إرسالهم إلى أماكن يشعرون فيها بأنهم آمنون، أو بجانبهم عائلاتهم وأصدقاؤهم؟ هذا كان هو الطلب من العاملين معنا في حلب، وعلى الأمم المتحدة أن تفعل شيئا؛ فما هو دورهم إن هم وافقوا على مقترحات النظام كلها، ولم يأخذوا اقتراحاتنا بجدية؟".
وبحسب الصحيفة، فإنه يتوقع استخدام شارع الكاستيلو والراموسة مدخلين لمواد الإغاثة، مستدركة بأنه ليس من الواضح إن كانت السيطرة على تلك المعابر الإغاثية ستكون في يد الحكومة السورية والقوات الروسية، أم أنه ستكون هناك مناطق محايدة.
ويفيد التقرير بأن أكثر من 70 منظمة غير حكومية أعلنت الأسبوع الماضي عن انسحابها من برنامج التعاون المعلوماتي مع الأمم المتحدة؛ لاعتقادها بأن لحكومة النظام السوري أثرا كبيرا في جهود الأمم المتحدة الإغاثية، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، مشيرا إلى أن المنظمات غير الحكومية تعد شريكا ضروريا للأمم المتحدة لإيصال المواد الإغاثية لمدينة حلب المحاصرة، في الوقت الذي تسعى فيه إلى إيصال المساعدات خلال فترة وقف إطلاق النار، الذي قد لا يستمر طويلا.
ويذكر الكاتبان أن الأمم المتحدة تصر على بقائها محايدة، وأن عليها العمل مع الفاعلين كلهم في سوريا في أكثر العمليات الإغاثية التي اضطلعت بها تكلفة وتعقيدا، مستدركين بأن المنظمة اعترفت بأن الحكومة السورية تفرض قيودا على توصيل المواد الإغاثية.
وتنقل الصحيفة عن متحدث باسم منظمة الصحة العالمية، قوله: "لا تزال قوات أمن الحكومة تصادر أو تمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية التي يحتاجها المرضى بشكل ملح في أنحاء البلاد، فمثلا فإنه خلال الفترة من نيسان/ أبريل وحتى تموز/ يوليو، قامت القوات الأمنية بمصادرة مستلزمات طبية من 17 قافلة مساعدات من أصل 24 كانت تقصد حلب وحمص وريف دمشق"، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية قالت أنها شاركت في 49 قافلة مساعدات، في الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير وآب/ أغسطس، وقد تمت مصادرة مستلزمات الحروق من 18 منها.
وبحسب التقرير، فإن برنامج الغذاء العالمي أشار إلى أنه دعا إلى "توفير العبور إلى المناطق المحاصرة للتمكن من إيصال المساعدات الضرورية"، لعدد يقدر بحوالي 9.4 مليون شخص يحتاجون الغذاء، ويقول متحدث باسم البرنامج: "للأسف، فإن أطراف النزاع، وبالذات الحكومة السورية، فشلت عادة في التجاوب إيجابيا مع تلك الطلبات لتوفير طرق الوصول، وهذا انتهاك لمسؤولياتها تحت القانون الإنساني الدولي".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول دبلوماسي غربي كبير طلب عدم ذكر اسمه إن "النظام السوري، وليست الأمم المتحدة، هو الذي جعل الحفاظ على المبادئ الإنسانية مستحيلا، وعملت الأمم المتحدة على مدى الأعوام الخمسة الماضية بجد، وفي ظروف سياسية صعبة جدا، وكان عليها أن تقيم توازنا صعبا، لكنها أوصلت المساعدات إلى ملايين الناس في مناطق النظام ومناطق الثوار عبر خطوط النار وعبر الحدود".
باسل درويش: عربي 21
↧