يصل بعض اللاجئين صغار السن إلى ألمانيا دون أبائهم. ولكن حصولهم على سكن ودعم من الدولة يعتمد على بلوغهم سن الرشد القانوني من عدمه. لكن عدم دقة اختبارات تحديد السن في ظل غياب الوثائق تثير انتقادات. يستفيد الأطفال اللاجئون في ألمانيا من ميزات أكبر من تلك التي يحصل عليها من يبلغون الثامنة عشرة من العمر. ولكن العديد من الوافدين الجدد ممن هم في أواخر سنوات المراهقة لا يملكون أي وثائق تثبت سنهم، خصوصا من اليافعين الذين هاجروا بدون أبائهم. ولهذا ، تمكن الفحوص الطبية من تحديد ما إذا كان هؤلاء اللاجئين أطفالا أو أشخاصا بالغين قانونيا. ولكن الأطباء والمؤسسات الداعمة تنتقد بشدة تلك الفحوص.
لسنوات عديدة تم استخدام فحوص تحديد السن في كل من برلين وهامبورغ بألمانيا، فالأطباء يحددون سن الأشخاص عبر معاينة حالتهم الفيزيائية، كما يجري ذلك بفحص الأشعة السينية للأسنان، فضلا عن فحص عظام اليد أو الترقوة. بدأت تنتشر هذه الاختبارات الطبية منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لتعم جميع مناطق ألمانيا.
يؤخذ صغار صغار ممن هم دون سن الثامنة عشرة إلى مؤسسات رعاية الشباب لحمايتهم، كما يتم توفير الدعم المادي والعملي لهم، ثم يلتحقون بالمدارس و يكتسبون حق دعوة أبائهم إلى ألمانيا، لذلك فحياتهم تعتمد كثيرا على نتائج الاختبار الطبي لتحديد السن.
شكوك حول دقة الاختبارات الطبية
خلال العام الماضي أجري في هامبورغ نحو 1000 فحص طبي لتحديد السن من قبل طبيبين في مستشفى ابيندورف الجامعي، أما هذا العام فقد انخفض هذا العدد بسبب انتقال العديد من اللاجئين إلى دول أخرى قبل تقييم أعمارهم، يستغرق كل فحص طبي نحو ساعتين والنتيجة يعلن عنها في نفس اليوم غالبا.
كلاوس ديتر مولر المدير التنفيذي للقسم المسؤول عن النظام في المدينة، يقول إنه لا توجد طريقة يمكن بها إثبات عمر الشخص اليوم. فحين يقرر الأطباء أن لاجئا ما يتراوح عمره بين 17 و 18، فقد يستفيد اللاجئ من هذا الشك، ليكون رسميا بعمر 17 سنة.
ويضيف كلاوس بالقول"إ ن هذه الاختبارات هي تطوعية، قد يطلبها اللاجئون أنفسهم لاثباث سنهم أو قد تكون بطلب من السلطات". الاختبارات تبقى مجرد جزء من عملية تقييم العمر التي يخضع لها اللاجئ، حيث يتم من خلالها إجراء مقابلات مع كل لاجئ يتابعه فيها متعلمون متخصصون.
ولكن لبعض الأطباء والداعمين للاجئين الشباب رأي آخر، إذ يرى هؤلاء بأن هامش الخطأ في هذه الاختبارات كبير جدا. وقد وجهت منظمة الأطباء الألمان انتقادات قوية لهذا النوع من الفحوصات الطبية، و صرح رئيس المنظمة الأستاذ الدكتور فرانك أولريخ مونتغمري العام الماضي قائلا: "أولا، فمن المستحيل علميا تحديد عمر الشخص بهذه الدقة العلمية، وقانونيا لا يمكن الإثبات طبيا وبشكل قاطع أنّ شخصا ما هو أقل أو فوق 18 سنة من العمر. ثانيا، يُعتبر هذا الاختبار انتهاكا للحق في السلامة الجسدية بسبب استخدام الأشعة السينية في الفحص. لكون اللاجئين أشخاصا لم يرتكبوا أية جرائم، ولهذا السبب رفض الأطباء في العديد من المؤتمرات إجراء اختبارات السن بواسطة الأشعة السينية ".
قال متحدث عن منظمة الأطباء الألمان لـDWبان المنظمة أخذت المسألة بعين الاعتبار مرة أخرى، ومن المرجح أن تعلق على الموضوع في وقت لاحق من هذا الشهر، كما أن منظمات اللاجئين هي أيضا قلقة تجاه استخدام هذا النوع من الاختبارات الطبية. هايكو هابي هو محام ومستشار لدى 'فلوخت بونكنت' وهي مجموعة تساعد اللاجئين الصغار في هامبورغ، ويعلق على الموضوع قائلا: "وفقا لرأي الخبراء، فعملية التقييم الطبي والبصري في سن الشاب هي مجرد تخمينات".
ويستطرد هايكو هابي قائلا "هناك الكثير من الأمور على المحك بسبب هذه الاختبارات: فالتمكن من الاستفادة من دورات اللغة وبرامج دعم الشباب، والمؤهلات التعليمية، ودعوة اللاجئين لآبائهم للالتحاق بهم إلى ألمانيا لن يعود ممكنا إذا ما بلغوا الثامنة عشرة، تحديد السن طبيا هو عملية مشكوك فيها، تُلائم السلطات التي ترغب في توفير الشعور بالأمن للمحاكم والإدارات."
إجراء أفضل؟
يقول الدكتور هابي بان مجموعة 'فلوخت بونكنت' تفضّل إجراء يمتد لأمد طويل، وذلك لتمكين اللاجئين صغار السن من الاستقرار وإخضاعهم للملاحظة على مدى فترة من الزمن، إذ أن هذا من شأنه توفير تقييم أفضل لاحتياجاتهم.
انخفض عدد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا بشكل حاد هذا العام، ولكن نسبة الأطفال غير المصحوبين بينهم آخذة في الارتفاع. إذ وصل إلى ألمانيا 25,675 طفلا ومراهقا غير مصحوب بذويه إلى ألمانيا خلال الفترة الممتدة بين يناير/ كانون الثاني وحتى نهاية يوليو/تموز من هذا العام، وذلك وفقا لمصلحة الهجرة واللاجئين الألمانية، وذلك مقارنة ب 17.909 لاجئين غير مصحوبين بذويهم عام 2015.
تشير تقديرات اليونسكو، وصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة، إلى أنّ 28 مليون طفلا ويافعا يفرون الآن من ويلات الحرب وغيرها من الأخطار في جميع أنحاء العالم. 11 مليون منهم غادروا بلادهم ويطلبون اللجوء في مكان آخر، وتقول اليونسكو إنّ أعداد اللاجئين الشباب الذين سافروا بمفردهم قد تضاعفت ثلاث مرات منذ 2014.
المصدر: دويتشه فيله
↧