تنبأ محللون اقتصاديون بمستقبل مالي مظلم لـ"روسيا"، عطفا على النزيف الكبير في حجم الاحتياطي النقدي، وبنسبة تناهز 65% عما كان عليه قبل سنتين فقط، حيث وصل هذا الاحتياطي إلى نحو 30 مليار دولار خلال أيلول/سبتمبر 2016، مقابل 88 مليار دولار في نفس الشهر من عام 2014.
وجاء هذا النزيف الحاد على وقع ركود يعيشه الاقتصاد الروسي منذ عامين، عطفا على تراجع أسعار النفط، وعلى تورط روسيا بنزاعات مختلفة (أبرزها سوريا)، فضلا عن تأثير حزمة العقوبات الغربية.
وكشف نائب وزير المالية الروسية "ألكسي لافروف" عن جزء من الكارثة، حين قال: "صندوق الاحتياطي، على ما أذكر، سوف يستنزف خلال العام المقبل 2017"
وهو نفس ما يراه كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي "أوندريج شنايدر"، حيث يقول: "في وقت لاحق، ربما يكون في بضعة أشهر من الآن، ووفقا للمعدل الحالي، سينفد ما في الصندوق بالكامل بحلول منتصف عام 2017".
روسيا استخدمت مدخرات من صندوق احتياطيها 3 مرات حتى الآن هذا العام، من أجل تغطية العجوزات في ميزانياتها وكان آخر استخدام خلال الشهر الماضي، عندما تم بيع المليارات في احتياطيات روسيا من اليورو والدولار والجنيه الإسترليني لتغطية فجوة تقدر بنحو 400 مليار روبل (قرابة 6 مليار دولار).
وتقول التقديرات إن الاحتياطي المالي الروسي سيصل بنهاية العام الجاري إلى حدود 14 مليار دولار، قياسا إلى حجم الاستنزاف الراهن، وقياسا إلى تدني أسعار النفط عن المعدلات التي تضمن لروسيا حد مقبولا من العجز في موازنتها.
وقدرت روسيا (أكبر منتج للنفط في العالم) سعر البرميل الواحد في ميزانيتها بـ50 دولارا، فيما هو اليوم لايكاد يتجاوز 43 دولارا، وهو ما يعني عجزا حتميا، يزيد من وطأته مشاكل اقتصادية وسياسية مزمنة، تتعلق بانتشار الفساد والعجز عن تقليل الاعتماد على النفط والغاز إلى حد ينأى بالموزانة عن تذبذب أسعارهما، علاوة الحكم التسلطي الذي يعطي للرئيس صلاحيات واسعة وشبه مطلقة، تجعله قصيراً.
ويشكل النفط ما يقارب 37 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية.
ونوه "لورين غودريتش" المحلل في "ستراتفور أوراسيا" إلى أن روسيا تواجه يوما بعد يوم معضلة الاعتماد على الاحتياطي في سد عجزها؛ لأن هذا الاحتياطي وصل إلى مرحلة من قلة السيولة، تجعل من المتعذر المخاطرة بسحب المزيد منه.
↧