جزم رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، بحرمة اختطاف المخالفين في الفكر، وذلك في سياق تعليقه على خبر "اختطاف علمانيين" في سورية، مشددا على أن "ثمة فرقا بين الموقف الفكري من هذه التيارات، وبين سَلْب الحقوق، فلا ملازمة بين الأمرين"، مطالبا بإطلاق سراحهم.
وقال القرضاوي، في بيان نشره بموقعه الإلكتروني، اليوم الخميس، إنه "قد نما إلى علمي أن جماعة من العلمانيين قد اختُطفوا في غوطة دمشق من أرض سورية الحبيبة (..) وأن ثمة اتهامات لفصيل إسلامي معين بالمسؤولية عن خَطْفهم، لكونهم علمانيين"، قبل أن يوجه كلامه للمختطفين، "إن كانوا ممن ينتسبون إلى الإسلاميين"، بالتشديد على أن "الشرع يُحرم عليهم خطف أحدٍ لمجرد الاختلاف في الدين أو العرق أو الفكر، ومن ثم فيَحرم اختطاف العلمانيين، وسائر الأقليات التي تعيش في أرض الشام، لمجرد أنهم مختلفون عنهم".
وأوضح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن "طوائف الأقليات عاشت في بلاد الشام طيلة القرون الماضية، ولم يتعرض لها المسلمون بأذى، وقد أقرّ فقهاؤنا الكبار ما فعله ولاة الأمور تاريخيًّا من التعامل معهم، وقد كان الولاة حينها في قوة ومَنَعة، ولو أرادوا تنفيذ أي حكم فيهم لم يَحُل بينهم وبين ذلك مانع؛ مما يدل على أن الشرع حفظ حقهم في الحياة".
وذكر أن "الحكم بتكفير الأفراد ليس إلى آحاد الناس، وإنما هو متروكٌ إلى فئتين: فئة العلماء، وفئة القضاة، الذين يُرتبون على الحكم بالإسلام والكفر العديد من الأحكام الشرعية"، مشيراً إلى أن "ثمة فرقا بين الموقف الفكري من هذه التيارات، وبين سَلْب الحقوق، فلا ملازمة بين الأمرين"، مضيفا أنه تحدث، في أكثر من مناسبة، عن "القبول بمبدأ المواطنة اليوم، وأن الجميع متساوون في المواطنة في الواجبات والحقوق، وأن أحكامنا ومواقفنا الاعتقادية لا تستلزم سَلْب الحقوق أو إباحة الدماء والأموال، وإن الناس في سورية إنما خرجوا لأجل الظلم وطلبًا للعدل والحرية".
وكتب القرضاوي أن "الحرية قبل الشريعة، فكيف يجوز لطالبٍ للعدل وثائرٍ على الظلم والطغيان أن يتشبه بالطغاة، أو أن يقع في الظلم، ولهذا أدعو كل من اختطف أحدًا من الطوائف أو المذاهب الفكرية، كالعلمانية وغيرها، أن يُفرج عنه ويُخلي سبيله ويطلق سراحه؛ فإن جِمَاع السيئات في الظلم والجهل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وهو يُحِق الحق بكلماته".
وزاد أنه "ظهرت في الإسلام مقالاتٌ كثيرةٌ، منها ما يراه البعض مقولات كفريةً، وقد انتقدها علماء أهل السنة، وأظهروا عوارها؛ ومع ذلك لم يتعرض المسلمون لأصحاب تلك المقالات والاختلافات – وهي كثيرة ومتشعبة ومتطورة – واستمر أصحابها، وتحولت هذه المقالات إلى مذاهب كلامية متعددة، واستمر أتباعها عبر التاريخ، وظلت السنةُ المتبعة هي مناقشة تلك المقالات وأصحابها والرد على شبهاتهم وتُرّهاتهم، وعلى هذا مضت سنة الأولين".
المصدر: العربي الجديد - الدوحة ــ العربي الجديد
↧