والموصل التي تقع شمالي العراق وتعد ثاني أكبر مدنه بعد العاصمة بغداد، هي المعقل الأخير لـ"داعش"، بعد تحرير عدة مدن رئيسية لاسيما غربي البلاد. وقبل أيام استهدف هجوم بـ"عدد قليل من الصواريخ" تحمل أسلحة كيماوية، قاعدة أميركية في القيارة (نحو 60 كيلومترا جنوبي الموصل)، ورغم أن الصواريخ لم تصب هدفها بدقة فإن الهجوم كان الأول من نوعه على قوات أميركية منذ الحرب العالمية الأولى. وأجريت اختبارات على "مادة زيتية سوداء تشبه القطران" كان يحملها أحد الصواريخ، أظهرت أدلة على وجود غاز الخردل في الهجوم على القاعدة، التي تضم مئات من المستشارين العسكريين الأميركيين. وغاز الخردل مركب كيميائي سائل يصدر بخارا خطيرا، ويسبب تقرحات للجلد عند التعرض له، وكان وراء مقتل 6 آلاف جندي بريطاني وإصابة عشرات الآلاف في الحرب العالمية الأولى، كما استخدمه الجيش العراقي إلى جانب غاز الأعصاب في هجومه على حلبجة عام 1988، الذي أدى إلى مقتل 5 آلاف شخص. ولا يزال نحو مليون مدني متواجدين في الموصل، وهو ما يثير مخاوف إضافية من احتمال استخدام أسلحة كيماوية من جانب "داعش"، مع اقتراب عملية تحريرها المتوقعة في أكتوبر المقبل. ورغم أن الأميركيين قللوا من أهمية القدرات الكيماوية لـ"داعش"، وهو ما جاء على لسان المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن العقيد جون دوريان، فإن المخاوف من تحويل معركة الموصل إلى "حرب كيماوية" لا تزال قائمة. وقال دوريان إن "التنظيم استخدم أسلحة كيماوية (في الهجوم على القاعدة) ويملك قدرات بدائية. لدينا تقارير تشير إلى استخدامه عدة مرات في العراق وسوريا". ولدى سؤاله عن إمكانية استخدام "داعش" غاز الخردل سلاحا لصد عملية تحرير الموصل المرتقبة، أجاب: "هناك إمكانية لذلك. أجرينا تدريبات للجنود العراقيين لتجهيزهم (في حال استخدم الغاز)". وحسب خبير الحروب الكيماوية البريطاني هاميش دي بريتون غوردون، فإن العراق تسلم 17 ألف قناع واق ضد الأسلحة الكيماوية، علما أنه يعد نحو 30 ألف جندي للهجوم على الموصل. وقال دي بريتون غوردون في تصريحات نقلتها صحيفة "تايمز" البريطانية، إن "التحالف كان يراقب برنامج داعش الكيماوي خلال الـ 18 شهرا الماضية. نحن نعلم أنه سوف يستخدم كل ما يمتلك للدفاع عن الموصل. كان يخزن كميات من الأسلحة الكيماوية منذ فترة". وأضاف القائد السابق للقوات البريطانية للدفاع ضد الهجمات الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، أن "داعش" استخدم غازي الكلور والخردل نحو 20 مرة، مما أدى إلى مقتل نحو 15 شخصا وإصابة المئات، ويعتقد أن التنظيم يخزن نحو 150 طنا من الأسلحة الكيماوية "الردئية". وتابع: "حتى اليوم، استخدم التنظيم نحو 100 كيلوغرام من أسلحته الكيماوية في عدد من قذائف الهاون يتراوح بين 20 و30، وهذا كاف لإخافة أعدائه. داعش سوف يستخدم كل أسلحته بما فيها الكيماوية في حرب الموصل". وأشار الخبير إلى تقارير استخباراتية ترجح أن "داعش" قد يكون لديه كميات من غاز الأعصاب، استولى عليها من مستودعات الحكومة السورية. ويرى المحقق السابق في الأسلحة الكيماوية بالأمم المتحدة تيم تريفان، أن "داعش" نجح في تأخير معركة الموصل باستخدام غاز الخردل بشكل موسع. إلا أن تريفان أضاف: "لا أعتقد أن موعد الهجوم لتحرير الموصل سيتغير مجددا".