أكدت "المؤسسة العامة السورية للتأمين" أنها لم تعد تستطيع بأي شكل من الأشكال تحمل أعباء مطالبات التأمين الصحي، حيث أن المطالبات الخاصة بهذا النوع من التأمين باتت ترهقها وتهددها بالخسارة، علماً أنها تسعى جاهدة لتوسيع محفظتها التأمينية من مواضيع تأمينية أخرى بغية تحقيق وفر اقتصادي قادر على مجابهة أعباء التأمين الصحي المتزايدة، وبالتالي لابد من رفع القسط التأميني اليوم تماشياً مع التكاليف المدفوعة. مشيرة في مذكرة رفعتها إلى وزير المالية إلى أنها تحملت تكاليف الزيادة في أسعار الخدمات الطبية السابقة لغاية تاريخه من إيراداتها الخاصة.
وقارنت المؤسسة في مذكرتها ميزان التأمين الصحي بين العامين 2014 -2015، مبينة أن البدلات المقبوضة عام 2014 بلغت 4.334.561.032 ليرة، والتعويضات المدفوعة خلال هذا العام بلغت 4.184.735.065 ليرة، محققة فائض بمقدار 149.825.967ليرة.
في حين أن البدلات المقبوضة عام 2015 بلغت 4.519.220.661 ليرة، والتعويضات المدفوعة بلغت 7.235.896.542 ليرة، محققة عجز وصل إلى 2.716.675.881 ليرة.
واعتبرت المؤسسة أن هذا الارتفاع في تعويضات عام 2015 يعود إلى تبني المؤسسة سياسة الدفع لمزود الخدمة خلال شهر من تقديمها قياساً بتسعة أشهر عام 2014 بالإضافة إلى الارتفاع الكبير والمفاجئ لأسعار الخدمات الطبية. مبينة أن هناك زيادة واضحة ومضطردة بتكلفة المؤمن وعدم كفاية القسط التأميني البالغ 8000 ليرة، مع العلم أنه لم يتم إضافة الأتعاب الإدارية إلى التكلفة، بل اقتصرت الأرقام على تكلفة الاستفادة من الخدمة التأمينية، بالإضافة إلى أنه لم يتم احتساب تكلفة ارتفاع أسعار المحتمل اليوم نتيجة ارتفاع أسعار الصرف الأخير، والتكلفة المؤكدة لإعادة النظر بالقرار 79/ت الخاصة بالتعرفة الطبية وفق ما تقتضيه الظروف الحالية.
وعليه طالبت المؤسسة برفع القسط التأميني تماشياً مع التكاليف المدفوعة، ومع بنود العقد الموقع مع الجهات المؤمن لها لاسيما المادة الأولى منه فقرة (أ) التي تنص: "إن أي زيادة في التعرفات الصادرة عن وزارة الصحة قد يترتب عليها زيادة في القسط التأميني بالاتفاق مع المتعاقد". مشيرة إلى أنه في حال تطبيق شروط العقد، فمن المفترض أن يكون القسط التأميني حسب ميزان التأمين بحدود 19200 ليرة.
وصنفت المؤسسة المشكلات والمعوقات الملحة التي تعترض مشروع التأمين الصحي، بثلاث مشاكل أساسية باتت بحاجة لحل سريع، أولها مشكلة مزودي الخدمة والتعرفة الطبية، معتبرة أن هناك حيادية واضحة لدى وزارة الصحة بخصوص الوضع السوقي للتعرفة الطبية في القطاع الصحي، حيث أصبحت قرارات وزارة الصحة المتعلقة بالتعرفة الطبية بالمشافي والمخابر والأشعة وتفتيت الحصى والمعاينات الطبية غير مطبقة على أرض الواقع، وأصبحت الهوة واسعة بين الأسعار المطبقة بالسوق والأسعار المقرة من الوزارة دون أية رقابة تذكر على الأسعار الموضوعة من قبل الوزارة، ما أدى لوجود مشكلة لدى المؤسسة التي تطبق تعرفة وزارة الصحة في عقودها مع مزودي الخدمة بعدم رغبة مزودي الخدمة التعاقد مع المؤسسة، نظراً لعدم تناسب التعرفة المطبقة مع الأسعار السوقية وتعرفة وزارة الصحة أو أن يحمل المؤمن له الفرق، ما أدى لوجود حالة من التذمر لدى المؤمن لهم، بالإضافة إلى سوء استقبال مزودي الخدمة لمرضى التأمين الصحي.
وتتعلق المشكلة الثانية –حسب المذكرة- بالمؤمن له من حيث التغطيات الخاصة ببوليصة التأمين الصحي في القطاع الإداري، وهنا توضح المؤسسة أن انعكاس الأزمة الحالية التي تمر بها سورية على أسعار الخدمات الطبية بسب تتراوح ما بين 25 إلى 155% حسب الخدمة، وأن هذه الزيادات أدت لعدم كفاية حدود التغطية التأمينية لحاجات المؤمن له، مبينة أن سقف الإجراءات خارج المشفى 50000 ليرة سورية للمؤمن سنوياً، وتشمل زيارة الطبيب والأدوية والأشعة والمخابر، التي لم تعد كافية حيث أن متوسط سعر الوصفة المزمنة اليوم حوالي 6000 ليرة، وسنوياً 27000 ليرة، وهي تفوق سقف التغطية المحدد ببوليصة التأمين والبالغ 50000 ليرة، هذا بالنسبة للأدوية فقط، دون أن يؤخذ بعين الاعتبار باقي الإجراءات خارج المشفى. وأشارت المؤسسة إلى أنها رفعت في عام 2013 حدود التغطية من 25000 إلى 50000 ليرة، وألغت نسبة 10% (تحمل على المريض عند زيارة الطبيب) دون تحميل المؤمن له أي عبء إضافي.
وأكدت المؤسسة أن حدود التغطية داخل المشفى والمحدد بـ30000 ليرة لم تعد كافية مع ارتفاع أسعار المستهلكات والأدوية والأكسجين والإقامة، حيث رفعت وزارة الصحة أجور الإقامة عام 2014، وازدادت أسعار المستهلكات نتيجة ارتفاع سعر الصرف. وهو ما حمل المؤمن له فرق قيمة الإجراء من سقف التغطية، حيث يبلغ نسبة المؤمن لهم الذين تجاوزوا سقف التغطية داخل المشفى بحوالي 40%.
واعتبرت المؤسسة أن كل هذه الزيادات وعدم كفاية التغطيات انعكست على رضا المؤمن له عن خدمات التأمين الصحي، وقزمت ما تقدمه الحكومة من تغطيات تأمينية أمام ما يدفعه المؤمن له من فرق نتيجة تجاوز السقوف التأمينية. مشيرة إلى أنه ترد إلى المؤسسة العديد من الطلبات لرفع سقوف التغطية التأمينية وخاصة من المؤمن لهم الذين بحاجة لأدوية مزمنة على مدار العام، فسقف التغطية الحالي يكفي بالمتوسط حوالي 9 أشهر للوصفات المزمنة، مما يرتب على المؤمن له تحمل قيمة الوصفات لثلاثة أشهر بالحد الأدنى.
أما المشكلة الثالثة فلها علاقة بالمؤسسة من حيث بدل التأمين الخاص ببوليصة القطاع الإداري، وفي هذا السياق توضح المؤسسة أنها تحملت منذ أربع سنوات كافة الزيادات الخاصة بالتعرفة الطبية المذكورة أعلاه دون أية زيادة في البدل التأميني، مما رفع من كلفة المؤمن له الواحد من حدود 8300 ليرة إلى حوالي 16300 ليرة، وبالتالي لم تعد المؤسسة اليوم قادرة على تحمل كلفة بوليصة القطاع الإداري دون زيادة في البدل التأميني. مشيرة إلى أن نسبة مجموع زيادة الكلفة وصل إلى 185% ( داخل المشافي وصلت 35%، والفحوصات الخارجية 30%، والأدوية الموصوفة 70%، وزيارات الطبيب 50%).
وأشارت المؤسسة إلى أن أي حديث عن موضوع التعرفة الطبية الخاصة بالتأمين يجب أن يتم في إطار متكامل، فلا يجب النظر إلى المشكلة اليوم من زاوية مقدم الخدمة فقط، أو من طرف المؤمن له، بل يجب النظر إلى مجمل المشاكل الخاصة بمشروع التأمين الصحي ووضع حلول متكاملة وليست متجزئة ترضي طرف على حساب الأطراف الأخرى، بحيث تضمن استمرارية المشروع، وتضمن تقديم الخدمة بالشكل الأمثل، وتحقيق مصالح جميع الأطراف.
المصدر: صاحبة الجلالة
↧