أثارت صور لمقاتلات كرديات يعملن ضمن تحالف "قوات سوريا الديمقراطية" الذي تقوده مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية الانفصالية (PYD)، عقب الإعلان عن تحرير مدينة منبج في شمالي سوريا، السبت، جدلاً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأظهرت الصور التي نشرتها مواقع مقربة من المليشيا الكردية، عائلات مبتهجة كانت محاصرة أثناء القتال، ورجالاً يحلقون لحاهم، وسيدات يحرقن عباءات وبراقع سوداء.
وإلى جانب تلك الصورة، ظهرت "مقاتلات أنيقات" تابعات لمليشيات كردية لا تبدو عليهن آثار القتال، إذ ظهرن كمساعدات وناشطات ومتضامنات مع الأهالي، رغم حملهن السلاح.
وعمدت العدسات التي التقطت تلك الصور بجودة عالية، إلى إظهار استقبال المقاتلات للأهالي بعد عودتهم من اتخاذ تنظيم الدولة لهم كرهائن، كمتضامنات إنسانيات رقيقات، حيث عدن إلى عناق الأهالي وتقبيلهم، وحمل الأطفال ومساعدة الجرحى.
وظهرت أولئك المقاتلات بلباس عسكري، لكنه جديد ونظيف، دون أية ملامح إلى أنهن كنّ يخضن قتالاً، في حين ظهرت على بعضهن آثار ماكياج.
ولا يرى طيف واسع من السوريين في مليشيات "قسد" الانفصالية، إلا احتلالاً آخر لا يختلف عن تنظيم الدولة في شيء سوى في الأيديولوجيا التي يتذرع بها كل منهما لقضم مساحات من الجغرافيا السورية.
وحذر صحفيون وإعلاميون سوريون من أن هذه الصور التي وزعتها وكالة رويترز، إنما تأتي في إطار حملة علاقات عامة للمليشيات الانفصالية المدعومة أمريكياً.
وقال الإعلامي السوري أحمد كامل بهذا الصدد: إن "الصور التي تنشر عن بطولات مقاتلات البككة الكردية، هي من عمل شركات دعاية وإعلان عالمية".
وأضاف في منشور على صفحته على فيسبوك: إنها "دعاية لا تتردد في تزوير الواقع، وعمادها الرئيسي نساء يلبسن اللباس العسكري في ساحات القتال وفي الخنادق، لكن أيديهن وبشرتهن وشعرهن في غاية النعومة، ووجوههن فيها السيلكون وعمليات التجميل، وهي مختارة لإرضاء كل الأذواق. حذار من صور منبج".
ووافقه الناشط السوري كريم عفنان، الذي رأى أنها "صور تفتقر للعفوية، ومأخوذة بدقة عالية لتجميل صورة قوة احتلال قومجية تتحالف مع المجرم الأول بشار الأسد".
ورأى نشطاء في الثورة السورية أن ما جرى من "استقبال" مقاتلات المنظمة للأهالي، لا يعدو أن يكون "مسرحية"، مشيرين إلى ما اعتبروه "دلائل" على أن بعض اللواتي ظهرن منقبات مبتهجات بطرد التنظيم، هن مقاتلات أصلاً.
إلى ذلك، رأى ناشطون أن مشاهد الفرح بقدوم "الفاتحين الجدد" هي ذاتها في كل مرة، فعندما دخل تنظيم الدولة إلى المدينة أظهر صوراً شبيهة بفرح "الرعية" بقدومه، ولطالما أظهر نظام الأسد حشوداً تفرح بسيطرته على البلدات السورية بعد إخراج المعارضة منها، مشيرين إلى أن الأمر مجرد بروباغندا إعلامية تهدف لتحسين صورة "المحتل" الجديد للمدينة، على حد تعبيرهم.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، الجمعة، سيطرتها بالكامل على المدينة القريبة من الحدود مع تركيا، وخروج آخر مقاتلي تنظيم الدولة من المدينة، بعد معارك شركة بدأت في نهاية مايو/أيار الماضي.
وتمثل عملية منبج التي أدت فيها القوات الخاصة الأمريكية دوراً مهماً على الأرض، أكبر الانتصارات التي تحققها جماعة متحالفة مع واشنطن في سوريا، منذ أن شنت الولايات المتحدة حملتها العسكرية ضد تنظيم الدولة قبل عامين.
وتمثل خسارة منبج ضربة قوية للتنظيم نظراً لأهميتها الاستراتيجية؛ حيث كانت تعمل كطريق لنقل المقاتلين الأجانب والإمدادات من الحدود التركية.