لساعات طويلة, بل لأيام
لاأخرجُ من بيتي
أقتعدُ وفادي
أطعمه بيدي, أغنِّي له
أقصُّ أظافره
فيضحكُ ملء قلبه
وأبكي ملء قلبي.
أنازله مُصارعاً, فأفترض هزيمتي
ويزهو منتصراً, يسبقه رضابه مدراراً
فشاب معاق هزم عجوزاً نخرته السنون.
جرس الباب لايُقرع, الهاتف أخرس
لاأحد يسأل عنّا في معمعة الحرب المجنونة
ووسط مجازر الحقد.
أؤلئك الذين زارونا بهدف السياحة الدينية
اكتفوا بزيادة رصيدهم من حَسَنات
تُعَزِّزُ مقامهم في جنّة الرضوان
وهؤلاء الذين زارونا بهدف السياحة الإنسانية
اكتفوا بزيارة واحدة لدقائق
ألقوا مواعظهم, ومنحونا نظرات مشفقة
وخرجوا بأناهم وقد تورَّمت زهواً وتخمة إنسانية
ليتحدثوا عن هذه الدقائق للآخرين لساعات طوال.
يجلس فادي في الشرفة وحيداً
يتحدث إلى الأصوات التي يسمعها
وإلى شخوص لايراهم
يأسف لمرور سيارات الإسعاف
ويضبط قدوم سيارة جمع القمامة
يفرح لأبواق وزمامير عربات الأعراس
ولحفيف سقوط أوراق الأشجار
يبدأ بعدِّ القذائف المتساقطة على الوعر
ويصرخ في وجه من يطلق الشيلكا
ينكمش حين يرتج كرسيه بسبب اسطوانة سقطت
يناديني خائفاً فأضمه
ويسألني متوجساً متطيراً مرتعشاً:
بابا .. هل مات أحد؟
أقبله وأهمس في أذنه:
لا ياحبيبي.. لم يمت أحد
كلنا أحياء
كلنا أحياء.. بلا حياء.
↧